المحرر موضوع: زفرات  (زيارة 23363 مرات)

0 الأعضاء و 3 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

جواد

  • زائر
زفرات
« في: 2007-11-29, 21:52:57 »
زفرات..

جلست الى نفسى أتفقد حالها وأتحسس جروحها وآلامها فلمست غصة فى حلقى وغليانا فى شرايين دمى،

ثم تذكرت كيف كانت أنفاسه ..
نعم،
نفس نظرات الحزن الدفين الحبيسة فى عينية ،
وذات القلب الملتاع الذى يعصره الحزن والأسى.

كانت زفراته الحارة لا تئن ولا تهدأ، وقلبه الدامى يحترق فى لوعة واشتياق.
لم يكن ابدا جوادا عاديا يركن الى ما يركن اليه اقرانه أو يحنى رأسه لأغلاله.

ولزفرات القلب قصص لا ينتهى ومعان لا تقدر على وصفها الكلمات وعليها أقام الشعراء دواوينهم
فمنهم من ضل طريقة متحسرا على حبيب لم ينعم به فى حرام،
ومنهم من جلس على أطلالها يندب حظه والدنيا التى لا تصادف هواه.
ومنهم من جعلها سقيا لظلم وانتقام.

ثم هناك من جعل زفراته دليلا ومرآة،
تتحرك عاطفته نحو دينه فتختلط بقلب منكسر لله لا يرى فى الدنيا غير سبيل ربه ورفعة لواء الإسلام،
تدله على ما يغفل عنه الكثير وتعكس له صورة النفس واضحة بلا تبديل..

كلما نزلت الى الشارع وكلما خالطت الناس التهبت زفراتى وتلاحقت فى سرعة تنهدر كموج عات يضرب جدران قلبى وعقلى.
ثم تناهت الى مسامعى الدعوات أن عليك بالعلم فإنه مفخرة وعلاء.
وعلى الجانب الآخر عزاء،
لا نزال نسمع مذ كنا صغارا عن مكانة العلماء، ولم يزل جل الآباء الذين أنعم الله عليهم بالهداية لا يريدون لأبنائهم غير هذى المكانة.
ولا أدرى ما الذى حدث حتى أختل ميزان العقل فى صدورنا فصرنا نحلم دون حكمة أو تخطيط،
فإذا كانت الغاية حقا هى خدمة الدين فلم لا نربى اولادنا على الفهم الشامل كل حسب ميله ورغبته؟

ففى غمرة نشوتنا ونحن نتخيل منظر تكريم ابنائنا بنبوغهم فى علم من العلوم ننسى او نتناسى لسان الحال،
ننسى أن جل علماء أمتنا قد دفنوا حين لم يجدوا من يمد لهم يد العون فيكفيهم معيشتهم وكلفة أبحاثهم.
ننسى أن جل علماء أمتنا لم يصبحوا علماءا الا عندما ذهبوا الى الغرب لينفق عليهم ويرسم شباكه حولهم حتى لا يعودوا الى أمتهم،
فإن غلبهم صوت ضميرهم أخرسه صوت فساد الزمم وانصراف أصحاب المال عنهم فى بلادنا.
فيصبح الغرب ملاذهم الأخير وخيارهم المر،

نعم هناك من العلوم الخدمية ما يمكن العودة بها والنفع فى بلادنا لا عذر لأصحابها ان آثروا المال الوفير لجيوب أعدائهم،
وفى الوقت ذاته لا نستطيع أن نطلب من أصحاب العلوم الإبتكارية العودة ليقتلهم صاحب منصب أو مال.

نعم لا هداية لأمة من غير علم نافع ينير دربها ويهديها الطريق المستقيم،
ولكن يجب الا ننسى ابدا أن ابو بكر رضى الله عنه لم يكن ليستطيع ما استطاعه دون بذل ماله فى سبيل الله،
وأن كثيرا من الأئمة كانوا يرعون من يتوسمون فيه الخير ويكفونهم تكاليف العيش ليتفرغوا للعلم،
بل جرت العادة أن يجرى الخليفة للعلماء نفقة راتبة من بيت المال حتى لا يشغلهم كسب قوتهم عن الإضافة لعلومهم.

فإذا كنا كلنا سنربى كل أولادنا ليكونوا علماءا فكيف سنجاوبهم حين يشكون معيشتهم وعدم قدرتهم حتى على تحصيل اولويات حاجاتهم؟
ترانا سنطلب منهم أن يستغلوا علمهم لكسب المال أم نقنعهم بإنتظار من يأتى فيتكفل بأمورهم حتى يتفرغوا للعلم والإبتكار؟

إذا كنا سنربى كل أولادنا ليكونوا علماءا فمن سيعين الفقراء وذوى الحاجه بالمال ؟

اذا كان علينا ان نفيق فيجب أن نخلص أنفسنا من أنانيتها ورغبتها فى الزهو والتفاخر ولننظر حاجات مجتمعنا على الحقيقة.

فإذا كان الناس قد جعلوا كنز المال وتحصيل الشهرة غايتهم التى لا يفرطون بها فلنربى نحن أولادنا على الكسب للعطاء.
ولنربيهم أن يكونوا مثل أبى بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.

فهل ترانا نقدر حقا على ذلك، أم سنلقى بالتبعة على غيرنا فيضيع المعنى مع الكثير الذى ضاع.

فإذا تنهدت على ذاك وجدتنى أتنهد على حال شبابنا وقد اتخذوا من الطرقات ناديا ومجلسا يقتلون فيها الوقت وأنفسهم معه.
وترى الغالبية وقد رفعت اعلام البطالة السوداء تعلن استسلامها للواقع المزرى وتلعن الظروف التى اودت بأحلامهم.
فإذا أمعنت النظر جيدا وجدت ان البطالة شبح لا وجود له الا فى رؤوسنا اصطنعناه بأيدينا وسقيناه بماء الجشع والكبر،

والسوق الذى سأل عنه المهاجرون الأوائل تغيرت ملامحه وتبدلت صفاته،
وأصبح الغش أولى القواعد والإستغلال والجشع اركانه الرئيسية وسياسة الغاب هى القانون الذى يحتكمون اليه.
ثم نندب حظنا بعد ذلك ونشكوا كساد سوق العمل !

فإذا ما اتجهنا الى المهن الحرفية انصبت علينا لعنات المجتمع ووضعنا فى قائمته السوداء من المهانين والأذلاء،
وأصبحت القاعده أن نبتسم فى وجه الطبيب مصاص الدماء ونتجهم فى وجه الحرفي الشريف.

والويل كل الويل لهذا الحرفى ان تقدم لخطبة ابنتنا حتى لو كان أكثر منها ثقافة وعلما..

لماذا اذن نتعجب مما يحدث ونشكوا من العنوسة وارتفاع نسب البطالة!!

انها أشد الزفرات وجعا وألما،
حين نزيف الأمور برغبتنا ولا نخجل من الأنانية وهى تقطر من حروف كلماتنا ويصدح صداها فى اركان أفكارنا ثم ندعى أننا لا نملك من الأمر شيئا،
والكيس يعرف أنه اذا انتظر الفرد من المجتمع أن يغير نظرته ومن الآخرين ان يأخذوا زمام المبادره فعلية ان ينتظر حتى يوافيه أجله.

واذا كانت زفراتنا لا تعدوا كونها تنفيسا لا يتبعه عمل فأولى بها الا تخرج من مكانها وأولى بنا ألا نتحدث عنها
..

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: زفرات
« رد #1 في: 2007-11-30, 11:16:11 »
جميلة

ونعود للتعليق لاحقا إن شاء الله

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ahmed

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 98
  • الجنس: ذكر
رد: زفرات
« رد #2 في: 2007-12-01, 03:57:41 »
وزفرة حارة تخرج من القلب ملتهب كلما قرأنا وسمعنا وشاهدنا التناحر والتشاجر بين ابناء هذه الامة ، نشاهده على جميع المستويات ، بدأ من قيادتها السياسية وانتهاء بشبابها الصغار من مشجعي الكرة
تزداد هذه الزفرة حرارة كلما قرانا او سمعنا او شاهدنا الخطوات التي يخطوها الغرب نحو الوحدة الاقتصادية والسياسية حتى يقتربوا من حلم البعض في "الولايات المتحدة الاوروبية" ، ولايات يزيد عدد اللغات المستخدمة فيها على العشرات وعدة اديان سماوية وغير سماوية والاغلب منهم لا دينيين

وانا لله وانا اليه راجعون
حارَ فكري.. لستُ أدري ما أقولْ
أيُّ طُهرٍ ضمَّه قلبُ الرسولْ
أيُّ نورٍ قد تجلَّى للعقولْ
أنتَ مشكاة الهدايةْ.. أنتَ نبراسُ الوصولْ
أيُّ مدحٍ كان كُفْواً للشمائلْ
يا رسولاً بشَّرَتْ فيه الرسائلْ!
أيُّ كونٍ نبويٍّ فيك ماثلْ!!
أنت نورٌ.. أنت طهرٌ.. أنت حَقٌّ هَدَّ باطلْ
[/b]

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: زفرات
« رد #3 في: 2007-12-03, 00:20:27 »



السلام عليكم

طرحت في خاطرتك هذه يا جواد عددا من الأفكار المهمة والمؤلمة أيضا...

فغياب الهدف الحقيقي من التعليم...

لماذا نعلم أبناءنا؟

لأن العلم يرفع بيتا لا عماد له؟ لرفعة الاوطان والمجتمعات وتوسيع الآفاق والمدارك؟ أم لتحصيل مركز اجتماعي  مرموق، وبالتالي جمع المال؟

بعض الآباء إن رأى أبناءه مهتما بدروس الدين أو حفظ القرآن أو مطالعة بعض الكتب، ينهره ويزجره حتى لا يضيع وقته ويتفرغ فقط للدراسة المدرسية
بعض الآباء يحرص على أن يقفز ابنه سنة أو سنتين في المدرسة إذا لمس منه بوادر نباهة أو ذكاء، ليختصر سنوات الدراسة، ويفتخر أن ابنه تخرج صغيرا، فيقتل بذلك طاقته الزائدة ونباهته الواضحة في تحديات المناهج الدراسية المتقدمة على عمره، فلا يستفيد منها في مزيد ثقافة أو تحصيل...
وبعضهم يجرفه بريق العلم فيندفع إلى وضع أبنائه في المدارس الاجنبية، منبهرا بمناهجها المزخرفة والمتطورة... فماذا تكون النتيجة؟
تكوين شاب منفصل عن ثقافته ووطنه، متصل بثقافة العدو عقلا وروحا وقلبا... فإما الهجرة إليه، أو العيش بمبادئه وأخلاقياته وثقافته بين بني وطنه...

إضافة لما ذكره جواد من عدم وجود هيئات أو مؤسسات ترعى العلماء والنابغين
عدم تقبل المجتمع لفكرة العالم أو المثقف الذي لا شهادة رسمية له
عدم وجود رواتب جيدة تكفل حياة كريمة لمن يهب نفسه للعلم يريد به رقي وطنه ورفعته
فيضطر الجميع للبحث عما ينفعهم ويفيدهم ماليا وماديا
فيتحول العلم لعبد للمال...

وتتحول الشهادة لوسيلة تحصيل مالي، أو ديكور ومظهر لا بد منه



فما هو الحل؟

اقتباس
اذا كان علينا ان نفيق فيجب أن نخلص أنفسنا من أنانيتها ورغبتها فى الزهو والتفاخر ولننظر حاجات مجتمعنا على الحقيقة.

فإذا كان الناس قد جعلوا كنز المال وتحصيل الشهرة غايتهم التى لا يفرطون بها فلنربى نحن أولادنا على الكسب للعطاء
.

لكننا نربي أبناءنا حقيقة على ما ينفعهم شخصيا، ولا احد يربي أبناءه على ما ينفع المجتمع أو الأوطان على أساس أن هذه عبادة يتقرب بها لله عز وجل
قد نغرس فيهم حب الصلاة والصيام، وربما نفرح لو حفظوا القرآن، مزيد زهو ومزيد تفاخر
لكننا لا نفكر أن نربيهم على نكران الذات، والبحث عما يخدمون به المسلمين ولو كان حرفة بسيطة، لأننا نحن لسنا كذلك
لم نتشبع بقيم الدين وأخلاقياته، ولا باحتساب الاجر عند الله عز وجل.. فما لا نفع له قريب في الدينا لا نريده...


لكن ما دور الشباب؟
أليس لهم دور؟
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: زفرات
« رد #4 في: 2007-12-03, 00:22:08 »
وزفرة حارة تخرج من القلب ملتهب كلما قرأنا وسمعنا وشاهدنا التناحر والتشاجر بين ابناء هذه الامة ، نشاهده على جميع المستويات ، بدأ من قيادتها السياسية وانتهاء بشبابها الصغار من مشجعي الكرة
تزداد هذه الزفرة حرارة كلما قرانا او سمعنا او شاهدنا الخطوات التي يخطوها الغرب نحو الوحدة الاقتصادية والسياسية حتى يقتربوا من حلم البعض في "الولايات المتحدة الاوروبية" ، ولايات يزيد عدد اللغات المستخدمة فيها على العشرات وعدة اديان سماوية وغير سماوية والاغلب منهم لا دينيين

وانا لله وانا اليه راجعون


أهلا ومرحبا بك يا باشمهندس

افتقدنا مشاركاتك القيمة

وزفرة حارة حقا....

ولا حل لها إلا التربية ثم التربية ثم التربية...

والله أعلم
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ابنة جبل النار

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 618
  • الجنس: أنثى
رد: زفرات
« رد #5 في: 2007-12-04, 07:44:40 »
السلام عليكم
اه من الزفرات في الدنيا ويا لها من حسرة وندامة في الاخرة عندما نسأل عن علمنا لماذا تعلمناه؟؟؟؟ليقال هذا متعلم وليكون احسن من ابن فلان؟؟؟؟؟؟
لكن ملاحظة للأخ جواد:هل تفكر بان الحرفي اقل تواضعا من الطبيب؟؟؟ :emoti_17: emo (30):نحن نعاني من تكبر الحرفيين ونلقبهم دائما بالدكتور فلان سواء اكان سباكا او نجارا او حداد...الخ
حتى تاخذ من احدهم موعدا للكشف عما تريد اصلاحه مثلا تعاني الامرين والادهى والامر انك تنتظره ساعات وهويدعي انه في الطريق اليك...مواعيد كاذبة....عدم اتقان في العمل...اجور باهظة.....لدرجة انني دائما أحلم ان تفتح جامعات لتدريس وتعليم المهن لأننا والله نحتاجهم ولكن بمواصفات تجعل من المهني والحرفي افضل افضل مما هو عليه الآن وربما حول الطلاب من الكليات الحرفية بكل ثقة ...
ما رأي الاخت ماما هادية بهذا المشروع(جامعة الحرف)....تخرج حرفيين ولكن بمواصفات الاطباء؟؟
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ﻻ إله إﻻ أنت أستغفرك وأتوب إليك[/co

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: زفرات
« رد #6 في: 2007-12-04, 12:07:23 »
اقتباس
فإذا ما اتجهنا الى المهن الحرفية انصبت علينا لعنات المجتمع ووضعنا فى قائمته السوداء من المهانين والأذلاء،
وأصبحت القاعده أن نبتسم فى وجه الطبيب مصاص الدماء ونتجهم فى وجه الحرفي الشريف.

والويل كل الويل لهذا الحرفى ان تقدم لخطبة ابنتنا حتى لو كان أكثر منها ثقافة وعلما..

لماذا اذن نتعجب مما يحدث ونشكوا من العنوسة وارتفاع نسب البطالة
!!

هذه النقطة يا جواد تبدو صادقة، لكننا لو نظرنا لها بمنظار الواقع نجدها غير واقعية..
بمعنى: قد يوجد شاب لا يحمل شهادات عليا ومع ذلك يكون غزير الثقافة والعلم والنضج العقلي... لكن ما نسبة هؤلاء؟؟ لا نستطيع ان ننكر انها نادرة جدا جدا... لأن مصادر التعليم في مجتمعاتنا اقتصرت على المدارس والمعاهد الرسمية... والتماس الثقافة والعلم من مصادر اخرى في عداد المعدوم بكل أسف... من شدة ندرته

ثم من هذه النسبة الضئيلة من الشباب المثقف بدون شهادات، ما النسبة التي فعلا إذا تزوجت من فتاة ذات شهادة عليا، لن تشعر بعقدة نقص، وبالتالي تحاول تسفيه راي الزوجة أو تجاهله من أجل أن تثبت أنها أكبر عقلا وأكثر نضجا رغم عدم الشهادة

هل التربية الاخلاقية والدينية في شبابنا وشاباتنا راسخة بالقدر الكافي الذي يجعلهم لا يتعرضون لمثل هذه الازمات.. خاصة أن الرجل بفطرته يحب دوما ان يكون متفوقا على زوجته

علينا مناقشة هذه النقطة بموضوعية للوصول لحل عقلاني واقعي يمكن تطبيقه
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: زفرات
« رد #7 في: 2007-12-06, 07:59:53 »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ أيام قمنا بجولة عبر الثانويات والإعداديات (ونسميها عندنا المتوسطات) نقود حملة للتحسيس بمخاطر مرض الأيدز ، وماتزال الحملة متواصلة ، إذ ارتأينا أن تكون الحملات التي نقودها طويلة المدى نسبيا حتى نتمكن من إفادة أكبر عدد ، ولا يستوجب الأمر العمل وفق المناسبات بل إن التوعية لها في كل زمان ومكان دور ، كان معنا أطباء ومتخصصون ، ولا أخفيكم سرا إخوتي فإن مثل هذه الحملات التحسيسية إنما هي إلا وسائل نريد أن نصل بها إلى عقول شبابنا وإلى مخاطبتهم والاحتكاك بهم من باب طرق باب الواقع والولوج منه ، وقدمنا عرضا سمعيا بصريا من إنتاجنا عن هذا المرض وكل حيثياته الصحية والنفسية ، ثم تطرقنا مع الطلبة إلى نقاشات وأسئلة وأخذ ورد ، وذلك أهم ما في الأمر ، جعلت أستكشف أفكارهم وهم يتحدثون ، وهم يسألون وهم يواجهون ، وهم متخوفون ، وأخذنا الشيء إلى شيء غيره ، إذ أننا شئنا أم أبينا هناك علاقات وثيقة تربط أمرا بأمر  ، فأخبرتهم فيما أخبرتهم وعن سؤال طرحه أحدهم هل لهذا المرض من علاج ؟ أجبته أن العلاج الوحيد حتى الساعة هو الوقاية ثم الوقاية ، ولكن من يدري ربما كان بينكم من يكتشف للمرض علاجا ........ تعالت بعض الضحكات ، وقال أحدهم صراحة : لا لا يمكن .... فاستوقفني وصوبت نحوه نظراتي ، ووجهت له حديثي في اهتمام : ولكن كيف لا يمكن ؟؟ وما الفرق بينك وبينهم ؟ أجاب : هم لديهم امكانيات أما نحن فلا نملك إمكانياتهم لنكتشف ونخترع

جواب يتكرر وحجة تتكرر ، ولحن لقناه أبناءنا منذ صغرهم بأحاديثنا أمامهم بطرق لا تأتي في طياتها بذرة أمل في إمكانية أن يصبح من عقل ذلك المسلم الصغير عقل عالم مكتشف مخترع ، التربية ثم التربية ، أحاديث أمام الأطفال عن حالنا وعن سلبية مطلقة ألقى عليها كلامهم أنواع الظلال ، سلبية نحن السبب فيها وبدل أن نتحرك ونبدّلها إذا بنا نزيد على استيطانها بالعقول استيطانا وعلى ركزها ركزا .......

أخبرته : يا بنيّ لم تقول هذا ؟؟ إسلامك أولا وثقتك بأنّ أقوم المناهج بين يديك ثانيا وثقتك بعقلك وبمكانيات عقلك ثالثا وإصرارك على العمل وعلى أن تحقق بإذن الله شيئا كل تلك إمكانيات عظيمة عظيمة فوق ما تتصور أو تظنّ تجعل منك ذلك العالم إذا أحببت ، والمادة يا بني والإمكانيات المادية تأتي باجتماع كل ذلك فيك في الدرجة الثانية حقا ، وستفتح لها أبواب، ولكنّ الإصرار والعزم والثقة بعظمة الدين الذي تدين به أكبر مقوماتك ...
إن مخ رأسك ليس بأقل طولا من مخ رأس الأمريكي أو الأوروبي الذي يخترع ، بل إنك أكمل منه بإسلامك وأقوى منه بإسلامك .... كن قويا ولتتجذر بك تلك القوة الإيمانية وسترى ما ستحقق ....

ساد بعض الصمت نتيجة انتباههم لما أقول ثم  سألتهم : أليس كذلك قالوا بابتسامات تعلو محياهم : بلى بإذن الله تعالى نستطيع .

ربما يقال أنّ العاطفة تحركني وأن كلامي محض عاطفة جياشة لا يغذيها واقع ، ولكن أنا على يقين من أنّ تربية أبنائنا هي الأساس وما نزرع فيهم هو الأساس ، يا إخوتي إنّ نقص المال وشح المادة صار ذريعة بين الذرائع التي نعلق عليها ضعفنا وخَوَر عزائمنا ، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم .
إنّنا نحتاج لخطاب قويّ يستمدّ قوته من الثقة التي لا تدانيها ثقة بعظمة الدين الذي بين جنبينا وبوجوب خدمته ومساواة حب خدمته لضرورة الدم الذي يسري بعروقنا .... إننا بحاجة لأمهات يرضعن صغارهنّ مع الحليب حبّ الإسلام وحب الذود عنه وحب إعلاء كلمته بين الأمم ، نحتاج لشباب وشابات إذا أقبلوا على الزواج فإنّهم مقبلون على زيادة عدّة الإسلام وخَدَمَته ....

حلولنا في حب متأصل لديننا لا يزعزعه من واقعنا جَلَل من الأمور والمصائب فإن كل مصيبة عدا مصيبة الدين تهون ، حلولنا في إيمانيات عالية نبثها بقوة بقوة فينا أولا ونزرعها في أبنائنا وأبناء هذه الأمة التي لا تحتاج مع ما هي فيه من وَهَن إلى كلام يزيد من وَهَنها وإلى بكاء على الأطلال ، وإنما إلى يد تمدّ لتنزيح عن الدرب ما يعيق المسير وتدعو يدا أخرى فيدا أخرى لتصبح اليد أيادي .......

حلولنا في آياء وأمهات سعيهم لأسرة ليست غايتها القصوى أن يعيش أفرادها في كنف الهدوء والطمأنينة والمظاهر الدنيوية بأوجهها العديدة وكفى ، بل بأسرة تحمل هم الأمة على عاتقها أكبر ما تحمل وتعيش وهي تحسب أيامها بعدد ما عمل أفرادها للإسلام ولخير الإسلام ، يعيش نبضا حيا بين نبضاتها بل زادا لنبضاتها وغذاء

كم من الواقع الذي يمضّنا يقابلنا في كل يوم ؟؟؟ كم من السلبيات ؟؟ كم من الخمول والتسليم والاستسلام لكل صعب ؟؟؟ العديد والعديد والعديد .....نحتاج لنفوس قوية قوية قوية ثقتها بالله وبأن الله يختبر الصادقين من عباده بصعوبة الحال وصعوبة الطريق الذي يسلكون ، نحتاج لمن يصبر صبرا شديدا ويقاوم ويغذي كل ضعف فيه بزاد إيماني يستمده من قدواته من سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم وصحابته الأطهار .

"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين"
« آخر تحرير: 2007-12-06, 08:37:42 بواسطة حازرلي أسماء »

جواد

  • زائر
رد: زفرات
« رد #8 في: 2007-12-12, 05:44:23 »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

معذرة على التأخر فى الرد ، وجزاكم الله خيرا على المتابعة،

وزفرة حارة تخرج من القلب ملتهب كلما قرأنا وسمعنا وشاهدنا التناحر والتشاجر بين ابناء هذه الامة ، نشاهده على جميع المستويات ، بدأ من قيادتها السياسية وانتهاء بشبابها الصغار من مشجعي الكرة
تزداد هذه الزفرة حرارة كلما قرانا او سمعنا او شاهدنا الخطوات التي يخطوها الغرب نحو الوحدة الاقتصادية والسياسية حتى يقتربوا من حلم البعض في "الولايات المتحدة الاوروبية" ، ولايات يزيد عدد اللغات المستخدمة فيها على العشرات وعدة اديان سماوية وغير سماوية والاغلب منهم لا دينيين

وانا لله وانا اليه راجعون


بارك الله بكم اخى ، ويالها من زفرة حارة حقا. فهذا حال العقول المغيبة التى لا تدرى من الأمر سوى سفاسفه،

عافانا الله واياكم وهدانا جميعا الى طريقه المستقيم.



لكن ما دور الشباب؟
أليس لهم دور؟


اذا كانوا أصلا لا يشعرون بحقيقة الأمر ولا يرون حولهم الا المغالطات والمفاهيم التى يغرسها المجتمع فيهم،

كيف نطلب ممن لا يعرف الداء أن يصف لنا الدواء ؟


اقتباس
فإذا ما اتجهنا الى المهن الحرفية انصبت علينا لعنات المجتمع ووضعنا فى قائمته السوداء من المهانين والأذلاء،
وأصبحت القاعده أن نبتسم فى وجه الطبيب مصاص الدماء ونتجهم فى وجه الحرفي الشريف.

والويل كل الويل لهذا الحرفى ان تقدم لخطبة ابنتنا حتى لو كان أكثر منها ثقافة وعلما..

لماذا اذن نتعجب مما يحدث ونشكوا من العنوسة وارتفاع نسب البطالة
!!

هذه النقطة يا جواد تبدو صادقة، لكننا لو نظرنا لها بمنظار الواقع نجدها غير واقعية..
بمعنى: قد يوجد شاب لا يحمل شهادات عليا ومع ذلك يكون غزير الثقافة والعلم والنضج العقلي... لكن ما نسبة هؤلاء؟؟ لا نستطيع ان ننكر انها نادرة جدا جدا... لأن مصادر التعليم في مجتمعاتنا اقتصرت على المدارس والمعاهد الرسمية... والتماس الثقافة والعلم من مصادر اخرى في عداد المعدوم بكل أسف... من شدة ندرته

ثم من هذه النسبة الضئيلة من الشباب المثقف بدون شهادات، ما النسبة التي فعلا إذا تزوجت من فتاة ذات شهادة عليا، لن تشعر بعقدة نقص، وبالتالي تحاول تسفيه راي الزوجة أو تجاهله من أجل أن تثبت أنها أكبر عقلا وأكثر نضجا رغم عدم الشهادة

هل التربية الاخلاقية والدينية في شبابنا وشاباتنا راسخة بالقدر الكافي الذي يجعلهم لا يتعرضون لمثل هذه الازمات.. خاصة أن الرجل بفطرته يحب دوما ان يكون متفوقا على زوجته

علينا مناقشة هذه النقطة بموضوعية للوصول لحل عقلاني واقعي يمكن تطبيقه


نعم أتفق معكم أن النسبة ضئيله بالفعل ولكنى اتحدث عن حالة أخرى غير ما نراه من حولنا،

فبداية ربما يساعد التعليم الجامعى على فتح أفق للعقل ولو بسيطة الا انها موجوده بالفعل،

لكن اذا نظرنا للمحصلة النهائية ستجدون أن الشهادات العليا لم تضف الى أصحابها الكثير ولم تغير من طريقة تفكيرهم كما نتخيل، وهذا ما كان يصدمنى كثيرا فى فئة حاصلة على أعلى الشهادات.

وليس معنى أبدا أن أدرب ابنى على القدرة على الكسب اننى أقول له اهمل نفسك والغ عقلك !

بل نريد حلا لعقدة الشهادات التى نتغنى بها دون معنى،

فإذا شجعنا أصحاب الشهادات الذين لم يستوعبهم سوق العمل الطبيعى لهم على الإنتاج والعمل بأى مهنة تدر لهم دخلا حلالا فهذا أفضل بلا شك من ان ينتظروا بالبيت دورهم فى وظيفة، اى وظيفة حتى ولو براتب لا يقيم حياة فرد واحد فضلا عن اسرة لمجرد أن اسمها وظيفه،

ولكن هذا لا يحدث فى الغالب لأن المجتمع وضع قانونا صارما بتصنيف الأعمال الحرفية على أنها مهينة ووضيعه،

انا لا أدعوا بقلب الحال دون تغيير،

فلا يصح ابدا أن أبدأ الحل بقبول من هو ليس مناسبا لإبنتى، ولكن الحل يبدأ بأن أغير نظرتى تجاه الأعمال والمهن وأصنع مقياسا آخر دينيا و اجتماعيا وأخلاقيا وأعمل على نشر هذا المقياس فى محيطى قدر استطاعتى.

وأن أشجع ابنى كذلك على عدم الركون الى الوظيفه والرضا بالمكوث فى البيت بلا عمل.

بل أشجعه على أى عمل شريف وأعمل على تغيير نظرته أيضا الى العمل، فأغلب هذه المفاهيم الخاطئة استقيناها منذ صغرنا وليس من السهل ابدا ان نغيرها هكذا فى لمح البصر.

ولا شك أن المشكلة صعبة حقا وخاصة فى بدايتها حيث ان كثير من المهن أصبحت ذات سمعه سيئة بالفعل حتى انطبع أصحابها فعلا بما يوصفون به وأصبح القانون لديهم أنه من لا يكون كما يقال عنه فهو غير بارع فى مهنته !!

فإلى متى سنظل واقفين مكتوفى الأيدى ؟ وكلما مر الوقت كلما ازدادت المشكلة تعقيدا..


أختاى فى الله بنت جبل النار وحازرلي أسماء،

بارك الله بكم وجزاكم خيرا كثيرا على مشاركتكم وأعود بإذن الله للتعقيب عليها .

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: زفرات
« رد #9 في: 2007-12-13, 13:35:28 »
اقتباس
بل نريد حلا لعقدة الشهادات التى نتغنى بها دون معنى،

فإذا شجعنا أصحاب الشهادات الذين لم يستوعبهم سوق العمل الطبيعى لهم على الإنتاج والعمل بأى مهنة تدر لهم دخلا حلالا فهذا أفضل بلا شك من ان ينتظروا بالبيت دورهم فى وظيفة، اى وظيفة حتى ولو براتب لا يقيم حياة فرد واحد فضلا عن اسرة لمجرد أن اسمها وظيفه،


فلا يصح ابدا أن أبدأ الحل بقبول من هو ليس مناسبا لإبنتى، ولكن الحل يبدأ بأن أغير نظرتى تجاه الأعمال والمهن وأصنع مقياسا آخر دينيا و اجتماعيا وأخلاقيا وأعمل على نشر هذا المقياس فى محيطى قدر استطاعتى.


وأن أشجع ابنى كذلك على عدم الركون الى الوظيفه والرضا بالمكوث فى البيت بلا عمل.

بل أشجعه على أى عمل شريف وأعمل على تغيير نظرته أيضا الى العمل، فأغلب هذه المفاهيم الخاطئة استقيناها منذ صغرنا وليس من السهل ابدا ان نغيرها هكذا فى لمح البصر.

كلام سليم تماما
وفعلا هذا دورنا
جميعا بلا استثناء

بارك الله فيك.. ووفقنا لإحداث نهضة في الفكر والمفاهيم


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*