ألف ليلة .. وكام يوم .. (حكاية ثورة)

[elnawawi]

باختصار شديد جدا وبدون مقدمات موضوعية معقدة ..
ولأن التاريخ يتم تزويره في كل لحظة على الهواء مباشرة .. فهذا موضوع يقص حكاية ألف يوم وليلة من الثورة المصرية ..
الموضوع بدون ترتيب معين لأن أي موضوع مرتب ومنظم لا يكتمل ..
ستكون كل مداخلة مستقلة .. ولا يوجد لها ترتيب زمني أو منطقي ..عشوائية تماما .. ولكن الشيء الوحيد الذي يربطها بالموضوع أنها حدثت خلال الألف يوم ..

لا تربطوا الأحزمة فلن نطير.. ولا تحبسوا أنفاسكم من فرط الإثارة فأغلب ما ستقرؤه هنا أنت علي علم به بالفعل .. ولا تترقبوا المشاركات فالله وحده أعلم إن كان هذا الموضوع سيكتمل أو يتوقف بعد أول مشاركة ..

[elnawawi]

الزمان : 1 يناير 2013
المكان : قاعة ما ..
الحدث : تأسيس حزب الوطن http://www.youtube.com/watch?v=fnX6Re4vq0Q

فجأة وجدنا حزب النور ينشطر إلى شطرين .. كنا نعلم قبلها وجود خلافات بين فريقين داخل الحزب .. ولكننا لم نفهم طبيعة هذه الخلافات .. وكان كلا من الطرفين يتحفظ كثيرا على الحديث عنها .. ثم وجدنا الحزب ينشطر .. والمؤتمر التأسيسي لحزب الوطن المنشق عن حزب النور يذاع على الهواء .. الحزب الجديد يتزعمه نفس رئيس الحزب القديم !! كيف يمكن أن ينشق رئيس حزب عن الحزب؟ هذا شيء لم نفهمه ولم نستطع استيعابه ..

حاولنا أن نسمع منهم لماذا انشقوا عن الحزب السلفي الكبير الذي يضم أغلب السلفيين في مصر فلم نجد جوابا شافيا .. المزيد من التحفظ .. المزيد من الغموض .. المزيد من الاسئلة التي لا إجابة لها .. مع كلام قليل عن أن هؤلاء الأعضاء تركوا الحزب لحاجتهم إلى التحرر من سيطرة "الدعوة السلفية" على الحزب !! بالنسبة لي شخصيا فالأحزاب لا يجب أن تسيطر عليها الجماعات .. ويسعدني أن يسعي البعض لإنجاز هذا .. ولكن المفاجأة كانت أن الدعوة السلفية قد أعلنت منذ شهور قليلة أو أسابيع أن رفعت يدها عن الحزب وأنها ستترك له الحرية والقرارات سيتم اتخاذها في الحزب بالطريق المؤسسية الرسمية الموجودة في لائحة الحزب !!

المفاجأة الأكبر كانت جلوس شخص مثل الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل في المؤتمر التأسيسي .. هذا الرجل يقوم بالفعل بتأسيس حزب بناء على أعضاء حملته الانتخابية ومحبيه (المشهورين باسم اولاد ابو اسماعيل) .. والكثير يعيب عليه بالفعل مضيه في هذا الطريق لأنه يفتت الأحزاب السلفية .. ولأن قيادات كثيرة في النور كنا نعلم أنها استقالات او مستعدة للاستقالة للانضمام لحزب "الأمة" الذي يسعى لتأسيسه أبو اسماعيل .. ثم الآن لا يكتفي بهذا بل يشجع ويدعم تأسيس حزب ثالث منشق من حزب النور !!! كان هذا في نظري وربما نظر الكثيرين غير مبررا .. إلا لو أسأنا الظن .. وقد كان ..

لم أجد تفسيرا منطقيا لما يحدث في تلك اللحظة سوى أن هذا الشخص - الذي كنت لا أطمئن له وقتها ولا قبلها - يسعى بإصرار متناهي لتفتيت وتشتيت الكتلة السلفية بكل الطرق .. ومادام يفعل ذلك .. فلمصلحة من يحدث هذا ؟؟ المستفيد الأول من هذا التفتيت سيكون الأخوان المسلمين بالقطع .. فأي أكثرية سيحصلون عليها في الانتخابات البرلمانية المقبلة (كان من المفترض أن تبدأ بعد شهرين او ثلاثة) ستجعلهم ينفردون بالحكم في ظل تفتت الكتل الإسلامية الأخرى .. وانعدام فرص العلمانيين والليرباليين والاشتراكيين .. إذن فهذا الشخص المدعو ابو اسماعيل قد تحالف مع الأخوان المسلمين من أجل تفتيت السلفيين لغرض ما .. ربما يكونوا قد قايضوه بمكسب كبير في المستقبل .. رئاسة الوزراء مثلا في حكومتهم المزمع تشكيلها بعد الانتخابات !!

شخصيا كنت قد وصلت لقناعة في هذه الأيام أن الشيخ حازم يصلح لرئاسة الوزراء في ظل وجود الرئيس مرسي .. وكنت لأسعد لو أعلنوا هذا رسميا .. ولكن كانت مشكلتي في الحقيقة التي كنت أراها أمامي وهي تدمير وتفتيت ثاني تيار في مصر لصالح التيار الأول .. وخاصة أن كلاهما اسلاميين .. كان هذا شيء غير مقبول وخصوصا مع معرفتنا أن الفلول فرصهم تتزايد واستمرار سيطرة الأخوان غير مضمون ..

كنت يومها غاضبا .. وظللت أردد لكثير ممن قابلتهم "هو ايه اللي بيهببه ابو اسماعيل ده؟ دي عملة تتعمل دي؟" .. كان البعض يستعجب من غضبي لأن مصلحتي الشخصية ومصلحة حزبي (الوسط) تتحقق بهذا التفتيت .. ففرصنا ستزيد في مقابل فرصهم .. ولكن هذا لم يكن أسلوبي ولا أسلوب حزبي .. فالمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة .. وكما كنا نقول (الوطن قبل الوسط) ..

دارت الأيام وبدأت تتكشف الحقائق رويدا رويدا ..
فها هو حزب النور يذهب ليجتمع بجبهة الانقاذ .. ثم ينقل الصحفيون تصريخات على لسان قياداته أن الأخوان يقودون عملية "أخونة" للدولة كنا واثقين بالدلائل والبراهين أنها لا تحدث .. ثم يقوم رئيس الحزب الجديد "يونس مخيون" بتهديد الرئيس مرسي بالانسحاب من الاجتماع لأسباب تافهة ..

في البداية لم نكن نصدق .. كنا نحاول أن نقنع أنفسنا بأن هذه تمثيلية .. أن حزب النور يسعى لتكوين ما يتخيل أنه معارضة إسلامية .. أنه يذهب لجبهة الانقاذ ليحدث شقاقا بينهم .. ولكن الايام كانت تثبت عكس ذلك .. تماما .. واتضح لنا في النهاية أن المحترمين هم من تركوا حزب النور فعلا في يناير الماضي .. وأن من بقوا هم أناس مختلفون .. لا يبدو من تصرفاتهم أنهم يبحثوا عن أي مصلحة عامة بل مصالح شخصية فقط .. وظل التجانس والانسجام يزداد بين حزب النور وبين التيار العلماني الناصري الشيوعي العسكري الذي انصهر في جبهة الانقاذ .. حتى جاءت الطامة .. ووجدنا حزب النور أحد الأركان الرئيسة في الانقلاب العسكري الذي حدث يوم 3 يوليو .. وكانت هذه الإجابة الحاسمة لكل التساؤلات والشكوك .. وعرفنا كم ظلمنا ابو اسماعيل في هذا الأمر ..

لم تنته الحكاية هنا .. لأن الانقلاب العسكري والاتحياز الرهيب من حزب النور له كشف الكثير من الحقائق الأخرى التي لم تخطر على بالنا ..
فالحزب الذي يقف بجوار من يعمل على علمنة ممنهجة للدولة ومحو كل شيء يدل على هويتها الاسلامية وعلى رأس من يسانده في ذلك الكيان الصهيوني يحتاج لمراجعة أفعاله وتصرفاه من البداية لفهمها باسلوب جديد ..
وبمراجعة سريعة جدا وخاطفة يتضح لنا أن الحرب التي خاضها حزب النور في لجنة تعديل الدستور لوضع مادة تنص أن "السيادة لله" لا يمكن أن تكون حربا مخلصة وهو الآن يسلم أن السيادة لوزير الدفاع .. وأن الحروب الشبيهة المتعلقة ببقية مواد الشريعة مشكوك في أمرها .. وأن المزايدات الكثيرة في حواراتهم وتصريحاتهم ممكن أن تكون متاجرة .. وأن .. وأن .. وأن ..
كثير من الأشياء التي يمكن فهمها بعد أن سقطت الأقنعة .. ليس أخرها تفسير كيف ترشح أشخاص لا علاقة لهم بالفكر الإسلامي السياسي على قوائم حزب النور في الانتخابات البرلمانية .. وليس آخرها حقيقة الشائعات التي ظلت تتردد طوال هذه المدة عن علاقة حزب النور بدول الخليج .. وعن الدعم الذي يتحصل عليه منهم .. أو عن علاقة بعض القيادات بجهاز أمن الدولة .. شائعات كثيرة اصبح من الممكن تصديقها بسبب مواقفهم ..

في المقابل لا توجد شائبة تشوب القيادات المنشقة والتي اسست حزب الوطن .. وراجعوا مواقف حزب الوطن كلها لتدركوا الفارق حقيقة .. ولتعلموا كيف أن الله يميز بين الخبيث والطيب .. ونحن فقط نحتاج وقتا أطول للإدارك والتمييز ..

والله غالب على امره .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

[ماما هادية]

تذكررت الان حزب الوطن.. وحزب الامة
لكني لم اعد اسمع لهما ذكرا

ولا حتى لحزب الراية الذي تم تأسيسه اخيرا بقيادة الشخ حازم
هل تم حل الحزب بعد الانقلاب؟

[سلمى أمين]

ممتع للغاية ..
الفكرة مميزة جداً , و هي كذلك مفيدة لتأريخ الالف يوم السابقين ..

[elnawawi]

لا توجد أحزاب في مصر تم حلها (ولا حتى الحرية والعدالة) ..  ولكن لن تسمعي عن أي أحزاب لأنه لا يوجد أي نوع من النشاط السياسي في هذه المهزلة التي نعيشها ..
ولكن هو موجود على الأرض .. وشبابه في قلب المظاهرات .. وقياداته في الصفوف الأولى .. وغيره من الاحزاب كذلك .. الأمة .. الشعب .. العمل .. البناء والتنمية .. ولكن هذا وقت توحد وليس تفرق .. فلا أحد يستخدم هويته الحزبية لتعريف نفسه (إلا الأفراد المعدودين على الاصابع الذين يقومون بحضور لقاءات على الجزيرة أو يقوموا بعمل اتصالات هاتفية) .. ولكن لو بحثت ستجدي أعداد كبيرة من الشهداء من شباب هذه الأحزاب .. تقبلهم الله جميعا .. وأعداد غفيرة من المعتقلين والمصابين ..

ملحوظة (الشيخ حازم لم يؤسس حزبا .. كان هناك مشروع تأسيس حزب أخذ اسم الأمة تارة والراية تارة أخرى ولكنه حتى لم يقدم أوراق التأسيس حسبما اذكر)

[ماما هادية]

لم يؤسس حزب الراية؟؟

[elnawawi]

سبايدر مان .. بطل مصر القومي الذي اختفى ..

لا أحد يتحدث عن هذه الواقعة على الإطلاق .. ماتت واختفت من جميع وسائل الإعلام الإسلامية والعلمانية .. الخاصة والحكومية بعد بضع أسابيع من حدوثها .. ولهذا سبب نستطيع أن نستنتجه بعد أن نعيد حكايتها ونتذكرها سويا ..

الواقعة متعلقة بموضوع تسلق مبنى السفارة الصهيونية في القاهرة وإنزال العلم الإسرائيلي ..
الجميع تذكر الآن هذه الحادثة التي سقطت من الذاكرة وكادت أن تنسى تماما .. ولكن السؤال الآن .. لماذا حدثت ؟ ولماذا ظهرت مظاهرات شديدة مناهضة للكيان الصهيوني ثم تبخرت واختفت بعدها بل ونسيناها تماما .. أليس هذا شيء مريب ؟؟
لهذا السبب يجب أن نعيد فتح هذه القصة من جديد .. وننظر إليها بنظرة مختلفة ..
لماذا دعى البعض إلى تظاهرات ضد إسرائيل في اغسطس 2011 ؟ شخصيا لا اذكر السبب .. ولكنني قمت بالبحث وتذكرت الآن ووجدت أن السبب كان قتل إسرائيل لبعض الجنود المصريين على الحدود .. وهذا شيء عجيب فقد قتلت إسرائيل غيرهم في أكثر من مناسبة .. ومؤخرا دخلت اسرائيل بطائرة بدون طيار واخترقت كيلومترات عديدة داخل الحدود وقتلت بعض أهالي سيناء ولم يتحرك أحد ..

المهم .. هذه المظاهرات كالعادة كان الداعي إليها حركات "ثورية وشبابية" وعلى رأسهم كما تتوقعون حركة 6 إبريل .. ورفض الأخوان المسلمين المشاركة فيها رسميا .. واتهمتهم هذه الحركات بالتواطئ والتكاسل والتقاعس ومثل هذه التهم التي كانت معتادة في تلك الشهور .. وبدأت المظاهرات واستمرت حتى الليل .. ثم فجأة وجدنا خبر عن إنزال العلم الإسرائيلي من فوق المبنى (الذي يقدر ارتفاعه ب 19 دور حسبما أذكر) وحرقه على ايدي المتظاهرين .. ولأن الأمن كان يغلق مداخل المبنى بأكمله ولا يمكن لأحد الصعود من الداخل .. فهذا (البطل المغوار) الذي أنزل العلم اضطر أن يتسلق المبنى من الخارج ..

المهم احتفل المتظاهرين بهذا "النصر" وكانوا في قمة السعادة .. وكانت الإعلام يحتفي بهذا الحدث احتفاء كبيرا مما أسعد الشعب كله من ورائهم .. بل واسعد الشعوب العربية والإسلامية التي ظل ابنائها يبعثون برسائل شكر وتقدير وتعظيم للشعب المصري العظيم الذي قام بهذه الخطوة ..

لم يقف الامر عند ذلك .. بل قام محافظ الشرقية بتكريم (البطل ابن المحافظة) بمنحه فرصة عمل ووحدة سكنية وفى اتصال هاتفي  حيا عزازي الشحات على جرأته وشجاعته ووطنيته ، وأوضح عزازى أن الشحات مثله مثل سليمان خاطر وأيمن حسن اللذين ثارا لكرامة مصر على الحدود في وجه جنود العدو، مؤكداً أن الشحات هو الذي اقتلع نجمة داوود من فوق سماء النيل وغرس مكانها علم مصر العزيز الشامخ. (تذكروا هذا الاسم وهذا التصرف جيدا فهذا المحافظ هو أحد قيادات جبهة الإنقاذ وأحد الشركاء الاساسين في الانقلاب لاحقا .. كما أنه ذكره سيأتي في العديد من الأحداث الأخرى)

ثم استمرت الفضائيات في الاحتفاء بالشاب في اليوم التالي والذي تمت تسميته سبايدر مان المصري .. وظل ينتقل من قناة لأخرى داخل مدينة الانتاج الاعلامي .. ولم تر مصر من قبل احتفاء بشخص واحد بهذه الحفاوة من قبل (ومما حكاه في هذه الحلقات الطويلة أنه اثناء تسلقه وجد أحد الضباط واقفا في أحد الشبابيك وعندما رآه الضابط في طريقه متسلقا للأعلى ابتسم له ولم يقل شيئا.. تذكروا هذه التفصيلة ايضا) .. وأصبح بين يوم وليلة حلم الشباب أن يقوموا بإنزال الأعلام الإسرائيلية من فوق هذا المبنى (وتأسست صفحات على الفيسبوك تمجيدا لاسمه وفعله .. منها على سبلي المثال صفحة "الطمي يا اسرائيل مصر فيها شباب بيطير" .. وبالفعل لم تتأخر الحركات "الثورية والشبابية" في تجديد الدعوة للتظاهر أمام السفارة الاسرائيلية من جديد .. لنفس السبب السابق ولسبب جديد هذه المرة هو أن السلطات المصرية قررت بناء جدار اسمنتي حول محيط مبنى السفارة .. ويا للعجب قامت بالفعل بإنجازه وإتمام بناءه في اقل من 48 ساعة بعد الحادثة .. مما استفز الشعب بطريقة كبيرة وخاصة مع الشحن الإعلامي الرهيب .. وشعر الشعب أن انتصاره الصغير الذي حققه بالأمس تبخر وطار بسبب قرار المجلس العسكري الأحمق .. ومن ثم كانت الاستجابة الشعبية لهذه المظاهرات الجديدة أكبر من سابقتها .. وكانت الدعوة تتضمن حمل المعاول والمطارق لهدم هذا الجدار يدويا .. شيء جميل جدا وأسعد الإسلاميين قبل غير الإسلاميين .. وعلى الرغم من ذلك لم يشارك الأخوان المسلمين وغيرهم في التظاهرة بشكل رسمي ..

وبالفعل بدأ الناس في التوافد على محيط مبنى السفارة الذي تضاعفت قوات التأمين حوله .. وبدأوا في هدم الجدار باليد وبالمطارق وبكل الأدوات .. وأحرزوا تقدما كبيرا مع زيادة أعداد المتظاهرين .. ولم يتعرض الأمن لهم .. ثم فجأة وعند غروب الشمس .. انسحبت قوات الأمن بأكملها من المكان تماما .. وصار الطريق مفروشا بالورود إلى السفارة .. ومن غير تسلق للجدران ..

السفارة كان قد تم إخلائها من العاملين في الايام السابقة .. والسفير عاد لاسرائيل .. ولم يتبق غير أفراد الامن الاسرائيليين (وهم مسلحون) .. والكل يعرف أنهم سيطلقون الرصاص مباشرة لو حدث اي اشتباك .. لذا تردد البعض ورفض البعض الآخر فكرة اقتحام السفارة من الاساس .. ولكن فجأة .. وكالعادة .. وجد المتظاهرين مجموعة تخرج إليهم من شرفة أحد الشقق المرفوع عليها العلم الاسرائيلي .. وتنزل العلم .. وتلقي بعشرات المستندات من الشرفة .. وتحدثت وسائل الإعلام كلها عن اقتحام السفارة وإلقاء المستندات السرية من الشرفة .. وفي غضون دقائق عاد الأمن ليشتبك مع المتظاهرين هذه المرة .. وكانت ليلة دامية من الليالي المعتادة أمثال محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وغيرها .. واصيب أكثر من ألف ومات ثلاثة أشخاص على يد الشرطة .. وبدأ الإعلام يقوم بالبث المباشر المعتاد والمذيعين يعلقون أن هذه أحداث فوضى وأننا كنا متحضرين وسلميين فلماذا نستخدم العنف .. وفي نفس الوقت يتهم البعض المجلس العسكري بالخيانة وقتل الشعب ... إلخ

ثم في مفاجأة أخرى أكثر لطفا نستمع لخبر أن المسئولين في اسرائلي وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شخصيا يشكر السلطات المصرية على تعاونها ويشكر الرئيس الامريكي اوباما على تدخله لانقاذ أفراد طاقم أمن السفارة الاسرائيلية !!!!! تذكرنا فجأة الطاقم الذي لم نكن نعرف مصيره في ظل هذه الاحداث .. وعرفنا أنه في الطريق إلى مطار القاهرة الدولي !!! كيف خرج من المبنى ؟؟ اسرائيل شرحت ان فرقة من القوات الخاصة أخرجتهم من الشقة الموجودة بها السفارة والتي لم تكن هي الشقة التي تم اقتحامها وبعثرة الاوراق من داخلها !!! لم نفهم كيف حدث هذا ولكن كان الشعور العام هو الارتياح الشديد والسعادة أنهم سيخرجون خارج البلاد بلا رجعة .. أو على الأقل بلا رجعة قريبا .. والحزن الشديد على الاصابات والوفيات والاشتباكات ..

وفي وسط الأحداث حدثت اشتباكات أخرى بين الامن والمتظاهرين عند السفارة السعودية الموجودة بنفس الشارع والتي كانت مؤمنة ب 8 مدرعات وعشرات الافراد من الشرطة .. لماذا تحدث اشتباكات عند السفارة السعودية ؟!!!!! شيء آخر غير مفهوم .. ولم يقف الأمر عند ذلك .. بل تم اعتقال اكثر من 70 متظاهر وتمت احالتهم للمحاكمة .. ( لاحقا تم الحكم عليهم بالسجن سنة مع ايقاف التنفيذ ) ..

بعدها مباشرة بدأت الاتهامات المتبادلة المعتادة في تلك الاوقات والتعليقات والتصريحات .. الشباب : "الأخوان لم ينزلوا ولم يساندونا" .. الأخوان "الحركات الثورية لا تستطيع حماية مظاهراتها او تنظيمها ودائما يندس البلطجية بينهم" .. حزب الكنبة : " هتخربوا البلد !!" .. المجلس العسكري "رفع حالة التأهب" .. امريكا "نحن قلقون" .. اسرائيل "يجب المحافظة على العلاقات المصرية الاسرائيلية لأنها ضمانة للاستقرار في المنطقة .. واتفاقية السلام ستستمر" .. ايران "ندعم الشعب المصري في هبته ضد الصهاينة" .. البحرين "ندين الاعتداء على السفارة الاسرائيلية في مصر" ..

عموما ما هي إلا اسابيع قليلة حتى نسي الجميع قصة انزال العلم .. وقصة اقتحام الشقة الملحقة بالسفارة .. واشتباكات السفارة .. ومعتقلين السفارة .. ودخل الموضوع طي النسيان .. ولكن ماذا تحقق من هذه الأحداث كلها ؟؟ اول شيء مطالب من البعض باستقالة الحكومة (حكومة عصام شرف التي جاء رئيسها على أعناق المتظاهرين في التحرير بعدما اجبروا شفيق على الاستقالة) .. والإعلام تحدث عن أن الحكومة قدمت استقالتها بالفعل ورفضها المجلس العسكري .. واسرائيل بدأت تتحدث عن نيتها نقل السفارة إلى منطقة بعيدة عن المناطق السكنية واسهل في التأمين (أي ستأخذ مساحة أكبر ومبنى مستقل وسور وحراسة .. إلخ) .. والسفير استمر فترة أطول بدون عودة لمصر .. والغرب تم تسويق الامر له بأن ثورات الربيع العربي ستشجع على الارهاب وعلى مصالحهم في الشرق الاوسط .. والخليج كذلك اعطوه انطباعا أن هؤلاء المتظاهرين يسعون للاعتداء على سفارة اكبر دولة خليجية وهي السعودية .. والشعب المصري الغلبان قعد شوية فرحان وبيقول ضحكنا على اسرائيل وضربناها على قفاها وعندنا شباب بيطير وبيتسلق زي الرجل العنكبوت .. (والبعض - وأنا منهم - فسر انسحاب الامن في البداية انه تسهيل لعملية الاقتحام علشان يوري اسرائيل العين الحمرا !!!)

ولكن الآن بعد تكشف العديد من الحقائق .. يمكن بسهولة فهم انسحاب الامن انه تسهيل لاقتحام البلطجية لافتعال هذا المشهد ثم الانقضاض على المتظاهرين بعد ذلك .. ويمكن فهم الشحن الاعلامي للتمهيد لهذا المشهد .. ويمكن فهم الاصرار على انجاز الجدار في سرعة قياسية ثم تركه للمتظاهرين ليقوموا بتدميره .. بل ويمكن فهم لماذا قامت اسرائيل من البداية بقتل الجنود اصلا ..


روابط :
توثيق ويكيبديا الانجليزية للحدث (مهم قراءته ليعرف كيف يحاول الصهاينة السيطرة على ويكيبديا) : http://en.wikipedia.org/wiki/2011_attack_on_the_Israeli_Embassy_in_Egypt

فيديو : http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=jlaJuwWi0zc

خبر من الجزيرة يوثق جانبا من الاحداث : http://www.aljazeera.net/news/pages/509c9ec5-0374-4a5c-b76d-680fa68755d7

احد الشهادات عن الاشتباكات وما حدث : http://rowanelshimi.wordpress.com/2011/05/17/%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%A7%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D9%87/

[ماما هادية]

لم افهم تحليلك الاخير

وسبايدر مان هو نفسه احمد سبايدر الذي ذهب لسوريا ليلتقط صورا مع الشبيحة رافعا صورة بشار؟

[elnawawi]

سبايدر مان غير احمد سبايدر .. الأول صنعته اللحظة .. والثاني يعمل مع توفيق عكاشة ومن وراء توفيق عكاشة ..
تحليلي بسيط جدا .. هو أن هذه الأحداث مفتعلة .. الشحن الإعلامي متعمد والاحتفاء الإعلامي متعمد .. وانسحاب القوات متعمد وأشياء كثيرة مدبرة .. والهدف هو إقناع الخارج أنهم سيظلون الأكثر حفاظا على مصالحهم وعلى العلاقة مع اسرائيل .. وأن الشعب المصري ضدكم وسيفعل بكم الأفاعيل لو سمحنا له بانتخاب من يمثله في انتخابات حقيقية ..

[ماما هادية]

نعم
الان اتضحت الصورة

لا ادري ما بي.. يبدو اني فعلا احتاج للزنجبيل كما نصحني بعضهم

 

[سلمى أمين]

متابعين بشغف شديد !

[elnawawi]

مشاركة اليوم صغيرة جدا ..
وهي تعليق على حرص المجلس العسكري الشديد بعد الثورة مباشرة على نفي أي صلة له بموضوع "خلع" مبارك وبممارسة أي ضغوط عليه .. كان البعض منا يعتقد أنهم لا يريدون أن يظهروا أي دور لهم في الأمر .. ولكن اتضح مع الأيام أنهم كان أشد الحرص على ألا يعلنوا أنهم اتخذوا "إجراءات ثورية" وأنهم ساروا مع القانون (ولو شكليا) .. لكيلا يسمحوا بحدوث أي إجراءات تطهير أو تغيير ثورية بعد ذلك ..

والمفارقة أنهم الآن بعد تنفيذهم لانقلاب عسكري كامل يرددون كل لحظة بأنها ثورة واستجابة لمطالب الشعب .. وكأن من خرجوا في 25 يناير ولمدة 18 يوم ذاقوا فيهم القتل والقنص والاعتقالات وكل شيء لم يكونوا شعبا (هل تذكرون قصة المؤامرات الخارجية و6 ابريل وصربيا وهدم الدولة؟) ومن خرجوا في 30 يونيو لمدة 4 ساعات هم الشعب .. ناهيك عمن يخرجون منذ 3 يوليو وحتى اليوم ضدهم ..

[ماما هادية]

هل تذكر يا نووي شهادة المشير طنطاوي المفاجئة المذهلة لصالح مبارك وانه لم يصدر اي امر باطلاق النار؟
هل تذكر المقطع المحذوف من مؤتمره مع الجيش والشرطة، الذي اوحى بعد المونتاج ان الجيش تلقى امرا بالضرب لكنه رفض الامتثال.. ثم بعد شهادة طنطاوي في المحكمة اظهروا الجزء المحذوف الذي ينفي فيه تلقي الجيش اي امر باطلاق النار

بالمناسبة.. لم يخبرنا الجيش من هم الذين اطلقوا النار اذن وقتها.. ولماذا لم يتم القبض عليهم حتى الان.. في الوقت الذي تمتلئ السجون بالمحرضين على القتل (بحسب زعمهم) ... مع ان التحريض لا يساوي مباشرة القتل .. ولا يساوي الامر بالقتل

[سيفتاب]

غالبا ما تعجبني تحليلاتك يا نووي

متابعة باهتمام

[elnawawi]

نعم أذكر .. واذكر كذلك شهادة البلتاجي أن حسن الرويني قائد المنطقة المركزية اخبره يوم موقعة الجمل انه اتصل باحد قيادات الحزب الوطني ، صفوت الشريف حسبما أذكر .. وقال له "لم ال.... بتوعك " يقصد البلطجية .. وانه اخبر البلتاجي انهم لن يعودون ثانية
واذكر الرويني نفسه وهو يعترف على الهاتف مع دينا عبدالرحمن انه هو من كان ينشر الاشاعات في ميدان التحرير ليهدئ الميدان أو يشعله  .. واذكر انه كان لدينا تفسيرات كثيرة قائمة على حسن الظن .. لاحظوا اننا كنا مقتنعين أن الجيش لا ييتم كثيرا بشخص مبارك ولكنه كان يرفض مشروع التوريث لجمال لذا لم يكن ضد الثورة بشكل واضح في البداية .. وكنا نعلم أن الجيش يريد الحفاظ على الدولة بوضعها السابق بدرجة كبيرة بدون أحداث أي تغييرات ثورية .. ولكننا كنا نصدق مبرراته من خشيته على تفكك وانهيار الدولة وان عقلية قياداته غير مرنة ولا تقبل التغيير وانها تفهم ببطء .. لاحظوا أيضا انه كان يوجد ايامها صراعا خفيا بين الجيش واجهزة أمنية أخرى .. ولكننا لم نتخيل أن حسم هذا الصراع وسيطرة الجيش على هذه الأجهزة سيؤدي الي هذا الصعار والفلك بالشعب  ومناصرة العلمانية بهذه الطريقة ..

[سلمى أمين]

و الجيش كذلك لا يقبل المشاركة . لا يمكن ان يكون في السلطة شريكاً مع احد .

* السُعار

[ماما هادية]

لأننا كنا غافلين عن البعد الحقيقي لمعاهدة كامب ديفيد، والتي كان من أهم اهدافها تدجين الجيش المصري وتغيير عقيدته
ولم نكن نعلم ان المساعدات الأمريكية لمصر لم تكن فقط لربط مصر بالاقتصاد الأمريكي، وتحويلها من اقتصاد منتج إلى مستهلك، بل كانت لتحويل المؤسسة العسكرية من رجال يحمون الديار، إلى رجال أعمال يتحكمون في اقتصاد البلد، قائمين ومتقاعدين وعلى جنوبهم، فالبلد بلدهم، والشعب رعيتهم، والعين اللي تعلى على الجاجب يقلعها القناص