المحرر موضوع: رحـــلة الصـــيد  (زيارة 8389 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رحـــلة الصـــيد
« في: 2013-05-24, 22:08:20 »


كان خرير المياه الصادر عن جدول المياه القريب يصل الى مسامع سمر الصغيرة
حثت الخطى وهي تسحب بصعوبة دلوها الصغير وحقيبة الغداء. رفعت عينيها الى جدها ووجهها يشرق بابتسامة عذبة وهتفت في ابتهاج :

- أسمع صوت الماء... لقد اقتربنا!

هز الجد رأسه موافقا وهو يبادلها الابتسامة. شقا طريقهما عبر الغابة الصغيرة القريبة من مسكن الجد الريفي. وأخيرا ظهر لهما المنحدر الصغير المؤدي الى سيل الماء العذب الذي يشق الغابة



ألقت سمر حقيبتها وتخلصت من دلوها وانطلقت نحو المنحدر مطلقة ضحكات مرحة تعبر عن أحاسيسها الطفولية البريئة. أمسكت طرف تنورتها بيدها و أخذت تنزل المنحدر في حذر. لم تكن الزاوية خطيرة لكنها لا تزال تحمل ذكريات سقوطها في الماء في رحلتها الماضية! حركت قدميها في الماء في مرح ثم التفتت الى جدها الذي كان قد انتهى من شد خيط صنارته وانغمس في اعداد الطعم في هدوء و دقة.

سارت نحوه في اهتمام و جلست بالقرب منه، و بعد قليل من التردد همست بصوت رقيق :

- جدي... أريد أن أصطاد اليوم! أرجوك يا جدي... دعني أجرب!


بدا الجد الذي تعود على إلحاح سمر لامباليا و هو يرد في هدوء :

- إنها ثقيلة عليك!

وقفت سمر و هي تشد على قبضتيها في إصرار :

- أرجوك دعني أجرب! سترى أنني أستطيع سحبها!

تنهد الجد و هو يتذكر المرة الماضية التي حاولت فيها شد الصنارة... فكان أن سقطت في الماء البارد و ابتلت ثيابها فاضطر الى دخول الماء بدوره ليخرجها... لتنتهي رحلتهما برشح لازمهما أسبوعين كاملين!

هتفت سمر و قد أدركت فيم يفكر جدها :

- لا تخف علي... لقد كبرت!

كبرت؟ إنها بالكاد تخطت سنتها السابعة و لا تزال والدتها تحمل حقيبتها المدرسية و هي توصلها الى المدرسة كل يوم! و تقول بأنها كبرت!

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: رحـــلة الصـــيد
« رد #1 في: 2013-05-24, 22:10:22 »
- حسن سأختبر براعتك أولا...

قفزت سمر في سعادة وهي لا تكاد تصدق أن جدها استجاب إلى توسلاتها

- لنر... ستراقبينني أولا... ثم أريني براعتك في التقاط السمكة ووضعها في الدلو... إن اقتنعت بتمكنك منها ننتقل للمرحلة الموالية

هزت سمر رأسها في حماس. وقف الجد وأخذ يثبت صنارته على جانب الجدول باستعمال بعض الحجارة الصغيرة. راقبته سمر في تركيز واهتمام كبيرين... فعليها أن تسجل كل التفاصيل حتى تثبت لجدها أنها كبرت!

انتهى الجد من التحضيرات واستلقى تحت ظل شجرة قريبة متوسدا حقيبته. قال وهو يغمض عينيه :

- سمر راقبي الماء جيدا ان اهتز الخيط أو لاحظت حركة حول الطعم... أيقظيني فورا...



جلست سمر القرفصاء قرب المنحدر تتطلع الى الماء. مرت الدقائق ثقيلة وبدأ الملل يتسلل إلى نفسها

التفتت إلى جدها الذي بدا أنه قد دخل عالم الأحلام فتنهدت وعادت لتتأمل الماء في ملل

فجأة لمحت سمكة تقترب من السطح! لم تكن تتجه الى الطعم بل كانت تسبح في هدوء باتجاهها هي... سمر! كأنها تتحداها!

وقفت سمر في حماس وقد استفزتها جرأة السمكة

- تعالي الى هنا! سأمسك بك!

خطت الى الماء في ثقة... انحنت وهي تضع يديها في الماء وقد استولت السمكة على كل تركيزها

إنها فرصتك يا سمر! وبكل قوتها انقضت على السمكة... وكم كانت سعادتها كبيرة حين قبضت عليها بكلتا يديها وأخرجتها من الماء!

هتفت في فرح :

- جدي استيقظ... لقد أمسكت سمكة!

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: رحـــلة الصـــيد
« رد #2 في: 2013-05-24, 22:12:04 »
لكنها توقفت فجأة وهي تنظر الى سمكتها في قلق... كان ذلك غريبا... أمسكت سمر بالسمكة التي استكانت بين كفيها بلا حراك... هذا غريب! لقد تعودت أن تلقى مقاومة من السمكة، فتتراقص بين يديها في استماتة محاولة النجاة من قبضتها والعودة إلى الماء... إلى الحياة



اقترب الجد مسرعا وقد أيقظه صراخ سمر و صخبها. رنت إليه سمر في حيرة ومدت له سمكتها المستسلمة وهي تهز كتفيها في استغراب. تفحصها الجد في اهتمام ثم رفع حاجبيه في دهشة :

ـ إنها ميتة... منذ فترة...

هتفت سمر :

ـ ولكنها كانت في الماء... أنا اصطدتها!

هز الجد رأسه موافقا :

ـ نعم... لكنها كانت ميتة في الماء...

ازدادت حيرة سمر وهمهمت في عدم تصديق :

ـ سمكة تموت... في الماء؟!

كان كلام جدها يبدو منافيا للعقل. فقد تعلمت أن السمك يعيش في الماء... وإذا خرج من الماء يموت... لكن أن تموت سمكة في الماء، فذلك ما لا يمكنها استيعابه!


غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: رحـــلة الصـــيد
« رد #3 في: 2013-05-24, 22:16:29 »
تقدم الجد نحو المنحدر وانحنى ليراقب سطح الماء، فرأى مجموعات من السمك تقترب رويدا رويدا وتطفو دون حراك وقد فارقتها الحياة! وما لبث أن لاحظ بقعا زيتية كئيبة اللون...
طاردته سمر في إصرار :

ـ جدي... كيف تموت السمكة في الماء؟

تنهد الجد وهو يستعد للشرح :

ـ السمكة تعيش في الماء لأنها تجد في محتوياته الطبيعية ما يتلاءم وحاجيات جسدها من الهواء والغذاء الضروري... مثلما يجد الإنسان والحيوانات البرية ما يناسبهم على اليابسة... فإذا فقد الماء خصائصه الطبيعية الهامة التي تحتاجها السمكة، مثل تلوث الغذاء أو نقص الهواء، فإنها تموت...



عقدت سمر حاجبيها وأخذت تفكر :

ـ مثلما يموت الإنسان إذا كان الطعام فاسدا... أو يختنق في غياب الهواء...؟


أومأ الجد برأسه موافقا ثم تطلع إلى السيل المتدفق وهو يتساءل : من أين أتت بقع الزيت تلك؟

ـ تعالي...

تبعت سمر جدها بخطى حثيثة وهو يصعد التلة الصغيرة من حيث يصب الجدول. فجأة توقف وهو يتأمل قناة صرف تصب مباشرة في الجدول

هتفت سمر في استنكار و هي تشير إلى حيث ينظر جدها :

ـ أرأيت يا جدي؟ ماء ملوث يختلط بماء الجدول النظيف!

راحا يراقبان السوائل الكيميائية وهي تتحلل بسرعة في الماء الذي تغير لونه مائلا إلى الصفرة، في حين تتكون بقع الزيت تدريجيا وتطفو على السطح وتنتشر مع السوائل السامة في سرعة رهيبة

تنهد الجد في مرارة وألم وهو يتمتم :

ـ انتهت رحلة الصيد...

لكن سمر هتفت في انفعال :

ـ من الذي وضع هذه القناة هنا؟ إنها تلوث ماء الجدول وتقتل الأسماك!

رفع الجد نظره إلى البناء الشاهق الذي يظهر من وراء الغابة : المصنع الجديد! إنه المسؤول عن هذه المأساة.

رفعت سمر رأسها بدورها، فتحول انفعالها إلى غضب وعداء تجاه ذلك البناء و كل من فيه :

ـ جدي... يجب أن نفعل شيئا! إنهم يحرموننا من رحلة الصيد... ويحرمون الأسماك من الحياة!

هز الجد رأسه موافقا و قال في حزم :

ـ أنت على حق يا سمر... لا يجب أن نسكت عن حقنا في بيئة نقية!

جمعا حاجياتهما في حزن وأسى. ثم سارا في طريق العودة وسمر لا تتوقف عن التهديد والوعيد...

أما الجد فكان يفكر في زيارته القريبة لرئيس بلدية المنطقة...


كتابة: خولة
رسم: سُفينة
تلوين: زينب

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: رحـــلة الصـــيد
« رد #4 في: 2013-05-25, 10:27:35 »
جميلة يا زينب

ماشاء الله

بوركتم
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 6546
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: رحـــلة الصـــيد
« رد #5 في: 2013-05-25, 10:41:37 »
رائع يا زينب، قصة هادفة، ورسوم مناسبة وتلوين جميل، تستحق الطبع، بارك الله فيكم يا زينب ويسر لكم أن تقدموا المزيد  emo (30):
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
رد: رحـــلة الصـــيد
« رد #6 في: 2013-05-25, 11:12:09 »
جميلة يا زينب

أين مريم وزينوبة وهاجر؟ نريد معرفة رأيهن لأنه الأهم  :emoti_26:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل ابنة جبل النار

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 618
  • الجنس: أنثى
رد: رحـــلة الصـــيد
« رد #7 في: 2013-05-26, 07:33:08 »
رائع يا زينب، قصة هادفة، ورسوم مناسبة وتلوين جميل، تستحق الطبع، بارك الله فيكم يا زينب ويسر لكم أن تقدموا المزيد  emo (30):
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ﻻ إله إﻻ أنت أستغفرك وأتوب إليك[/co