المحرر موضوع: زيــــــارة فجائــــية  (زيارة 4220 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
زيــــــارة فجائــــية
« في: 2013-05-30, 14:13:43 »


دفع طارق باب الحديقة بقوة و دخل راكضا، في لحظات كان قد تجاوز الأمتار الخمسة التي تفصله عن باب المنزل في وثبتين رشيقتين.
هتف وهو يدخل مسرعا : السلام عليكم...

ثم مر مباشرة إلى غرفة الجلوس، رمى بحقيبته المدرسية جانبا وفتح الجهاز العجيب. تسمر طارق أمام شاشة التلفاز يتابع بعيون مفتوحة عن آخرها وتركيز تام أحداث الشريط المصور للأطفال. كان حماسه قد بلغ ذروته وهو يرفع يده ملوحا مع قفزات البطل الهمام الذي يركض في الطرقات المتفرعة بسرعة مبالغ فيها ويتجاوز الحواجز برشاقة لا مثيل لها تلاحقه مجموعة من الأشرار على دراجات نارية وآخرون في سيارات سوداء. والبطل شاب شجاع، ملامحه طفولية لكن أفعاله مبهرة. ووجد طارق نفسه يهتف وأنفاسه تتلاحق مع أنفاس البطل المتسارعة : "هيا يا وليد! لا تتوقف أرجوك، سيلحقون بك!"

كان البطل وليد، شخصية الصور المتحركة قد توقف من التعب ليستجمع قواه، وقد أوشك ملاحقوه على اللحاق به.

ـ طارق، هل يمكنك أن تذهب لشراء بعض الحاجيات؟ يلزمني الزيت ومعجون الطماطم لتحضير الغداء




لم يجب طارق و لم يبد عليه أنه سمع كلام أمه أصلا
ـ طارق بني، أبوك سيعود بعد قليل من العمل... يجب أن أعد الغداء قبل وصوله. ليس لديه الكثير من الوقت للانتظار. تعرف أن أباك يدخل مسرعا ويخرج مسرعا للعودة إلى عمله...

لم يلتفت طارق إلى أمه ولكنه هتف منفعلا
ـ نعم الآن! اقفز، لن يلحقوا بك!

تنهدت الأم في يأس
ـ لا حول ولا قوة إلا بالله، أمري إلى الله...

خرجت الأم إلى البقال وعادت بعد قليل تحمل المشتريات. في طريقها إلى المطبخ مرت بغرفة الجلوس وألقت نظرة على طارق. كان لا يزال يشاهد التلفاز لكن لم يكن هناك نفس الأبطال. الإطار كان ملعب كرة قدم... الجميع يركض خلف الكرة بإصرار وبدا طارق أكثرهم إصرارا!



ـ نعم هياَ! حاصره، من هنا... لا تتركه يمر، أحسنت خذ منه الكرة...

بدا كأنه مدرب فريق الكرة من الشخصيات المصورة. يوجه الجميع ويوزع التعليمات يمنة و يسرة
ـ الآن... سدد الآن!!

هزت الأم رأسها في أسى وعادت إلى مطبخها دون أن تنطق بكلمة.
فتح الأب الباب و دخل قائلا
ـ السلام عليكم...

ظهرت الأم مبتسمة و أخذت عنه معطفه و أكياس الحاجيات.
ـ أين طارق؟ أليس هنا؟

أشارت الأم في امتعاض إلى غرفة الجلوس وهزت كتفيها في تسليم. توجه الأب إلى غرفة الجلوس ونظر إلى طارق الذي لم ينتبه إلى وجوده
ـ السلام عليكم...

ـ و عليكم السلام و رحمة الله...
رد طارق دون أن يلتفت أو يرفع عينيه عن الشاشة

ـ كيف كانت المدرسة اليوم؟

ـ بخير, الحمد لله
كان طارق يتكلم بآلية دون تركيز وقد استحوذ برنامجه المفضل على كل اهتمامه



ـ ما هذا الذي تشاهده؟
ـ هه؟

لم يلتفت طارق فقد كانت عيناه مثبتتين على الرجل الذي يظهر على الشاشة ويقف وسط الحلقة وقد أحاط به جمع من الأطفال يراقبون حركاته بنظرات تشبه نظرات طارق من حيث التركيز والاهتمام.

ـ ما الذي يفعله هذا الرجل؟
سأل الوالد في محاولة لتحويل اهتمام طارق وفتح باب الحوار

ـ إنه ساحر...
أجاب طارق باقتضاب حتى لا يضطر إلى ترك البرنامج ولو للحظة قصيرة.
تطلع الأب إلى الشاشة للحظات ثم هتف
ـ هذا الرجل ليس أبرع مني في السحر، يمكنني أن أقوم ببعض الألاعيب أمامك إن شئت!

نظر إليه طارق في ملل وإشفاق
ـ أرجوك أبي، فيما بعد... ألا يمكنني أن أشاهد ما يقوم به أولا؟

قام الأب في يأس و هو يقول في نفسه " لا فائدة".
انتهى الأب من غدائه و قام للعودة إلى عمله. في طريقه مر على غرفة الجلوس ليلقي نظرة.
ـ طارق، لا تنس أن تقوم بدروسك... ولا تنس وقت الصلاة!

رفع طارق رأسه هاته المرة لثانية واحدة ليلوح لوالده ويقول مطمئنا
ـ لا تقلق، سأفعل...




« آخر تحرير: 2013-05-30, 14:19:17 بواسطة زينب الباحثة »

غير متصل زينب الباحثة

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 1938
  • الجنس: أنثى
  • إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
رد: زيــــــارة فجائــــية
« رد #1 في: 2013-05-30, 14:17:36 »


كان طارق لا يزال يتابع برنامج الساحر... وفجأة تغيرت ملامح الساحر، و بدا كأنه يوجه نظراته إلى طارق بالذات. عقد طارق حاجبيه في شك ظنا منه أنه يتخيل، لكن الساحر هتف به :
ـ أنت... يا ولد!

تلفت طارق حوله في ارتياب، لكن الساحر لم يمهله، و بحركة بهلوانية رشيقة قفز خارج الشاشة ليقف أمامه مباشرة! ذعر طارق وهب واقفا وهو لا يكاد يصدق ما يرى... لكن الساحر تابع :
ـ ألا تخجل من نفسك؟ كيف تخاطب والدك بهذا الإهمال؟ ثم هل عملت بما أوصاك؟ انظر إلى النافذة... لقد تأخر الوقت وحل الظلام و أنت لم تقم لأداء صلاتك بعد!

في تلك اللحظة تناهى إليهما صوت آخر يأتي من ناحية الجهاز... صوت مألوف بالنسبة إلى طارق :
ـ معك حق أيها الساحر... أنا أيضا لم تعجبني تصرفات طارق!

التفت طارق ليجد قائد فريقه المفضل في كرة القدم يظهر على الشاشة وهو لا يزال يرتدي بدلته الرياضية المميزة. وفي لمح البصر، كان هو الآخر قد قفز في خفة ولياقة ووقف قبالة طارق بعد أن اخترق الواجهة البلورية دون أن يكسرها! اقترب منه طارق في انبهار ومد يده إليه ليلمسه و هو يهتف :
ـ هل أنت حقيقي؟



كان الخوف قد ذهب عنه وحل محله الفضول والانجذاب القديم نحو شخصياته المفضلة التي زارته في منزله دون سابق موعد... تجاهله اللاعب الشاب و هو يقول في حزم :
ـ أنا أيضا شاهد على سوء معاملتك لوالديك وعدم طاعتك لهما... كيف تترك والدتك تخرج إلى البقال لشراء الحاجيات، في حين تجلس أنت أمام التلفاز في لامبالاة؟ و ماذا لو فاتتك الحلقة... يمكنك مشاهدة الإعادة... في حين أن رضا والدتك عنك لا يتحمل الإعادة! انظر إلي و إلى مهارتي وشهرتي... هل كنت لأحقق شيئا لولا رضا والدي عني؟ طبعا لا!

ـ و لا تنسوا أمرا هاما!

التفت الجميع إلى مصدر الصوت ليكتشفوا القادم الجديد الذي أخذ مكانه بينهم بدون أن يشعروا بوجوده... إنه البطل الهمام الذي ينقذ الضعفاء و يقف في وجه الأشرار دائما! بطل الشريط المصور الذي يدمنه طارق أكثر من أي برنامج آخر!
ـ دراستك يا صديقي! رأيتك وأنت ترمي حقيبتك المدرسية منذ وصولك... و ها أن النهار قد انقضى وأنت لم تتحرك من مكانك، ولم تراجع دروسك!

طأطأ طارق رأسه خجلا أمام الشخصيات التي يحبها ويتابعها كل يوم بكل لهفة... لكنه كان خجلا من نفسه، لم يرد أن يكون لقاؤه الأول بهم بهذا الشكل... هل بقي لديه أمل لكسب صداقتهم؟

ـ اسمع...



رفع رأسه حين تكلم الساحر:
ـ نحن يسعدنا أنك تحب برامجنا وتتابعها... ولكننا نريد مصلحتك... ولا نود أن نكون السبب في ضياعك...

هز طارق رأسه متفهما فبادره اللاعب الرياضي :
ـ إذن، هل أنت مستعد لتغيير تصرفاتك؟
هز رأسه من جديد في حركة سريعة معبرا عن موافقته. نظر إليه بطل الشريط المصور و قال :
ـ وما الذي ستفعله الآن؟

ـ سأقوم بدروسي... و أطيع والدي وأسمع كلامهما...

عقد الساحر حاجبيه وهو يقول :
ـ ألم تنس شيئا؟

حك طارق رأسه متفكرا ثم هتف :
ـ الصلاة... نعم!

ـ نعم أحسنت... لا تنسى أننا نراقبك... وأن الله يراقبك!



ـ طارق، طارق، استيقظ... هل أديت صلاتك؟

فتح طارق عينيه بصعوبة، كانت أمه تهزه في رفق. تطلع إلى النافذة : الحمد لله لم تغب الشمس بعد! لكن شخصياته المفضلة كانت قد اختفت... التلفاز لا يزال مفتوحا ويعرض نشرة الأخبار.

ـ طارق، هل صليت العصر؟


وقف طارق في سرعة و فرك عينيه ليطرد آثار النوم
ـ سأذهب حالا يا أمي... ولن أتخلف عن صلاتي مستقبلا... وأعدك بطاعتك وطاعة والدي... وسأهتم بدراستي أيضا...

نظرت إليه أمه في حيرة في حين قبّلها طارق بسرعة قبل أن ينهض للوضوء وعلى شفتيه ابتسامة عريضة... لقد كان حلما جميلا!




كتابة: خولة
رسم وتلوين: رانية وسفينة وزينب
« آخر تحرير: 2013-05-30, 14:21:16 بواسطة زينب الباحثة »

غير متصل سلمى أمين

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 2671
  • الجنس: أنثى
  • و مالنا ألّا نتوكل على الله، وقد هدانا سُبلَنا ..
رد: زيــــــارة فجائــــية
« رد #2 في: 2013-05-30, 21:48:23 »
سبيس تون ضيعتنا ..

:)

قصة جميلة ..

و لأنها للاطفال .. لن أناقش الكثييير من النقاط :)
أتعلمين ما هو الوطن يا صفيّة ؟

- الوطن هو ألّا يكون هذا كلَّه .. [/