كانت عربات التاكسي القديمة في القاهرة لا تستخدم العداد الذي يبين قيمة التوصيلة و كان الكل يركبه و من لا يتفق على الاجرة مسبقا كان يحدث مشاجرة وقت الدفع غالبا. و ظهر التاكسي الجديد لكن العداد يبدا من 2.5 و كل كيلو ب 1.25 فخاف الناس من الأرقام المهولة للاجرة في اي مشوار. و لم يكن أي شخص يركبه.
حتى حدث ما حدث من فترة و بدون مقدمات ان فقد التاكسي القديم شعبيته و اتضح انهم كانو يغالون في الأجرة . فمثلا مشوار يتكلف 20 على العداد الجديد يطلب في سائق القديم 25 أو اكثر و هذا عن تجربة شخصية في اكثر من مشوار تكرر بين التاكسي القديم و الجديد حتى وصلت الى مرحلة انني لا اشير الى القديم لكي يقف مطلقا و راضي بأجرة الجديد مهما كانت غالية. و غيري الكثير.
و ما يحدث في مصر هو نفس ما يحدث بين الأفراد و التاكسي. وصلنا الى مرحلة عدم الثقة في كلام الاخرين خاصة لو كان كلام تقديري و إرشادي . فمثلا لا نثق في المجلس العسكري عندما يقول سأسلم السلطة في وقت قليل فمسألة قليل هذه نسبية و قد تأخذ سنوات فطالب الشعب بتاريخ محدد.
الناس اصبحت لا تريد اي شئ تقديري أو ارشادي بل وصلنا الى ثقافة العداد فقط . فنحتاج الى قوانين نصية مكتوبة و صريحة في كيف نصحو و ننام و ناكل و نشرب و نلبس الجوارب و نغسل اسناننا . كل خطوة بإستفتاء و كل شئ يقانون صريح و واضح ينظمه و لا مجال للثقة في تقدير الغير فالقليل و الكثير امر نسبي