صورة وأي صورة هي، واسمها .... وأي اسم .....وأي وصف وصفها ........!!قاسم .... الطفل الشهيد
*******************
الطفل الشهيد ....
كلمتان هزتاني .... طفل وشهيد ... إن كانت الشهادة أمنية من كبُر ورشد وصلح وأيقن أنها أكبر القربى من الله عز وجل، يتمناها لينال بها الكرامة، ليحيا خير الحياة ويُرزق أحسن الرزق، ولتحيا أمته، وليحيا دينه.........، ليمحو بها ذنوبا يخشاها..... ليفوز بها بالرضى.... وبالجنان وبالفراديس العُلا ....
فهل يُنعَت الطفل البريئ الطاهر الحر الذي لم تُكبِّل نفسَهُ خطايا ولم تسوّد صفحاتِه البيض نقطة سوداء... !! ولم يعرف معنى للحياة إلا في رحاب الحياة... هل يُنعت بالشهيد ؟؟
هل تمنى الشهادة وقلبه الغرير يعشق الحياة ولم يبلغ بعد عقله أن يفقه معاني الشهادة ؟ ! هل سأل الله نوالَها ؟.......
هل فهم عقل قاسم الصغير أنها انقطاع الحياة عنه وإدباره عنها، وإقباله على الموت ؟؟ هل فكر؟ هل قدر ؟ هل تقبلها عقله الصغير وقلبه الصغير الذي ما يزال يعشق اللَّعِب مع الأصدقاء، ويعشق القفز في ساعات الفرح الغامر.... ومخاطرةَ الأتراب في سباق على أن يكون الأسرع والأول والأشطر ؟؟ !!
هل عقِل قاسم الذي ما يزال يرى في حبّات حلوى و كأس بوظة محشوة بمكسرات حلاوة الدنيا أن الشهادة إدبار عن حلاوة بوظة الدنيا وحلوى الدنيا وإقبال على حلاوة بوظة الجنة وحلوى الجنة ؟؟ !!
هل فهم قاسم هذا فتمناه ؟؟ هل زهد في ضحكات الصَّحب وقهقهات الطفولة الناعمة ؟............ هل وعى قاسم هذا ؟؟ !!
هل سلّم قلبُه الغرير الصغير الفرِح الطائر بضوء الشمس يداعب الوجنتين الغضَّتين فيُقبل عليه قاسم معانقا مبتسما ليبدأ أول أيام عطلته المدرسية الصيفية بلقاء ثلة الأصدقاء لعقد اتفاق حول آلية تنفيذ مشروع النزهات المقدور عليها من حكومة الأصدقاء مجردةً عن أي مساعدة خارجية أبوية ....فزيارة إلى حديقة الألعاب القريبة حيث القلوب المجتمعة على موعد مع الفرح والحبور والسرور، والضحكات تملأ الآفاق وتشق عنان السماء الزرقاء المتبسمة لعيون الطفولة.....تُنَاسم ألوان الطيف وتحاكي ألحان الطيور القريرة بفرح العيون الصغيرة .............
هل سلّم بكل ذلك قاسم واختار الشهادة وتمناها وسأل المولى في وقت السحَر في ليلة من ليالي القصف والرعد والبرق الآلي من مجنزرات العدو الغاصب .... ! عفوا..... أعني مجنزرات الرئيس القائد الأب الحامي الحاني !! .....
هل خلا بربه ذات ليلة من هذه الليالي القريبة وهو يَسمع دوي الرصاص الحي يحيي الليل البهيم بصراخ أمّ على ابنها الذي أوقفت نبضَه وأسكتت صوت قلبه الثائر رصاصة حية من يد من لا قلب له ؟؟ !!
إنهم من بعد ما أحكموا تكميم الأفواه عقودا، فانفلتت أكمتهم، وعَمَدت الأيادي لتلقي بها بعيدا فيُسمع الصوت، سمعوا للقلوب الثائرة صوتا مزعجا أقضّ مضاجعهم فقاموا يكممون قلوبا حييت ....
إن صوت الحياة تدبّ بين مَن حسبوهم موتى لا حِراك لهم إلا وفق أزرارهم المتحكمة لَيقتُلُهم خوفا ورعبا وفزعا .... وهيهات هيهات أن يوقفوا النبض الحر الثائر ....فمَدّه أكبر من كل عُدّتهم وعدواه أسرع من كل ترصّد باللقاح......
أعَلَى ذاك الصراخ من أم الشهيد التي لم تعد تبالي أن يأخذوها ويكبلوا معصمَيْها ويقتادوها إلى أقرب مركز أمن يحفظ الأمن والأمان للمواطن الغلبان بتهمة البكاء على مندسّ ؟ !بتهمة اندساسه في قلبها حبّة وسَوَيْداء..؟! أعَلَى صوتها الهادر من قلبها الملوّع خلا بربه قاسم فدعاه وسأله الشهادة ؟؟
هل خلا بربه ذات ليلة من الليالي القريبة وهو يرى من خلف شباك غرفته مدفعية الجيش الأبية تُبيّض وجه السماء الحالك تستمطر نارا لابن البلد الواحد وقد اشتكى ألَما بقلبه الذي خبأ الأنين عقودا وعقودا فلم يكُ يبكي حَبَّتَه الأسير منذ سنين وسنين وسنين، ولم يعد يدري أحي هو بين أموات أم هو الميت بين الأحياء ..... !! خبأ الأنين فلم يكُ يصرّح أن قاتل الابن و الأب و الأخ والزوج معروف بالاسم واللقب والصفة والشكل والوجه والمنصب الذي يعتلي ........
لم يكُ يجأر بالدعاء عليه أن يرى فيه يوما تتقلب فيه الأحوال فيُشفى برؤية عذابه الصدرُ العليل والقلب المُعنّى ...لا لشيء إلا لأنه القاتل والمشيِّع، ولأنه المجرم والحامي، ولأنه الذي يلوّح لكل من ينطق بالقتل وبانتهاك العِرض وبالتعذيب والسجن والقهر..............بل كان يفعل .............
هل سلّم قاسم بكل لُعَبه وألعابه...؟ !، بدراجته الأثيرة ؟ بحذائه المُزحلِق ذي العجلات التي تأخذه أخذ الريح حيث يشاء طائرا بين الماشين مفتخرا بتحديد وجهته على عجل وبلوغه هدفه على العجل ؟؟ !! هل سلّم بها وبكل ألعابه ووعى أن الشهادة والموت أفضل ؟؟ هل فكر ؟ هل قدّر ؟؟ هل قرّر ؟؟ !!!
هل اختار الشهادة على حياة اللهو واللعب وحُبّ حبات الحلوى وهي في شِرعته وأترابه وحكومتهم البريئة الطاهرة قمة الفكر وأحلى ما في الحياة من معنى ....؟ !
بربك أيها الطفل الشهيد هل وعيتَ وأنت الطفل مع مَن وعى أنّ دماء الشهادة رِيّ لأرض ظمئت لماء الحياة، وأنها الفسيلة التي ستنمو وتكبر وتورِق حرية ...؟؟
!بربك أيها الطفل الشهيد هل وعيت كل هذا ؟ هل فكرت ؟ هل قدرت ؟ هل قرّرت فما عبست ولا بسرتَ ؟؟ !
لست وحدك يا قاسم ، فقد ذهب معك أطفال شهداء، أتواصيتُم بها؟!! أرُزِقتُم فهم معناها فتمنيتموها وسألتموها رب العزة في ساعات السَّحر فمَنَحَكُموها وقلوبكم الطاهرة النقية يُقبل بها كل الدعاء ؟؟ أهذا هو سرك يا قاسم ؟ أهذا سر حمزة؟ أهذا سرّ هاجر ؟؟ !!
ألئنكم وليتم دنياكم الدُّبُر ؟ ! ألئنكم مللتم اللعب واللهو والفرح والقهقهات البريئة ؟ ألهذا ؟ أم أن في الأمر سرا آخر يا قاسم ....؟ !
أخبرني أيها المندس الصغير وكل أترابك المندسين الصغار ....
أم لأنكم مندسّون تآمرتُم مع إسرائيل وأمريكا لتأسيس إمارة اندساسيا الطفولية للاستحواذ على الحكم، فخاف الأسد وفزِع، وهرع إلى حاشيته والمأتمرين بأمره يبكي ويشتكي اندساس الصغار، فأشفق عليه المخلّصون المُخلِصون وهبوا لنجدته ملك الغابة ....
إنهم ما عهِدوا للأسد بكاء ولا شكاة .... هي المَهْلَكة أن يبكي أسدهم، وهي المهزلة أن يُذلّ وينحني ويبدو باكيا كما الصغار ... !! هبوا لنجدته فقضوا عليكم برصاصهم القنّاص الماهر، وقوّضوا أسس إمارة اندساسيا الطفولية التي كان سيحكمها أطفال .... !!!
ياله من أسد أنقذ البلاد والعباد من اندساس أطفال البلاد المتآمرين مع الأوباش الأوغاد من بلاد الأبعاد .... !!
إنه السر يا قاسم .... ! إنما جعلوك شهيدا ....وجعلوا حمزة شهيدا وجعلوا هاجر شهيدة .... إنهم هُم ....قاتلو المندسين من الصغار والكبار، قاتلو الجراثيم ....هم يا قاسم عرفتهم ...جراثيم الحياة ....لا يا قاسم بل إنّ الجراثيم منهم أكرم....
هُمْ يا قاسم ويا حمزة الخطيب ويا هاجر الخطيب .....هُم قاتلو الأحلام .... شانقو الورد .... مقتلعو النَّوَر وقد غاروا من لونه الأبيض الطاهر ..... هُم يا قاسم معتقلو ذرات الهواء وحبات التراب .... هُم ... لا أحد غيرهم من سرقوا منكم الحياة مع اللُّعَب ... مَن قتلوكِ وقطعوا رأس دميتك يا هاجر لئلا يبقى الأثر .... !! من قتلوك وسرقوك من دراجتك يا قاسم وتركوها تبكيك وتنعيك، كل شيء في الكون يبكي قتل الأطفال، قتل الأطهار .... حتى الحَجَر ....إلا هم يا حمزة ..... إلا هُم يا هاجر ....
هُم من غيّبوا قهقهاتك الناعمة يا قاسم وأبكوا مدامع أترابك ورفاقك في سباق المئة متر ما بين بيتك وبيت جارك ... ! هُم من أثقل عليهم صوتك الصغير بين أصوات الكبار ينادي ..."ما منحبك ...ما منحبك"، وصوت حمزة ينادي "الشعب السوري ما بينذل ..." ونداء هاجر الهادر "الشعب يريد إسقاط النظام "..... هُم يا قاسم من قصمت ظهورَهم قشات حملتموها لتبدؤوا عُشَّ الحرية....
هُم من اقتلعوا أظافر أترابكم، وقطّعوا من أجسادهم الطاهرة اللحم، وأشبعوهم ضربا وتعذيبا وقد كتبوا على الجدران المدرسية "الشعب يريد إسقاط النظام " .... ألِفوا السيادة والرياسة الأبدية ....فكانت صدمة عليهم قوية أن تُعلِّم الحرية في الأطفال للكبار أبجديات الحرية ......... !
فهمتُ يا قاسم ...فهمتُ أيها الطفل الشهيد ........ !! لا أقر الله عين قاتلك ولا هنّأ له بالا ولا أبقى له أثرا ولا أشقى شعبك بهم بعدك.........
ولا أوحش أرضك بوجوههم الكالحة يا وجه الحرية ...................