في الجمعة الماضية مات أنيس منصور..........
وشاء الله أن أقرأ له كتبًا عدّة قبل وفاته مباشرة........ واحد منها هي مذكّراته (عاشوا في حياتي)............ وهي سلسلة مقالات كتبتْ في نهاية الثمانينيّات..........
في أوّلها حديث مركّز عن نشأة أنيس منصور في المنصورة........ وكلام عن شارع بورسعيد....... ودار ابن لقمان........ التي أودعتْ لويس التاسع الغازي الصليبي.......... والسيّاح الّذين يتركون كتبًا بكل لغات الأرض دونها.......... وسوق الخواجات.......... والسكة الجديدة.... ونصر الفلسطينيّ تاجر الورنيش وزوجته البولونيّة التي تحبّ دوستويفسكي.......... والدكتور هِرش الساعاتي الألمانيّ الذي درّسه سيمفونيّات بيتهوفن.......... وبناته الحسان..... وجنينة شجرة الدرّ.......... والحبّ الأوّل..........
وشدّتْني الكلمات......... وألححتُ على صديقي الباز في جولة حيّة لكل هذه الأمكنة............ وراعني حالها كل الروع........ لقد بادت كل هذه الأشياء........ وقامت مكانها عمارات من علب الكبريت........... حتى دار ابن لقمان تطوّعوا وكسوها بالرخام!!!!!!........ أما مسجد الصالح الصغير فقد باد بالكامل وقام مكانه مسجد جديد على شكل علبة!!!!!!......... وأما الخواجات فقد نزحوا منذ زمان بعيد............ وشارعهم اليومَ أشبه بجبّ........ لا يكاد يتّسع لمارٍّ واحد..........
وأدهشتْني قدرتنا على قتل الجمال!