الرد على معارضي ممر التنمية
د. فاروق البازلكل منا الحق في إبداء الراي وخاصة في الامور التي تخص الناس أو مستقبل الوطن. لذلك أود أن أشرح بعض الحقائق التي غابت عن بعض من عارض مقترح ممر التنميه و ذلك دعماً لشباب الثورة وذويهم من الذين اقتنعوا بالمقترح ويعملون لنشر المعرفه عن أفاقه.
اولاً: مشروع الممر ليس للزراعه فقط ولكنه لتوسيع مساحة المعيشه وكل نشاطاتها شاملاً العمران والزراعة والصناعة والتجارة والسياحة وفتح مجالات جديدة لشباب مصر لحياة كريمه و رحبة في بيئه صالحة تؤهل الابداع والأبتكار.
ثانياً: لقد أقترح الممر فوق الهضبه الجيريه المستوية التي تحد غرب وادي النيل لانها مسطحه لا تشقها أوديه عميقة لذلك تصلح لإرساء البنية التحتية شاملا ذلك علي طريق سريع وخط كهرباء وأنبوب ماء لإستخدام الإنسان بالاضافه الي المشاريع المستقبلية لإنتاج الطاقة الشمسية والتوسع أفقيا دون الايذاء بالأراضي الخصبة فى وادي النيل والدلتا.
ثالثاً: لم اقترح اطلاقاً الزراعة فوق الهضبه الجيرية غرب وادي النيل. الزراعة مقترحة أن تكون في الرواسب النيلية والأراضي المستوية بين غرب النيل و أسفل شرق الهضبة وكذلك غرب الدلتا.
توضح الخريطة الجيولوجية الرسمية لمصران هناك مساحات من الأراضي النيلية القديمة الموضحة باللون الاحمر في شكل "1" ومساحتها 640 ألف فدان. كذلك توضح صور الفضاء ان المساحات من الأراضي المغطاة بالتربة وبعضها مستوي تماما تزيد مساحتهاعن 10 مليون ونصف فدان.هذه المساحة مقترحة للتوسع في الاعماروالتنمية بكل انواعها وهي مبينة باللون الابيض في شكل"1". اذا ما أمكن استصلاح 5% فقط من هذه المساحة فهي تصل الي 520 ألف فدان (وغالبا ما يمكن زراعة 20% من مساحتها الكلية أى أكثر من 2 مليون فدان) معني هذا ان الأرض النيلية القديمة ( تبعا لخريطة المساحة الجيولوجية) مع 5% من الأراضي المستوية المتاخمة لها تصل الي 1,160,000 فدان )مليون ومائة وستون ألف فدان) ولذلك ذكرت ان هناك حوالي مليون فدان علي الأقل علي طول الممر المقترح تصلح للزراعة.
يلزم التوقف عند مساحة الأرض المنبسطة التي يمكن استخدامها في المعيشة والإنماء شرق الهضبة التي تحد وادي النيل وغرب الدلتا وهي عشرة ونصف مليون فدان أي تقريبا ضعف الأراضي المستخدمة حالياً وهي الغرض الاساسي من مقترح ممر التنمية. اذا اتضح أنه يمكن زراعة 20% من مساحتها الكلية هذا يصل إلى أكثر من 2 مليون فدان. السواد الاعظم من هذه الأرض المستوية والقريبة من أماكن التكدس السكانى الحالى يمكن أن يستخدم في اقامة المدن الجديدة والقري والمصانع والمتاجر والمخازن وما الي ذلك من نشاط تنموي علي مدي مئات السنين مستقبلاً.
هذا أمر هام جدا لسببين الأول تبعا لوزارة الزراعة هو أن التعدي علي الأراضى الخصبة في وادي النيل و الدلتا يساوي 30,000 فدان سنوياً، وهذا يعني أنه إذا استمر الوضع الحالي علي ما هو علية فسوف تختفي الأراضى الخصبة بعد 183 سنة. و السبب الثاني هو ان الإحصائيات تؤكد أن تعداد السكان الحالي وهو 80 مليون نسمه سوف يزداد إلى عام 2050 ليصل 140 مليون نسمة أى اضافة 60 مليون فرد اضافة علي التعداد الحالي. لذلك يلزم من الأن أن نفسح الطريق للحد من التعدي علي الأراضي الخصبة وفتح مساحات جديدة لمعيشة الأجيال القادمة.
رابعاً: لم ياتي ذكر إستخدام المياه الجوفية فوق الهضبة لا من قريب أو من بعيد. المياة الجوفية المقترح استخدامها هى داخل وادي النيل أي مابين النيل والهضبة. مثلا أثبت الجيولوجى القدير الدكتور البهى عيسوى أثارا لفرع قديم للنيل غرب كوم أمبو . إختار هذه المنطقة لدراسة الدكتوراه أحمد جابر الذى يعد الدكتوراه تحت إشرافى مع زملاء فى جامعة بور سعيد. وهناك قد إكتشف مجموعة من هياكل التماسيح 50 كيلومتر غرب النيل, و توجد تحت المنطقة مياة جوفية أصلها هو نهر النيل نفسه حيث تنشع المياة في التربة والصخور المسامية حول النهر وتجدد علي الدوام. اثبات ذلك هي المزارع الموجودة حالياً فى المنطقة و عشراث أخرى مثلها تستخدم المياة الجوفية علي طول المسار كما توضحه الصور المكبرة للمواقع المبينة في شكل 2.
خامساً: قيل أن انبوب مياة الشرب يستدعي 10 محطات لرفع المياه علي المحور الطولي. هذا خطاء لأن نقطة بداية الرفع فوق الهضبة هي أعلي نقطة علي الممر لذلك فأن المياه سوف تسير من الجنوب الي الشمال بالضغط الذاتي. كما أن الفارق بين ساحل بحيرة السد العالي ونقطة البدء هي 300 متر وهى ما تتطلب الرفع بالطريقة المثلي هندسياً كما هو مبين في شكل 3.
سادساً: جاء في المعارضه أن الأحتياج الشخصي من المياه دون الزراعة هو 4 مليار متر مكعب. انا لا اعرف ما هو القصد من هذا الكلام. مطالب الناس من المياه في الشرب والطهي والمعيشة علي ضفاف النيل او غربها واحدة أينما كانوا فلا ذيادة في ذلك إطلاقاً.
سابعاً: إستخدم المحور العرضي الموصل الي منتصف الدلتا في طنطا للقول بانه يستدعي نزع الملكية. صاحب هذة المقولة لم يعي أن مسار المحور هو الطريق الأسفلتي الحالي ما بين طنطا وكفر مجاهد ومنه الي طريق اسفلتي حالي يؤدي للخروج من المنطقة الزراعية غربا في اتجاه المحورالطولي. لقد تم تحديد المسار كما هو حال المحاور العرضية الأخرى بمساهمة الدكتورة إيمان غنيم أستاذة الجغرافيا بجامعة طنطا. كان أهم القواعد هو عدم نزع ملكية اي أراضي و من هنا نؤكد أن ممر التنمية من أهم أغراضة هو الحفاظ علي أراضي مصر الخصبة وبناء المدن والقري والطرق وما اليها خارج الأراضي الخصبة لضمان حياة كريمة لنا وللأجيال المقبله.
ثامناً: احد منا فع ممر التنمية هو ربط مشروع توشكي بباقي الوطن بجميع أنواع النقل. توشكي ليس مشروعاً فاشلا ولكنه مشروع لم يكتمل , وربطه بمراكز التكدس السكاني يؤهل نقل الناس إليه ونقل المنتجات منه إلي جميع أنحاء الوطن بسرعة وسهولة وأمان, أى أن ممر التنمية يحيى مشروع توشكى.
تاسعاً: السبب الأساسي لأقتراح تمويل المشروع بالاكتتاب المصري العام هو أنه لا بد ان يكون ناجحاً ومربحاً علي المدي الطويل. إذا تم ذلك لا يلزم الحكومة أن تصرف علي جزء منه بل تقنن العمل فيه وتتركه لزمام الناس. هكذا يمكن للحكومة أن تخصص أموال الدولة في المشاريع الوطنية الهامة مثل تنمية سيناء وأي مشاريع أخري في الوادي الجديد او الصحراء الشرقية تلتزم بها الدولة.
في حقيقة الامر القول بأن تنمية سيناء أولي بدعم الدولة صحيح تماما. أنا من انصار ذلك منذ ان بدأت في دراسة الصحراء المصرية في منتصف السبعينات. وبالنسبة لسيناء فقد شاركت زملاء بمعهد بحوث الصحراء في دراسة هذا الجزء الغالي من الوطن وصدر كتاب عن هذه الدراسة من المعهد في منتصف التسعينات. واليوم يشاركني الزميل مصطفي بكر الذي يعد الدكتوراة في جامعة الأزهر فى العمل علي تحديد المواقع الصالحة للزراعة بوسط وشمال سيناء وما بها من مياه جوفية وتقيم ما يصلها من أمطار يمكن تخزينها, وسوف يتم نشر تلك النتائج قريباً.
كذلك فكان انماء الوادي الجديد غرضا لدراسة مع الزملاء في قسم الجيولوجيا بجامعة عين شمس منذ البدء في تصوير صحارينا من الفضاء في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وقام المهندس حسب الله الكفراوي بعدة مشاريع مجدية في سبيل إنماء جنوب الوادي ودرب الأربعين. نتج ايضا عن تفسير صور الرادار الحديثة إقتراح تواجد المياة الجوفية في جنوب المحافظة في ما يعرف حالياً بشرق العوينات حيث شاركت الدكتور محمود أبو زيد فى تشجيع استصلاح أراضيها. واليوم يتم اختيار مواقع جديدة شرق وغرب وشمال هذه المنطقة بالتعاون مع مؤسسة " رجوا" حيث ان انتاج القمح بالرش مع استخدام الطاقة الشمسية قد نجح هناك نجاحا عظيما.
و في الوقت الحالي يعمل معي الزميل محمد عبد الكريم الذي يعد الدكتوراه في جامعة قنا وهو يستخدم الصور الفضائية و المعلومات الحقلية لتحديد الأماكن الصالحة للزراعة في وادي قنا و الأودية المجاورة بالصحراء الشرقية كما ثبت نجاح هذا العمل في وادي كوم امبو من قبل.
معنى هذا أننا لم نغفل عن سيناء أو الوادى الجديد أو الصحراء الشرقية. كل صحارى مصر تستدعى الدراسة وخاصة لغرض التنمية. تستدعي هذه الأماكن دعم الدولة لما يتم فيها من مشاريع. لذلك اقترحت الهيئة الغيرحكومية لتحقيق ممر التنمية اذا ما ثبتت جدواه الإقتصادية كمشروع مربح علي المدي الطويل. هذا و تكلفتة تفوق ما تستطيع الدولة الأنفاق عليه حالياً لذلك يكون دور الحكومه هو تقنين العمل في كل مرافقه حتي نضمن العمل المتميز السريع والمجدي بشفافية والحفاط علي حقوق كل من شارك في دعمه مالياً ولكي يصب في نهاية المطاف في الخير للمواطنين.
عاشراً: مقترح ممر التنمية خضع للدراسة بواسطة 41 خبير متخصص تحت إشراف الدكتور محمد فتحي صقر بوزارة التخطيط. هذه الدراسة هي التي خرج منها تقدير التكلفة الاجمالية 23.7 مليار دولار. بناء علي هذه الدراسة تنظر الحكومة حاليا في الاعلان عن دراسة جدوي تفصيلية من هيئة غير حكومية للتأكد من صحة الدراسة قبل إتخاذ القرار فيه.
هذا واعتقد ان الاعتراضات فى وسائل الآعلام مؤخرا قد نبعت من عدم معرفة بتفاصيل المشروع كما ورد فى كتابى أو مقالاتى عنه. اعلم أيضا ان ما سلف لن يحد من الكلام ضد المشروع. وهذا وارد لأن أي شئ في الدنيا نجد ان هناك من يعضدده ومن يخالفه وفي بعض الأختلاف فائدة إذا ما نتج عنه تصحيح المسار.