بسم الله الرحمن الرحيم
.. أعترف لكم!
هي شهوة الكتابة، ليس إلا، تلك التي دفعتني لأفتح موضوعا جديدا باحثا في عالم الكلمات عن جملة منها تصلح أن تكون موضوعا، وطالما عرفت في نفسي هذه الشهوة التي من أبرز علاماتها أن تبحث عن المعنى المناسب للفظ الذي تريد تدوينه، عكس ما يجب أن يكون من بحث عن الألفاظ المناسبة للمعنى الذي بداخلك!
وتظل أناملي تطرق المفاتيح الحرف تلو الحرف تتخير أجملها صوتا، وأحلاها رسما، وأنسبها للسياق، دون نظر إلى الهدف الذي ترنو إليه سوى أن ترضي تلك الشهوة الغائرة في أعماق النفس، من حب للتدوين، وانتظار للتعليق عليه، بما يوافق هواها الذي حركها أول الأمر!
وقد أراها تعود إلى صفحات قديمة، تقرأ ما كتبته، وتقرأ قبله ما كان من تعليق عليه؛ فلم يشبعها أمس ما قد كان، ولا يشبعها اليوم ما سيكون، فتنبش ماضيا أثيما، تجدد فيه رغبة محرمة اقترفتها، وتحفز به رغبة أخرى توشك أن تواقعها!
ويمضي الناس في مواكبهم، وتمضي هي في عجبها بما لها، وغرورها بما عندها، مغلفا بموعظة كاذبة، ونصيحة زائفة، لم تعظ به نفسها، ولا نصحت به قلبها، ولا رعت فيه ربها،.. تخشى الناس ولا تخشى ربهم، وهو الذي يعلم السر وأخفى، وما تكن صدورهم وما يعلنون!
تساءلني: فما لك اليوم تكتب تلكم الكلمات؟ أليست دعوى تواضع وادعاء ذنب تتوب منه؟ فما لك تحكي على رؤوس الأشهاد؟ .. إنها الشهوة التي تحكي عنها هي من يكتب عنك اليوم كما كتب عنك فيما قبل، فارجع وأمسك عليك لسانك وتب إلى ربك في خلوتك!
ومالي لا أكتب؟!! ..فإن تك توبة نصوحا فلا ثم من يمنع إشهارها، وقد ظهر الذنب! .. ولأن أقول: "فعلتها إذن وأنا من الضالين" خير لي من أقول: "لو كنا نسمع أو نعقل.."
