في الواقع وبعد الإطلاع والتعمق أكثر وأكثر في التاريخ والسياسة ومتابعة الأحوال الحالية بدأت أتراجع عن تبني نظرية تأثير الفراشة .. ربما تأثير الفراشة يسرع الاحداث قليلا أو كثيرا .. ولكن أعتقد أنه لو كان ممكنا أن نعود إلى الماضي ونغير بعض الأحداث تغييرا درامتيكيا ونراقب ما سيحدث فإننا سنندهش كيف أن الأحداث ستتحور وتتغير حتى تصل بنا إلى نفس النهاية بطريقة أو بأخرى ..
دعنا نأخذ أمثلتك ونتحدث عنها قليلا ..
هتلر وجيوش هتلر .. هتلر كان ظالم جبار طاغي في الأرض .. لو لم تقتله الثلوج لقتلته الجيوش الروسية .. ولو لم تقتله الجيوش الروسية واحتل الاتحاد السوفيتي بأكمله .. كانت المقاومة الروسية ستبدأ وتنال منه .. أو ربما المسلمين في الجمهوريات السوفيتية كانوا سيقومون بالواجب .. في جميع السناريوهات الامبراطورية النازية كانت ستنهار .. لأنها دولة ظلم تظل ساعة وتعود دولة الحق كل ساعة .. في الحقيقة لو نظرنا بعمق لاكتشفنا أن هتلر وجيوشه انتهوا منذ اللحظة التي نادى فيها بالنازية .. والنهاية كانت مجرد مسألة وقت ..
السفينة تايتنك .. لو كانت أحداث الفيلم حقيقية فعلا فينطبق عليها ما ينطبق على هتلر .. السفينة دمرت منذ اللحظة التي أعلن فيها مالكها وقبطانها أنها غير قابلة للغرق .. ما أغرق تيتاك لم يكن جبل الجليد .. بل غرور أصحابها .. فلو نجت من هذا الجبل لدمرها جبل آخر .. ولم لم يكن جليدي لكان صخري في مكان آخر في العالم ..
ولكن مازالت هناك بعض الأشياء التي تستحق التأمل ..
مثلا إيمان أهل قرية سيدنا يونس .. هل يمكن أن يعتبر هذا تأثير فراشة ؟ تحول رهيب في الأحداث في آخر اللحظات لم يحدث ولم يتكرر في القرى الاخرى المشابهة التي قصها الله علينا في القرآن .. هذا الإيمان كان تحول كامل في مستقبل القرية بكل تأكيد ..
كذلك .. وفاة السلطان محمد الفاتح قبل وقت قليل من غزو روما .. أليس هذا تحول للأحداث ؟ ألم يكن هذا التحول سيغير وجه البشرية جمعاء إلى يومنا هذا لو لم يحدث ولو فتح محمد الفاتح روما وقتها ؟