السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الكريمة،
أحيانا كثيرة تكون المشكلة الحقيقية في طريقة نظرتنا الي العقبة التي تواجهنا،
بمعنى، أن كل ما تحدثتم عنه يحمل في طياتة عوامل كثيرة متداخلة بصورة صعبة للغاية،
منها مثلا مشكلة نظرة المجتمع إلى الفرد وكيفية تقييمة، ومنها نظرة الأهل للعملية التعليمية، ومنها أيضا نظرتكم الشخصية الى الأهل والمجتمع.
لقد كنت أنوي الحديث عن النقاط الثلاث، لكني أحيانا كثيرة أشعر أن الحديث لن يكون له فائدة، لأننا نتحدث هنا عن قناعات تشبة العقيدة،
فموضوع الشهادات مثلا نستطيع أن نسمع فيه كلاما رائعا وأفكارا متطورة طموحة لتغيير واقعها الحالي، لكن عند التنفيذ للأسف لن نجد القدرة على التغيير وتحقيق ما نتحدث عنه.
سنجد أنفسنا نتحدث إما لإسكات الضمير أو من باب الأماني، لكن قطعا في الحالتين سننتظر غيرنا ليأخذ زمام المبادرة.
وربما هذا يفسر كثيرا الكم الهائل لشهادات الدكتوراة مثلا في شتى المجالات في أوطاننا مع شبه انعدام الناتج الفعلي من أصحابها،
في حين نرى في الغرب أن أقوى الإبتكارات والمخترعات تأتي من معامل طلبة جامعيين أو مراكز أبحاث قد لا تحتوي الا على قلة قليلة من حملة هذه الشهادات،
على الرغم أن الحصول على الشهادات في الغرب مختلف تماما عن الحال في أوطاننا، وأنها تعني الكثير من العلوم في حين تكاد لا تعني عندنا الا التلميع الإجتماعي.
لاشك أن الحل يحتاج الى موازنة وتضحيات كبيرة ليعود الى مسارة الصحيح عندنا،
لكن للأسف في أوطاننا الجميع (الا ندرة تكاد تكون غير مرئية) ينتظر الحل من اﻵخر وأن يبدأ اﻵخر بالمبادرة،
ولمعلوماتكم بيل جيتس مثلا صاحب أكبر امبراطورية للبرمجيات في العالم لم ينهي دراسته في جامعة هارفرد !
وأكرر مرة أخرى هذه ليست دعوة لترك الجامعات ! انما هي دعوة لتوسيع الأفق وموازنة الحال ...
لكن للأسف لا أعتقد أن هناك من اﻵباء والأمهات من يملك الشجاعة أن يدعم هذا التوازن بين التعليم الصحيح ومتطلبات المجتمع ،
بل للأسف أيضا في غالب الأمر يشكل الأهل أكبر نسبة من الضغط على الأبناء في ناحية الشهادات، خاصة اذا كانوا من حامليها..
ولا تحسبوا أن تخلفنا العلمي سببه الوحيد هو فساد الذمم فقط، بل الناس نفسها ليست مستعدة لتقبل المعنى الحقيقي للعلوم والعملية التعليمية.
ربما على الجيل الجديد أن يحاول أن يصرف نظرة عما يحاول اﻵخرون أن يوهموه به وأن يبذل جهدة حقا غير مبال بتسميات المجتمع البالية.
أعانكم الله ويسر لكم أموركم،