قدر الشر بين الناس!

[أحمد]

بسم الله،..

وقع أمامي أول أمس مشهد أعادني إلى مشهد مر عليه عام أو أقل قليلا.. دفعني ما جرى وما تذكرت إلى مساحة من التفكير لم يطرقها بالي من قبل


كان المشهد القريب أن فوجئت بأتوبيس نقل عام يقف فجأة وينزل منه شاب ضخم الجثة يجري نحوي مباشرة جريا سريعا، وإذا خلفه جم غفير من الناس يجرون فتفاديته في تلقائيه فواصل الناس جريا وراءه قائلين "حرامي.. امسك حرامي" وأمسك به أحدهم بالفعل فمزق سترته وواصل الشاب هربا والناس من خلفه!!
..
إلى هنا المشهد وإن لم يكن معتادا - لا سيما أنه جرى بحي راق من أحياء العاصمة  - لكنه مفسر ومفهوم إلى حد قريب، فلعل الشاب حاول خطف شنطة سيدة أو سرقة نقود رجل، أو اعتدى على المحصل فأمسك به الناس فاستغل توقف الاتوبيس في المحطة ففر هاربا وجرى ما جرى!
..
لكن الغريب جدا هو ما جرى بعد..
إذ توقفت سيارتان أمام الأتوبيس وخرج ثلاثة شبان من إحداهما وبيد أحدهم "شومة" عصا غليظة وانهالوا ضربا وتحطيما للسيارة الأخرى، واجتمع معهم كثير ممن كان بالأتوبيس حتى أخرجوا الشاب سائق السيارة الأخرى وانهالوا عليه هو ضربا بذات العصا وبعصي أخرى ثم خرج أحد الضاربين سكينة فجرح بها وجه الشاب فسال دما واحتملوه إلى السيارة التي نزل منها الشبان الثلاثة.. كل ذلك والجميع يقول: حرامي حرامي

بالمنطقة التي دار فيها كل ذلك بنك ومستشفى كبير وهايبر ماركت ومطعمان مشهوران وكل ذلك عليه حرس من الشرطة.. توجهوا سريعا لمكان الحدث فأشار لهم الناس أنه حرامي وأن الذي خرج من الأتوبيس حرامي معه!!
وبدا على وجه الشاب حامل السكينة الصرامة التي دفعت رجال الحرس إلى العودة إلى أماكنهم

دفع الناس سيارة الشاب المضروب إلى الرصيف ليعود الطريق إلى مجراه، وانطلق الأتوبيس تاركا من نزل منه، واستمر الضجيج والزحام بالمنطقة الهادئة ولم ينته حتى انصرفت وكنت أسرع بالانصراف وما جرى كل ذلك إلا في دقيقة أو ثنتين!
..
أعادني مشهد الشاب مسفوك الدم إلى صورتي في المرآة المكسورة بنقطة الشرطة حين هرعت إليهم من عام مصابا بجرح غائر يمتد مما فوق العين حتى مقابل الأذن إضافة لجروح أخرى بي وبمن كان معي، إثر اعتداء سكران علينا على شاطئ البحر قرب منتصف الليل، حيث كانت الدماء تملأ وجهي وملابسي، وقد تمزق السويت شيرت اللي كان لسة جايلي هدية جديدة من بنجلاديش    وفقد الأخ المرافق لي نظارته والكاب الذي يرتديه وتمزقت سترته كذلك
..

وبأقل التفاتة منك للصور التي صورها لي إخوتي عقيب عودتي إلى المنزل في ذلك اليوم ترى في غاية الوضوح تلك الكآبة التي تخيم على وجهي وذلك الحزن الشديد الذي ينطق في كل قسمة من قسماته رغم التفاف الأهل والأحباب حولي وسعيهم في ممازحتي

..

واليوم عدت أفكر.. إلى أي مدى يسكن الشر نفوس الخلق؟ ولأي سبب يواقعون البغي والعدوان؟ وأي حد لتصرفاتهم وأي مبرر لها؟

ملحوظة: مشاهد القتل والتدمير السينمائية وكذلك مشاهدة المصابين والجرحى بعد وقوع الحوادث تختلف تماما عن موقعة الحدث أو مشاهدته بشكل مباشر!

[ماما فرح]

واليوم عدت أفكر.. إلى أي مدى يسكن الشر نفوس الخلق؟ ولأي سبب يواقعون البغي والعدوان؟ وأي حد لتصرفاتهم وأي مبرر لها؟

هناك من أمراض القلوب ما قد تظل كامنة في النفس سنوات إلى أن تجد الظروف المناسبة لظهورها

كأمراض الجسد قد يوجد الاستعداد الوراثي لها في الجسد ولكنها لا تظهر لسنوات طويلة حتى توافق الظروف المناسبة لظهورها وتمكنها من الجسم

تقل مناعة الجسد فتظهر الأمراض الكامنة أو العارضة

وكذلك تقل مناعة النفس بالبعد عن الله فتظهر أمراض القلوب الكامنة أو العارضة

انظر حولك وتأمل جاهلية القرن الثاني والعشرين لا تجد عجباً فيما يحدث حولك من هرج وصراع وفتك

بل إن شئت الحق فما نراه حولنا هو أقل كثيراً مما نستحق

إن رفعنا المناعة عالجنا المرض وحظينا بالوقاية من القادم

لا تتوقف أمام الأحداث الدامية متعجباً .. فهذه سنة الله في كونه .. إن ابتعدنا أُصبنا ( بضم الهمزة ) وإن اقتربنا أَصبنا ( بفتح الهمزة )

فاعمل على رفع مناعة النفوس ما استطعت

[أبو بكر]

" و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون "  صدق الله العظيم

لي عودة بإذن الله تعالى .

[ماما هادية]

تذكرت موضوعك هذا في غمرة الهياج المستعر بين الإخوة .. في مصر والجزائر

هاهو عنف وشر وجان ومجني عليه في مصر.. دون أي تدخل اجنبي

وتذكرت حوارا دار بيني وبين أحد الاهل من سوريا قبل عام
كان ينتقد أيضا أحد الشعوب الإسلامية ويصف أبناء ذلك الشعب بانهم جميعا متكبرون متعالون مع قلة ذكاء وتحضر

وسألته.. وليت كلا منا يطبق نفس الأسئلة على بلده:
أليس في الشام مجرمون؟
أليس فيها ظغاة؟
أليس فيها متخلفون وجاهلون؟
أليس فيها أميون؟
أليس فيها علماء؟
أليس فيها دعاة؟
أليس فيها مجاهدون؟
أليس فيها جيران طيبون؟
أليس فيها جيران سيئو الاخلاق؟
أليس فيها من يعق والديه؟
أليس فيها من يأكل ميراث أخواته؟

أليس فيها متصدقون ومعطاؤون؟

قالوا: لكن هناك سمات عامة للشعوب؟

طيب:
أليس فلان من أقاربنا عصبيا؟
وفلان متكبرا
وفلان متواضعا
وفلان هادئا
وذاك بارد كالثلج
وذاك حار كالنار
وهذا لماح
وذاك بليد

لو ان كلا منا نظر حوله لوجد في محيطه وبيئته... بل احيانا في نفس عائلته.. من كل شكل ولون


فلماذا التعميم الظالم هذا؟
ولماذا هذه النعرات الجاهلية؟