طيب أنا رح أبدأ بموضوع كان بحث لمادة التوحيد ...
بسم الله الرحمن الرحيم.
إعجاز الله في السماء
مقدمة:
الإسلام رسالة هداية ورسالة علوم ومعارف.
يخطيء من يرى أن رسالة الإسلامي هي رسالة هداية فحسب ويرفض أن تشتمل هذه الرسالة على المعارف العلمية ذات الصلة الوثقى بحياة الإنسان واحتياجاته في كل مناحي الحياة .
فيقولون: إن كتاب الرسالة وهو القرآن الكريم ليس كتاب طب ولا هندسة ولا اقتصاد ولا زارعة وصناعة فقط هو كتاب عظة وهداية وهدى للمتقين.
وهذا خطأ فادح في تدبر القرآن وعجز عن تأمله.
صحيح أن القرآن ليس كتاب طب ولاهندسة ولاغيرها بالفهم القاصر الذي يخيل إلى أصحابه أن يشتمل القرآن على تفصيلات العلوم والمعارف.
لكن حسب القرآن أن يحفل بالإشارات والتوجيهات, التي تكون الجذور, وتضع الأسس لإنشاء وتكوين العلوم والمعارف وتصنع بهذا أسس ومباديء النهضة والعمران والتقدم .
والقرآن في هذا يضيف إلى كونه كتاب هداية كونه كتاب توجيه لتحقيق النهوض والتحضر وفق المعايير التي تضمن وتحدد مراحل النهوض والتقدم على قيم ومباديء الحق والعدل والارتقاء بالإنسان إلى مستوى أفضل.
بل إن القرآن منذ أولى آياته نزولا على صاحب الرسالة الخاتمة صلى الله عليه وسلم في غار حراء قد أرسى مبدأ حضاريا وعمرانيا هائلا في تقرير أسس النهضة وصناعة التقدم من خلال التوجيه الحاسم للإنسان بألا يشغل نفسه إلا بعالم الشهادة بحيث يكون هذا العالم هو مناط اهتمامه ومحل دراسته والتأمل والتدبر فيه ليقف بذلك على أسرار إعجاز الخالق في خلقه. ويحاول بالتدبر والمحاكاة أن يحقق ما ينتفع به في حياته
السماء في اللغة العربية:
السماء لغة اسم مشتق من السمو بمعني الارتفاع والعلو, تقول:( سما يسمو سموا فهو سام) بمعني علا يعلو علوا فهو عال أو مرتفع, لأن السين والميم والواو.. أصل يدل على الارتفاع والعلو, يقال( سموت وسميت) بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعة والعلو, وعلى ذلك فإن سماء كل شيء أعلاه, ولذلك قيل: كل ما علاك فأظلك فهو سماء.
ويقال فلان لا يسامي أي لا يباري, وقد علا من ساماه أي الذي باراه, وتساموا أي تباروا( في اكتساب المعالي عادة).
ولفظة السماء في العربية تذكر وتؤنث( وإن اعتبر تذكيرها شاذا), وجمعها سماوات, وأسمية, وسماو, وسمي, وإن كان أشهرها ذيوعا سماوات وهو ما جاء بالقرآن الكريم.
وانطلاقا من ذلك قيل لسقف البيت سماء لارتفاعه, وقيل للسحاب سماء لعلوه واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السحاب, وللعشب لارتباطه بنزول ماء السماء.
والسماء لدينا هي كل ما يقابل الأرض من الكون, والمراد بها ذلك العالم العلوي من حولنا والذي يضم الأجرام المختلفة من الكواكب والكويكبات, والأقمار والمذنبات, والنجوم والبروج, والسدم والمجرات, وغيرها من مختلف صور المادة والطاقة التي تملأ الكون بصورة واضحة جلية, أو مستترة خفية.
وقد خلق الله( تعالي) السماء ـ وهو خالق كل شيء ـ ورفعها بغير عمد نراها, وجعل لها عمارا من الملائكة ومما لا نعلم من الخلق, وحرسها من كل شيطان مارد من الإنس والجن, فهي محفوظة بحفظه( تعالى) إلي أن يرث( سبحانه) هذا الكون بمن فيه وما فيه..
آراء المفسرين:
في تفسير قوله( تعالى):" والسماء وما بناها" قال المفسرون برأيين يكمل أحدهما الآخر, فقال ابن كثير( يرحمه الله): يحتمل أن تكون( ما) ها هنا مصدرية بمعني: والسماء وبنائها, وهو رأي قتادة( رضي الله عنه), ويحتمل أن تكون بمعني( من) يعني: والسماء وبانيها, وهو قول مجاهد( رضي الله عنه), وكلاهما متلازم, والبناء هو الرفع... وقال صاحب الظلال( يرحمه الله):...( ما) هنا مصدرية, ولفظ السماء حين يذكر يسبق إلى الذهن هذا الذي نراه فوقنا كالقبة حيثما اتجهنا, تتناثر فيه النجوم والكواكب السابحة في أفلاكها ومداراتها, فأما حقيقة السماء فلا ندريها, وهذا الذي نراه فوقنا متماسكا لا يختل ولا يضطرب تتحقق فيه صفة البناء بثباته وتماسكه, أما كيف هو مبني, وما الذي يمسك أجزاءه فلا تتناثر وهو سابح في الفضاء الذي لا نعرف له أولا ولا آخرا... فذلك مالا ندريه....., إنما نوقن من وراء كل شيء أن يد الله هي تمسك هذا البناء.....
وقال مخلوف( يرحمه الله):" والسماء ومابناها" أي ومن أوجدها وأنشأها بقدرته وأضاف: وإيثار( ما) على( من) لارادة الوصفية تفخيما وتعظيما, كأنه قيل:( والسماء والإله) القادر العظيم الذي بناها, وزاد بعد ذلك بقليل: وقيل إن( ما) في الآيات الثلاث(5 ـ7 من سورة الشمس) مصدرية, فيكون القسم ببناء السماء, وطحو الأرض, وتسوية النفوس في الخلقة.
وقال الصابوني( أمد الله في عمره):... أي وأقسم بالقادر العظيم الذي بني السماء, وأحكم بناءها بلا عمد وأضاف: قال المفسرون( ما) اسم موصول بمعني( من), أي والسماء ومن بناها, والمراد به الله رب العالمين بدليل قوله بعده:" فألهمها فجورها وتقواها" , كأنه قال: والقادر العظيم الشأن الذي بناها, فدل بناؤها وإحكامها على وجوده, وكمال قدرته....
وهذا هو عين الصواب لأن القسم بالسماء وبخالقها العظيم يحوي قسما ببنائها المذهل في اتساعه, وتعدد أجرامه, وإحكام تماسكه وترابط مختلف أجزائه على الرغم من الطبيعة الدخانية الغالبة علىه, وهذه الأمور وغيرها مما يشهد لله الخالق( سبحانه وتعالى) بطلاقة القدرة, وإبداع الصنعة, وكمال العلم, وعظيم الحكمة, وبالتفرد بالألوهية, والربوبية, والوحدانية فوق جميع خلقه, ومن هنا كان القسم بالسماء وبخالقها الأعظم وببنائها المذهل البديع...!!!