أي شقاء هو شقاء العزب بوحدته!
وأي ألم هو ألمه!
إن الله امتنّ على الخلق أن خلقهم أزواجًا..... وجعل لهم من أزواجهم بنين وحفدة.... وفي الأزواج سكنًا... وفيهم مودّة ورحمة....
قال الله: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟!"....... وقد شرع اللطيف الخبير لخلقه الزواج.. وسمّى الزوج محصنًا.... وسنّ رسوله للقادرين من أمّته الزواج.... وقد خبّر -صلى الله عليه وسلّم- بعظيم مثوبة المتزوّج للعفاف وللذي يقوم على بنين صالحين وبنات ضعيفات... فأيّ خير يفوت المرء بالعزوبة!
شاع تأخر الزواج بين المسلمين ببركة أعدائهم الذين يسيغون الزنا ولا ينكرونه..... ووضعوا قبله أولويات عدة... أولها الدراسة.
هل حقًّا تقف الدراسة عائقًا أمام الزواج؟
دعوني أغيّر في السؤال: هل حقا يقف الزواج عائقا أمام الدراسة؟
من عين تجربتي أرى أن الأمر على العكس من ذلك.... فكم يضيع من وقت العزب في ترجّي الأوهام واغتراف وعود إبليس "يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"!.... كل هذا الوقت ما كان ليذهب سدى لو انصرف لزوجة وولد..... زوجة في وصلها الصدقة.... وولد صالح فيه خلود العمل بعد الموت.....
وقد جرّب الأميركيون الزواج في طلبة الجامعة فوجدوا أكثرهم تفوّقا هو من تزوج فركز عطفه في امرأة دون الأخريات... وركز باله في دراسته دونًا عن العبث والمراء...
واستفتى الألمان شعبهم عن الذي يدفع المرء للنجاح في عمله فإذا أكثر من نصفهم يشهد بهذه المزية لشريك الحياة -وهو اسم استعاض به الغربيون عن الزوج بعد تهافت ديانتهم-...... بينا يشهد خمسهم بذلك للأم... وأقل من عشرهم للأب!
إن الذي ينكر دور الزواج في حياة ابنه أفّاك لا جرم.... ولا ينكره إلا الذي ينكر أصل وجوده واتصال سببه.... ولا ينكره إلا الذي ينظر دون قدمه ولا يعرف من الدنيا غير جوعة بطنه ونومته..... فلم تكن المادة عائقا دون زواج أسلافنا.... وكانت بيوتهم بهجة الدنيا على ضيق حجراتها.... فإن بركة الله لا تغشى إلا الذين يوقنون بوعد الله... والذين يتعبّدونه بما يحبّ.... ولو بدا ذلك صعبا... وقد جرّب هذا غير واحد في زواجه.... وجرّبه في دراسته وسفره... فالله عز وجل وعد المؤمن بالنصر إن نصره المؤمن..... ينصره المؤمن في نفسه بإعفافها وفي الناس بدعوة الخير.....
حقا إن الزواج مسئولية لا تقلّ في ذلك عن العمل.... وهو امتحان.... وهو نصَب... نصَب من الذي قال فيه الحكيم: "الراحة في ترك الراحة"..... وللحديث بقية إن شاء الله رب العالمين.