المحرر موضوع: خاطرة مودع  (زيارة 7943 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
خاطرة مودع
« في: 2010-01-02, 15:49:26 »


بسم الله ، والحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم

إخواني وأخواتي الكرام

إذا نظرنا إلى الجهود العظيمة التي يقوم بها أعداء الملة لوجدنا أن أحداً لا يستطيع أن يقاومها ؛ إنهم يواصلون الليل بالنهار مكراً بهذا الدين وإرادةً للشر بهذه الأمة ، وهذا الأمر منذ قرون .. حاربونا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وتربوياً وفكرياً واجتماعياً ، وظنوا أنهم بهذا الكيد يستطيعون اجتثاث الخير من قلب هذه الأمة .. ولكن الله تعالى دوماً يبشرنا بقوله : (((إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون)))

إن نظرة لواقع الأندلس قبل سقوطها وواقعنا اليوم تفتح أعيننا على أمور في غاية الخطورة قد لا نراها في زحمة الأحداث .. ولتضح الصورة أكثر : لنلقي نظرة على كتابين ونرصد فيهما بعض الجوانب اللغوية والاجتماعية والدينية والثقافية .. الكتاب الأول هو كتاب "المعيار" لـ"الونشريسي" ، وهو من فقهاء المالكية المتأخرين الذين شهدوا انحطاط المسلمين في بلاد الأندلس ، وشاهدوا بأعين رؤوسهم هذه النكبة الصلعاء التي أصابت أمة المسلمين في الأندلس .. أما الكتاب الثاني فهو كتاب "حدائق الأزاهر" لـ"أبي عاصم الطُليطلي الأندلسي" .. عندما نقرأ في هذين الكتابين نجد أن المسلمين كان لابد أن يُجتثوا من بلاد الأندلس ؛ فإذا نظرنا إلى جانب اللغة مثلاً نجد أن هذين الكتابين يموجان بالأمثال والكلمات والمصطلحات والألفاظ العامية ، ثم هما يحكيان تأثر المسلمين في بلاد الأندلس بالإفرنج لاسيما إفرنج "قشتالة" ، ويحكي "أبو عاصم" في كتابه "حدائق الأزاهر" أن المسلمين تركوا لبس القلانس والعمائم وتركوا اللسان العربي وكانوا يتكلمون اللغة العامية المتأثرة بلغة "قشتالة" .. وبتأمل هذين الكتابين وأمثالهما نجد أن الأثر الغربي قد نخل مجتمع المسلمين في الأندلس نخلاً ، حتى سقطت آخر مدينة وهي مدينة "غرناطة" في يد الصليبيين سنة 1495م ، وكان سقوط الأندلس بسقوطها ، وتم القضاء على المسلمين في الأندلس ، وضُربت عليهم الصليبية ، وذُلُّوا ذُلاً شنيعاً ؛ لأنهم تخلوا عن دينهم وتركوا هويتهم .. وكانت أعظم النكبات من جهتين : الأمراء ، والعلماء

أما الأمراء : فإنهم كان كل همهم العيش في القصور المنيفة والزواج من أميرات النصارى الحسناوات ، فأتى الجيل الذي أتى بعدهم جيلاً هشاً ، أخوالهم من النصارى ، فضعف الولاء والبراء في المجتمع الأندلسي ، حتى تفككت الأندلس وضاعت

أما العلماء : فكان حظهم من الدين هو الكلام ، ليس إلا الكلام ، فلم ترَ الأمة من علمائها إلا الكلام ، لم ترَ فيهم القدوة الصالحة ، ولا العمل النافع ، بل وجدت فيهم الأثرة المنهي عنها : فكل عالم يؤثر نفسه على أخيه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((سترون أثرة شديدة بعدي ، فاصبروا حتى تردوا عليَّ الحوض)) .. لقد وجد المسلمون في الأندلس أن العلماء يجيدون الكلام لكن لا يجيدون الفعل ، حشودٌ تسمع ، لكن أين هم الذين رُبُّوا على أيدي العلماء ؟!! أين الذين تخرجوا على يد العلماء ؟!!! لم يُخَرِّج العلماء أحداً !! استمع الناس للعلماء وهم مسرورون وقد شاهدوا العلماء وصافحوهم ، ثم انفضوا بعد سماعهم إلى بيوتهم .. أصبح العلماء يتكلمون لكن لا يؤثرون ولا يغيرون ، وبذلك ضاعت رسالتهم في بلاد الأندلس ، والخوف أن يتكرر ذلك في هذه الأيام !!!

إننا نعيش هذه الأيام فرصة تاريخية ربما لا تتكرر : أن نجد هذه السنة المنتشرة وهذه الجموع المُقبلة على الدين من شباب الأمة .. عندما تنشر إحدى الجرائد إحصائية تؤكد أن 17% من نساء مصر منتقبات : فإن هذا أمرٌ لم يكُن ليُتصور وسط كل هذا الذي يُخطط لنا !! إن ما خُطط لنا كان لابد أن يُخرج أجيالاً شائهة بعيدة عن الدين ، فإذا الأجيال مُحبة للدين مُقبلة عليه !!

ولنقارن بين ما يحدث الآن وبين ما حكاه فخر مؤرخي مصر "الجبرتي" عندما أرخ لفترة أخريات المماليك في مصر ، حيث قال : انتشر الظلم ، وقل العلم ، وصار العلماء يتكلمون في المسجد ولكن لا تأثير لهم في الأحياء ولا في الشوارع ، وازداد شرب الخمر ، وازداد الزنا والخنا ، وازداد الشلح (وهو أن يهجم الناس في الطرق فيقطعون الطريق على السابلة) ، ثم انتشرت إشاعة بأن يوم الجمعة هو قيام الساعة ، فأغلق الناس حوانيتهم وأقبلوا على المساجد حتى ملأوها ، وأقبل الظلمة على الذين ظلموهم يعطونهم أموالهم : ((خذوا هذه الأموال ؛ لقد ظلمناكم وسلبناكم حقوقكم)) ، والناس يقولون : ((والله لا نأخذ أموالنا ولا نسامح في حقنا حتى نلقى الله عز وجل))

فكرة ساذجة انتشرت بين الناس أن الساعة يوم الجمعة : فامتلأت المساجد بالمصلين !! أما الآن فإن المساجد تمتلئ بالمصلين حُباً في الدين وإقبالاً عليه .. إن قطاعاً عريضاً من شباب الأمة اليوم مُهيأ لأن ينقاد لأهل العلم لو حمل أهل العلم رسالتهم ، قال الله تعالى : (((يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس))) ، فرسالة العلماء هي رسالة ربانية ليست رسالة مصالح ولا أهواء .. ينبغي لأهل العلم أن تتآلف قلوبهم وتتحد كلمتهم ، وأن يكون لهم منهج واضح في تربية التلاميذ والجيل ، وأن يكون لهم هدف مستقبلي لخدمة الأمة والأخذ بمقودها إلى الله عز وجل .. أما أن يكون حظ الأمة من العلماء مجرد الكلام وحظ العلماء من الأمة مجرد السمع = فلا تأثير ولا تأثر ولا تغيير ولا تغير : فإن الأمر سيكون مزرياً ، ولن نستطيع أن نقدم شيئاً للأجيال الصاعدة

وهذا الدور هو ما يُحاول العلماء والدعاة اليوم القيام به وسط جوٍ عاصفٍ بالتحديات ، علم ذلك من علم ، وجهله من جهل .. وبطبيعة الحال يلتحق بالعلماء والدعاة في هذا : طلبة العلم وشباب الصحوة ممن أنعم الله عليهم بالعمل في خدمة الدين

لكن أحياناً قد يجد العالم أو الداعي إلى الله أن الأمر يقتضي منه أن ينسحب على نفسه وخاصته ، وفي هذا تختلف الأنظار ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((يوشك أن يأتي زمانٌ يُغربلُ فيهِ الناسُ غربلة ، وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فكانوا هكذا)) وشبك بين أصابعه ، قالوا : ((فما تأمرنا يا رسول الله ؟)) ، قال : ((تأخذون ما تعرفون ، وتدعون ما تُنكرون ، وتُقبلون على أمر خاصتكم ، وتدعون عنكم أمر العامة ))

وهذا بطبيعة الحال لا يُعفي من الموقف الواجب تجاه قضايا الأمة ، والمتعين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

أحببتُ فقط أن يكون هذا آخر كلامي هنا .. ولن أزيد على هذا ، وتحت هذا الكلام كلامٌ كثير ، والحر تكفيه الإشارة

ففي النفس حاجاتٌ وفيك فطانة *** سكوتي كلامٌ عندها وخطابُ

لم يبقَ عندي سوى كلماتٍ أحاولُ منذُ الصباح إيصالها لأحد الإخوة في "الوعد" ، لكني لا أستطيع الدخول هناك ، فسأرقمها هنا ولعل أمي "أم عبد الهادي" أو أمي "سيفتاب" توصلها له .. كلمات قيلت من قبل ، أستعيرها من صاحبها لأوجهها له قائلاً :

يا من تنهش في أحشائي

يا من مني .. يا من جزءاً من أجزائي

يا من تبدو للجهالِ كأنك دائي

إني أعلم أنك حتماً فيك شفائي

قل لي : هل يأتيك ندائي ؟!!

إنك مني .. أنت كأني .. لستُ أُرائي

إنك مني .. أنت كأني .. حين شقائي

حيت جهلتُ طريق إلهي من عند الألفِ إلى الياءِ

حين وَهِمتُ أن الدنيا حسي وغذائي وكسائي

إنك مسلم تشهد أن إلهك واحد .. إنك فيها من شركائي

لكنك دوماً تطعنني من خلفي في كعب حذائي

حين أراك تقوم بهذا يغرقني خجلي وحيائي

ووشاةُ القومِ إذا بانوا تسري الطعنة في أحشائي

قل لي : هل يأتيك ندائي ؟!!

ابغِ العزة عند إلهك ، ليس العزُ دمي وبكائي

وغداً من قوَّاكَ يُميتُك إن أنتَ أهملتَ ندائي



أسأل الله العلي الأعلى أن يبرم لأمتنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ، ويُهدى فيه أهل معصيته ، ويُخزى فيه أعداء ملته ، ويؤمر فيه بالمعروف ، ويُنهى فيه عن المنكر ، ويُحكم فيه بالكتاب والسنة

يا إخوتي ليس لي منكم سوى طلب *** هل يخذل الأخ من في اللهِ آخاهُ

إذا قرأتم وصليتم صلاتكمُ *** وقام قائمكم للهِ ناجاهُ

وهزت الأرض بالتسبيح سجدته *** وبللت وجهه بالدمع عيناه

وراحَ يدعو بما يحلو له طلباً *** للحسنيين بدنياهُ وأخراهُ

فلا تخلوا أخاكم من دعائكمُ *** بظهرِ غيبٍ وستر الليل ناجاهُ

ولتشفعوا لي إلى ربي وربكمُ *** وادعوا لعبدٍ لا تتركهُ : رَبَّاهُ

ادعوه يمنحني عفواً وعافية *** فليس أكرم منهُ في عطاياهُ

ادعوه يقبلني في المخلصين لهُ *** من استقاموا وقالوا : ربنا الله

وأنتم القوم لا يشقى جليسكمُ *** ومن شفعتم لَهُ يُكرمهُ مولاهُ


وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك




بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
رد: خاطرة مودع
« رد #1 في: 2010-01-02, 17:35:19 »

أين تذهب يا ناصح؟

ولم لا تستطيع الدخول إلى الوعد؟

هل ستترك النت فعلا نهائيا؟

لا تقل ذلك بل على الأقل قل أنك سوف تزور إخوتك وأخواتك كلما تيسر لك ذلك.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل أبو بكر

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 705
  • الجنس: ذكر
  • إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم
رد: خاطرة مودع
« رد #2 في: 2010-01-02, 21:33:33 »
قرأت الخاطرة و يؤسفني ما قرأت من أن هذه آخر كلمات لك !!
لماذا يا أخي ؟ بالله عليك إن استطعت الدخول فلا تبخل علينا ... لن ننساك إن شاء الله .. و لكن لا تنسانا انت أيضاً
اللهم انصر الأحرار في كل مكان، و أهلك كل فرعون وهامان....اللهم نصراً لليبيا وسائر بلاد المسلمين

غير متصل (أمة الرحمن)

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 400
  • الجنس: أنثى
  • *عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا
رد: خاطرة مودع
« رد #3 في: 2010-01-05, 14:13:00 »
لم أعرف الاخ ناصح أمين إلا هنا في هذا المنتدى

فقد لا أعرف سبب وداعها ورحيله

 لكن ما يمكن أعرفه حقاً

وهو أنني وقد إستفدتُ كثيرا بمواضيعه(او بعضها ما تيسر لي من قرائتها)

فجزاه الله عنا خيراً
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ..

غير متصل إيمان يحيى

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 3597
  • الجنس: أنثى
  • لا يأس مع الحياة
رد: خاطرة مودع
« رد #4 في: 2010-01-05, 14:41:40 »


رزقك الله البركة والخير وزيادة حيثما حللت وحيثما رحلت

لا تنسنا بدعائك يا أخي


غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: خاطرة مودع
« رد #5 في: 2010-01-08, 19:12:05 »
ننتظر عودتك يا ناصح أمين

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*