ما أجمل ما كان عندكم يا تمرة ، ما أجمل حديث أختك إليك .... ما أجمل التخرج في مدرسة رمضان وجني ثمرة التقوى والفوز بها ....
الحمد لله ....الحمد لله ... الحمد لله .... أنا أيضا لا أدري كيف هو شعوري هذا العام ، وكيف هو استبشاري بخير كثير .... سعادتي هذا العام بالعيد أكبر ، فرحتي به أكبر ....
مستبشرة كل خير .... فرحي بالذاكرين الشاكرين ، المستغفرين التائبين
فرحتي بعدد كبير من متجاذبي أطراف حديث الليل الرمضاني ، بين كيف كان إحساسك بليلة البارحة ؟؟ كيف كان قيامك ؟؟ كيف كان طعم الدعاء في تلك الليلة ؟؟ ، وبين ...كانت ليلة ولا أطيب ، كان النور فيها يملأ قلبي ....كان دعائي فيها قويا ، وكانت قوتي فيها فوق ما كنت أتوقع ....وكنت بها سعيدا ، وكنت فيها سعيدا أناجي ربي ، وأصلي وأقرأ قرآني .....
فرحتي هذا العام بأتقياء جدد ينثرهم رمضان على وجه الأيام كتناثر الدرر الغالية النفيسة التي لا تعرف صدءا ولا يعرف بريقها بهتا ....
فرحتي بأتقياء جدد .... كانوا من قبل غافلين لاهين فمنّ الله عليهم فإذا هم اليوم ذاكرون مستغفرون ، باكون على عتبات رحمة ربهم الرحمن الرحيم ....
فرحتي بالتائب الباكي ، وقد كاد يبدي بفؤاده لو لم تتداركه رحمة ربه ، فرحتي به وبعدد مثله ، يذكر معاصيه وأيام معاصيه كصفعات على وجهه تفيقه من غفلته ، وتستصرخ الخير الباقي في نفسه أن ينتشله من غرق محدق ....ونار محرقة تحيط به فتكاد تصيّره هشيما تذروه الرياح ....
فرحتي به يستنجد ، يسأل عما يكفر ، ولا يستعصي عليه أمر قدر استعصاء غضب الله عليه ....فرحتي به وبمن مثله يقضي الليالي الرمضانية المباركة كقنّاص يخشى ألا تتغمده الرحمات ، وأن يفوته العفو .....
فرحتي بشباب وشابات يسألون عما يستطيعون فعله في دنياهم ، حتى يروا لدنياهم وحياتهم فيها معنى ، فرحتي بمن تتمنى أن تقدم شيئا ، أي شيئ لنصرة الدين .....
فرحتي بمن محّص وبحث ونقّب بين أطراف حياته فإذا هي عادات وأشياء عادية لا تتعدى أن تكون عادة مملة ، ومعنى أقل من الحقيقة ...فيريد أن يلمس الحقيقة بيده بعد أن عرفها ، يريد أن تكون له فيها يد ، بعد أن عرف أنها الحقيقة ....
فرحتي بمساجد تعجّ بالمصلين الخاشعين ، بالشباب والشابات ....الداعين المستغفرين القانتين المنيبين ....
فرحتي بالتي تحمد الله تعالى أن أمهلها حتى بلغت رمضان هذا العام ، فعرفت له ولنهاره ولليله حق القدر ، فما ضيعت كعادتها تضيّع وما سوفت كعادتها تسوّف ، ولكنها شمّرت ، وارتقت سلم الطاعة وجعلت ترتقي وترتقي حتى خرجت وروحها بين جنبيها يعمها النور وتعمها الرحمة ويعمها الخير والاستبشار والرضى .....
فرحتي بمن كان يستثقل القيام وينعت القائمين بالمثقلين على أنفسهم في دين اليسر !!!، فرحتي به يستطيب قيام ليلة ، وقيام ليلة بعدهاوليلة وبعدها وبعدها وإذا به يواظب على قيام جل الليالي .... وإذا به ليلة العيد يقوم لا يريد أن يكون من الذين ودّعوا الطاعة بتوديع رمضان .... فرحتي بدموعه التي يخفيها ولكنها تأبى إلا أن تشيَ به وهو يجهش ....
فرحتي بالأمطار النازلة رحمة من السماء ....فينزل الغيث على مدينتنا ليومين متتاليين تقريبا دون انقطاع ، وهو حال مدن جزائرية أخرى ، فيقفز إلى رَوعي قوله تعالى :
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يرسل السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً(11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً(12) سورة نوح
خالجني إحساس كبير جدا أنما هو جزاء استغفار الناس الكبير في هذا الشهر العظيم وهم قائمون ليلا أو سائحون ذاكرون نهارا ...أسعدني ذلك وأفرح قلبي صدق وعد ربي من جهة "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " ، وصدق الناس وتفطنهم من جهة أخرى ....
فرحتي بك يا تمرة تخبرين أن المطر ينزل رقيقا رفيقا على أحبتنا بالأردن ....عساه جزاء استغفار المستغفرين هناك أيضا وفي كل مكان من الأرض ....
فرحتي بكلمات الإمام الخطيب يوم العيد وهو يحث المؤمنين على الاستبشار بمن صلّى في رمضان وزار المسجد في رمضان وألا يستكبر عليه ويرى في نفسه قديم الطاعة وأن هذا الذي جاء اليوم إنما هو مصلّ من مصلي رمضان وما يفتأ يغادرنا رمضان حتى تراه يغادر المساجد ....فرحتي بدعوته المؤمنين لأن يفرحوا بالعائدين وبالجدد الذاكرين ، فلعلهم يكونون زيادة في عدد التقاة العائدين ......
فرحتي بطفلة كما البدر المكتمل في خمار تضعه على رأسها الصغير يزين تقاسيم وجهها البريئ الطاهر ، ترفع وتركع وتسجد وهي تلقي بأطرافها كلها ، ترى في فعلها الصلاة بعينها ، فلا تنسى فيها حظها من لعب أو لهو أو تلفت بعين يمنة ويسرة أو حظها من ضحكة صافية بريئة ....والسبابة الصغيرة تضرب ضربا يبلغ الآذان البعيدة في تحياتها وزكياتها .... فلا تترك مناسبة إلا وسبقت إليها مع أمها للمسجد ....
فرحتي بالمتصدقين والمتصدقات ، المسارعين للخير والمسارعات ، وبالذي تفيض من الدمع عينه حزنا ألا يجد ما ينفق ....
فرحتي للكثيرين والكثيرات الذين تشربوا معنى آفة التلفزيون في رمضان ، فما ضيعوا أوقات رمضان الغالية مع سفاسف برامجه ، وما استطاعوا ببرامجه الطيبة لحاقا من فرط لهثهم خلف ساعات رمضان الغالية وملئها صلاة وذكرا وقياما وقرآنا وتزاورا وتراحما وأعمال خير ....
فرحتي بالمتراحمين والمتراحمات ....فرحتي بالمتصالحين والمتصالحات .....
فرحتي لفرح الفرحين بالعيد لفرحتهم بطاعاتهم ، ولدعائهم أن تزيد وتزيد وتدوم وتثبت .....
فرحتي للأمة وبوادر الخير فيها ......وبوادر الصحوة في شبابها وشيبها ......
وفرحتي باستبشاري الخير ..... وببقاء الخير وبنمو الخير ....وبأن الخير بإذن الله آت ....آت ...آت