بسم الله الرحمن الرحيم
ليس المراد بالعبادة –أيها الإخوة- الشعائر التعبدية من صلاة وصيام ... وحج وزكاة فحسب بل إن إتباع أحكام الله
وابتغاء مرضاته في البيت والطريق .. في الحقل و المتجر .. في المدرسة والمصنع كلها عبادات وقربات.
المراد بالعبادة كل أنواع النشاط المباحة مرداً بها وجه الله . قد تتساءل يا أخي لماذا؟
والجواب: لأن دين الله وحدة لا تنفصل ..وكل لا يتجزأ فمن فصم وحدته إلى شطرين هذا يخضع لمنهج الله..
والآخر يخضع لقوانين الأرض فقد خرج عن هذا الدين... كما أن انطلاق موكب الرسل –عليهم الصلوات-ينادى
كل منهم في قومه عبر القرون : (( واعبدوا الله مالكم من إله غيره)) الأعراف : 59
يقتضي أن تكون العبادة أوسع من مجرد الشعائر وتستغرق جوانب الحياة .
وقد امتدح الصحابة-رضي الله عنهم- شاباً ذا صلابة وقوة خرج مبكراً يسعى فقالوا : ويح هذا ،لو كان
شبابه وجلده في سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم ))لا تقولوا هذا فإنه إن كان خرج يسعى على أبوين ضعيفين
يغنيهم فهو في سبيل الله ... وإن خرج يسعى على نفسه يكفيها فهو في سبيل الله...وإن خرج يسعى رياء ومفاخرة
فهو في سبيل الشيطان )).
بل إن المباحات تنقلب إلى عبادات وطاعات بالنيات الصالحة . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم )إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى )) فأبعاد العبادة تمتد في الإسلام بقدر امتداد النية وإخلاص الفؤاد لله ...وبذلك تصبح حركات المؤمن وسكناته ونوماته ويقظاته خطوات إلى مرضات الله .
ومن ناحية الدعوة إلى الله فلو طبقنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ))كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ))
فنقول إن الرجل يمكن أن يكون داعٍ من خلال عمله ومن خلال أخلاقه فالرسول صلى الله عليه وسلم كان قرآناً يمشي على الأرض و المرأة داعية في بيتها و أسرتها فليس خروجها من منزلها فقط يجعلها داعية وإنما دعوتها تبدأ من بيتها وزوجها و أطفالها والطالب يمكن أن يكون داعياً بين زملائه أيضاً بأخلاقه الحميدة وتربيته الصالحة وإخلاصه لله في دراسته لا كبرياء ولا رياء إذاً لا يجلس الإنسان مكتوف اليدين بحجة عدم توفر الظروف المناسبة .
فالظروف المناسبة نحن نجدها إن أردنا وأحببنا
والله الموفق لما فيه خير لهذه الأمة وهذا الدين...
