بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك على هذه المعلومات القيمة يا أسماء
لا مزيد على كلامك القيم، ولكنني أحب أن أضيف قصتين، يبدو للمتأمل فيهما جيدا كيف كان قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه رقيق القلب، رغم ما كان يبدو عليه من غلظة وعنف، وكيف كان سرعان ما يلين بعد أن تزول عنه موجة الغضب... هذا في الجاهلية طبعا... ولا نتحدث عنه بعد الاسلام...
رقته للمهاجرين المسلمين من بني قومه:
معجم الطبراني الكبير، الإصدار 1.05 - للإمام الطبراني
باب اللام (25/ 17) >> ليلى بنت أبي حثمة بن حذيفة بن غانم بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو كريب ثنا يونس بن بكير حدثني محمد بن إسحاق أخبرني عبد الرحمن بن الحارث بن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه ليلى قالت كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في اسلامنا فلما تهيأنا للخروج الى أرض الحبشة جاءني عمر بن الخطاب وأنا على بعيري أريد ان اتوجه فقال أين يا أم عبد الله فقلت آذيتمونا في ديننا فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى في عبادة الله قال صحبكم الله ثم ذهب فجاءني زوجي عامر بن ربيعة فأخبرته بما رأيته من رقة عمر فقال ترجين أن يسلم فقلت نعم فقال والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب (25/ 30)
رقته لأخته عندما سال دمها بسبب صفعته:
عن ابن إسحاق قال: ثم إن قريشا بعثت عمر بن الخطاب وهو يومئذ مشرك في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ...... ولقيه النحام وهو نعيم بن عبد الله بن أسيد و كان قد أسلم قبل ذلك وعمر متقلد سيفه فقال: يا عمر! أين تراك تعمد؟ فقال: أعمد إلى محمد هذا الذي سفه أحلام قريش وسفه آلهتها وخالف جماعتها فقال له النحام: لبئس الممشى مشيت يا عمر! ولقد فرطت وأردت هلكة بني عدي بن كعب أو تراك سلمت من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا صلى الله عليه وسلم فتحاورا حتى ارتفعت أصواتهما، فقال له عمر: إني لأظنك صبؤت ........ ولو أعلم ذلك لبدأت بك، فلما رأى النحام أنه غير منته قال: فإني أخبرك أن أهلك وأهل ختنك قد أسلموا وتركوك وما أنت عليه من ضلالتك، فلما سمع عمر تلك المقالة يقولها قال: وأيهم؟ قال: ختنك وابن عمك وأختك.
فأقبل عمر حتى انتهى إلى باب أخته ليغير عليها ما بلغه من إسلامها، فإذا خباب بن الأرت عند أخت عمر يدرس عليها (طه) وتدرس عليه (إذا الشمس كورت.) فلما دخل وأبصرته أخته عرفت الشر في وجهه فخبأت الصحيفة، وراغ خباب فدخل البيت.
فقال عمر لأخته: ما هذه الهينمة في بيتك؟ قالت: ما عدا حديثا نتحدث به بيننا، فعذلها وحلف أن لا يخرج حتى تبين شأنها، فقال له زوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: إنك لا تستطيع أن تجمع الناس على هواك يا عمر وإن كان الحق سواه فبطش به عمر فوطئه وطأ شديدا وهو غضبان، فقامت إليه أخته تحجزه عن زوجها؛ فنفحها عمر بيده فشجها، فلما رأت الدم قالت: هل تسمع يا عمر أرأيت كل شيء بلغك عني مما تذكره من تركي آلهتك وكفري باللات والعزى فهو حق؛ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، فائتمر أمرك واقض ما أنت قاض، فلما رأى ذلك عمر سقط في يديه،** (و في رواية: فلما يئس عمر ورأى ما بأخته من الدم ندم على ما صنع فارعوى)
فقال عمر لأخته: أرأيت ما كنت تدرسين أعطيك موثقا من الله لا أمحوها حتى أردها إليك ولا أريبك فيها، فلما رأت ذلك أخته ورأت حرصه على الكتاب رجت أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم له قد لحقته فقالت: إنك نجس ولا يمسه إلا المطهرون ولست آمنك على ذلك، فاغتسل غسلك من الجنابة وأعطني موثقا تطمئن إليه نفسي، ففعل عمر، فدفعت إليه الصحيفة، وكان عمر يقرأ الكتاب فقرأ (طه. - حتى بلغ: إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى. - إلى قوله: فتردى.) وقرأ (إذا الشمس كورت - حتى إذا بلغ: علمت نفس ما أحضرت.) فأسلم عند ذلك عمر، فقال لأخته وختنه: كيف الإسلام؟ قالا: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وتخلع الأنداد وتكفر باللات والعزى، ففعل ذلك عمر.
فخرج خباب وكان في البيت داخلا، فكبر خباب وقال: أبشر يا عمر بكرامة الله! فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا لك أن يعز الله الإسلام بك، فقال عمر: دلوني على المنزل الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له خباب بن الأرت: أنا أخبرك، فأخبر أنه في الدار التي في أصل الصفا: فأقبل عمر وهو حريص على أن يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر يطلبه ليقتله ولم يبلغه إسلامه، فلما انتهى عمر إلى الدار استفتح، فلما رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر متقلدا بالسيف أشفقوا منه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجل القوم فقال: افتحوا له، فإن كان الله يريد بعمر خيرا اتبع الإسلام وصدق الرسول، وإن كان يريد غير ذلك يكن قتله علينا هينا.
فابتدره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم داخل البيت يوحي إليه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع صوت عمر وليس عليه رداء حتى أخذ بمجمع قميص عمر وردائه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أراك منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من الرجز ما أنزل بالوليد بن المغيرة! ثم قال: اللهم اهد عمر! فضحك عمر فقال: يا نبي الله! أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فكبر أهل الإسلام تكبيرة واحدة سمعها من وراء الدار، والمسلمون يومئذ بضعة وأربعون رجلا وإحدى عشرة امرأة.