تلفازي القديم
في الستينيات من القرن الماضي.. كان لدينا تلفاز صغير..
كان به من الأزرار اثنان.. زر للفتح وللغلق.. وزر لضبط قناتين..
فقد كان به من القنوات اثنتان.. ومن الألوان اثنان.. أبيض وأسود..
اعتدت الجلوس أمامه لأشاهد برنامج الأطفال..
وأغنيتي المفضلة.. كانت أفضل أغنية للأطفال في ذلك الوقت..
"ماما زمانها جاية" ..
ويملأ الشاشة وجه طفل يضحك أجمل ضحكة في الدنيا..
عفوا، إنها ذكريات كاذبة، نرسمها بأذهاننا لنهرب إليها من واقع ربما لا يكون أكثر إيلاما من سابقه!!
أو ذكريات مؤسفة حيث نعلن أنا كنا نعيش فترة تغييب تام عن الحقائق وتزييف لحال أمتنا، وهو افتراض لا يقل سوءا عن سابقه!!
فقد كانت الستينيات بالقرن الماضي هي حقبة ضياع باقي فلسطين وسيناء والجولان مع البقية الباقية من أي كرامة تعلقت هنا او هناك بعروق المسلمين على يد اليهود!
كانت حقبة قتل فيها خمسمئة تلميذ ابتدائي بمدرسة بحر البقر بابي زعبل في مصر!!
كانت حقبة خان فيها ولاة الامر رعيتهم ودينهم وبلادهم وسلم احدهم بلده لعدوه وسلم الاخر المدافعين من ابناء بلده لما هو شر من العدو المحارب!!
كانت حقبة لم يُر فيها فيلم الا وتزينه أجساد الراقصات ورائحة الخمور واوهام الحب التي تنشر ما يزيد عن الرذيلة سوءا وقبحا وعفنا!!
كانت حقبة لم تعرف الجوامع زوارا اصغر من الخمسين في العمر، ولم ينشغل النساء فيها الا بالموضة والازياء ... مع الفقر والذل الذي يحياه الشعب!
كانت وكانت... لحاها الله أحداثا توالت، فما أبقت للإسلام قشرا ولا لبا، ولا حفظت لها عهدا ولا ودا، أممت فيها اوقاف المسلمين!، وأنزل الأزهر تحت أمر الحاكم، واغلقت دور العلم، وسجن العلماء،... بل لحاها الله أحداثا توالت غيبت عقولنا،وأعمت أبصارنا وصمت آذاننا، فصرنا ضحكة الشيطان والأعداء، وأكثر..!
فإما أننا نتخيل واقعا غير هذا!!
أو أننا كنا على جهل فعلا بحقيقة كل هذا!!