جزاكم الله خيرا جميعا إخوتي وبارك فيكم، وإنّه ليشقّ عليّ أن أطيل عليكم، ولكنّ كل سعي منكم وكل محاولة فيها من الخير بإذن الله وإن لم تكن هي الحل...
بارك الله فيك يا فرح، وشرْحك أيضا قريب جدا جدا، وأضع الآن التفصيل :
بين الأمكنة في مكان، يأتي زمان قبل أول زمان... وبين المجالات في مجال يأتي مكان قبل أول مكان..
ألا إنها البداية، ولكنها النهاية والمآل...
في مكان من الأمكنة من قرآننا العظيم، يأتي زمان قبل أول زمان، إنه "وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ " يوم الحشر وهو هنا يأتي ذكره قبل ذكر زمان الدنيا ... وبين مجالات الآيات يأتي مجال فيه المكان قبل أول مكان، أي يأتي ذكر الآخرة قبل الدنيا ...
هي ساعة السؤال، وهي ساعة قبل المآل... وهي ساعة المآل...
هي ساعة السؤال في يوم الحشر، وهي ساعة قبل المآل وذلك في قوله تعالى :"كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ "، إذن فوقت الدنيا عندهم كأنه ساعة، وهي ساعة المآل، هي الساعة التي يتحدد فيها مآل الإنسان ...
وبعد المآل يأتي الإمهال... فهل بعد المآل من إمهال ؟!!!
بلى ... يأتي وربّ المآل والإمهال...بعد ذكر يوم الحشر، يأتي في الآية الموالية ذكر الإمهال، والإمهال طبعا من الله تعالى يكون قبل المآل، ولكن هنا نلاحظ ذكر يوم الحشر، ثم الله تعالى يذكر الإمهال الذي كان منه سبحانه لعباده في الدنيا
"وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ"
وهذا بعض ما وعد الله عباده الظالمين، عذاب في الدنيا جاء وقد أمهلهم سواء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته...
وبعد الإمهال يأتي الإرسال ... فهل قبل الإرسال من إمهال؟!!!
بلى... يأتي، وربّ المآل والإمهال والإرسال يأتي..وبعد ذكر الإمهال يأتي ذكر إرساله الرسل سبحانه، وذلك في قوله تعالى : "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ"
بين الأمكنة، في مكان... بين المجالات في مجال...
فتدبر وانظر إلى الحال، كيف يأتي الآخر قبل الأول بحال من الأحوال...وهكذا جاء الترتيب عكسيا من ذكره سبحانه الحشر، وبعده إمهاله عباده في الدنيا، ثم إرساله الرسل...
وفي الحقيقة سورة يونس، قبل هذه الآيات، يأتي الترتيب عاديا، لو تأملنا بدءا من الآية 31 إلى 36 عن الله تعالى، عن الخلق، وعن الهداية...
"
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ(31) فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ(32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ(33) قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(34) قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ(36)"
ثم من 37 إلى 44 حديث عن الرسول، وعن الرسالة(القرآن)، وكيف يكون الإمهال .
"
وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ(37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(38) بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ(39) وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ(40) وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ(41) وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ(42) وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ(43) إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(44) "
وتختم الآية 44 بأن الله لا يظلم الناس، بل هم يظلمون أنفسهم، لتكون آية ما يسمى بالتخلص، للخروج من مجال إلى مجال آخر: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(44) "
ومباشرة بعدها يأتي ذكر يوم الحشر، ليأتي الترتيب من 31 إلى 45 عاديا، ثم يأتي عكسيا من 45 إلى 47 ...
ونسأل الله أن ينورنا جميعا بنور القرآن العظيم ...
تبقى الجائزة
هذه جائزتك يا فرح
وهي لمسة بيانية من سورة يونس :)
https://www.youtube.com/watch?v=v3A_pVe-WZ0