المحرر موضوع: تعدد الزوجات في الإسلام  (زيارة 7040 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
تعدد الزوجات في الإسلام
« في: 2017-07-04, 11:55:09 »
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الموضوع نشرته على حلقات على صفحتي على الفايسبوك من عدة سنوات، ومعظم مادته مستمدةة من ردود كانت لي في موضوع سابق في هذا المنتدى الطيب عنوانه (لماذا تكره النساء التعدد)
ولكننني عند النشر زدت فيه وانقصت، واضفت بعض الاقتباسات من رسالتي، ولهذا رأيت ان انشره هنا في موضوع مستقل بشكل ردود متتابعة،ليكون مرجعا لي ولمن أحببت أن أحيله إلى الموضوع
فسامحوني إن وجدتم فيه تكرارا لكثير مما سبق نشره
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #1 في: 2017-07-04, 11:56:24 »
الجزء الأول:
أخواتي العزيزات، اللاتي يحسبن أن تشريع تعدد الزوجات هو لمصلحة الرجل، ويسألن ماذا للمرأة بالمقابل؟
 أحب ان ألفت أنظاركن الكريمة إلى أن المستفيد من تشريع تعدد الزوجات هو نساء أيضا.. فالمرأة الثانية والثالثة امرأة... لم تجد فرصة للزواج من رجل أعزب، فتزوجت من رجل متزوج... وستكون لي منشورات لاحقة عن حقوق المرأة في الإسلام بالتفصيل إن شاء الله، لكنني فقط أحببت أن أشد انتباهكن إلى أن تشريع تعدد الزوجات، وعلى عكس ما يروجه المستغربون والمتعلمنون، هو تشريع في صالح المرأة والرجل أيضا، يحل مشاكل للنساء وللرجال على حد سواء، وليس تشريعا روعيت فيه مصلحة الرجل وحده كما يحاول أعداء الدين أن يوهمونا.
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #2 في: 2017-07-04, 12:00:47 »
الجزء الثاني:

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من حق الرجل شرعا أن يعدد ولغير ما سبب، ويشترط له العدل بين الزوجات والقدرة على النفقة والقيام بشؤون الأسرتين، وفقط..
من حق المرأة شرعا أن تشترط في عقد نكاحها ألا يتزوج زوجها عليها، وفي هذه الحالة ان تزوج عليها فلها ان تُطلّق منه ولها كامل الحقوق.
من حق المرأة شرعا إذا كرهت أن يتزوج زوجها عليها ان تهدده بالطلاق، فإن أصر أن تخلعه... وإن صبرت وحافظت على ابنائها لكان أفضل لها وأعظم أجرا...

لكن بكل أسف مستوى تربيتنا الدينية هذه الأيام تثبت ألا أحد قادر على العدل وتقوى الله مع زوجة واحدة، فكيف بمن يعدد..

حكم التعدد انه مباح... لا أكثر... وهو مكروه على المذهب الحنبلي لأنه يعرض الرجل للوقوع في الظلم... فمن ينادي به على انه سنة يجب إحياؤها مخطئ ومفتئت على شرع الله ومتقوِّل بلا علم
ومن ينادي بمنعه من العلمانيين والليبراليين وأنصار المرأة ايضا متجرئ على شرع الله، طاعن في حكمته وعلمه، وصلاحية شرعه لكل زمان وكل مكان، وأول من سيشكو من هذا المنع هو المرأة نفسها، فألوف الأرامل والمطلقات والعانسات ستشتكي من فقدانها فرصة الزواج الذي هو حقها الطبيعي... فهذا التشريع (التعدد) خير للمرأة والرجل على حد سواء...

فلا يلام من يريد التمتع بهذا المباح، كما لا يلام من كرهه لنفسه (لا كتشريع) بل كحالة فردية... تماما كما قد تكره لبسا معينا او أكلا معينا مع انه مباح... وقد كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها...
والشريعة عادلة سمحة، وازنت بين الحقوق والواجبات بما يضمن مصلحة الجميع، ويزيل الضرر عنهم جميعا... فلا يجوز لأحد أن ينادي بمنع التعدد، كما لا يجوز لأحد أن ينكر على الزوجة الاولى كراهيتها له وحقها في ممانعته بالنسبة لحياتها..

هذا ويدهشني أننا نحاول أن نحل مشكلة تأخر الزواج بالنسبة للشباب... فيقفز بعضهم ليبحث مسألة الزوجة الثانية والثالثة... وكأن (خلاص) كل الشباب والرجال تزوجوا في بلادنا، وقلقنا من أجل الفتيات غير المتزوجات....
سبحان الله...

من الجور في الأحكام أن تجد الشباب يطالبون بتخفيض المهور وتيسير الزواج ووجوب تحمل الزوجة شظف العيش مع زوجها، وأن تكافح معه وتتحمل وتصبر، ثم إذا وجد مثل هذه الدرة النفيسة، وبمجرد أن يشم نفسه ويرتاح، بدل أن يريحها ويسعدها ويشكرها على كفاحها معه.... يأتي لها بضرة....
سبحان الله لم يكن رسولنا صلى الله عليه وسلم هكذا أبدا
لقد كان وفيا للسيدة خديجة طيلة حياتها التي امتدت معه خمسا وعشرين عاما...
وبعد وفاتها تزوج في وقت واحد بامرأتين، السيدة عائشة والسيدة سودة بنت زمعة....
علما ان العرف وقتها كان التعدد بلا حدود
ليتكم -معشر دعاة التعدد- تحيون أولا فريضة الجهاد في سبيل الله ... وتبحثون في عوامل تخلف الأمة وانتشار الفساد والبعد عن الدين...

اللهم لا تجعلنا فتانين
ولا تفتنا ولا تفتن بنا
واجعلنا هادين مهديين لا ضالين ولا مضلين
« آخر تحرير: 2017-07-08, 11:09:37 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #3 في: 2017-07-04, 12:02:32 »
الجزء الثالث

أخت حبيبة تسأل: "ماذا نقول للمرأة التي تتضايق من ذكر نعيم الحور العين للرجال ولا ترى شيئا مقابلا للنساء"؟
نقول أن طبيعة المرأة مختلفة تماما عن طبيعة الرجل... لا يمكن أن نتصور ان المرأة سيسرها ان يقال لها هناك ذكور من الحور العين تتمتع بهم... بالعكس.. هذه الفكرة مقيتة جدا بالنسبة للمرأة التي فطرها الله تعالى على كراهية التعدد والاخلاص والوفاء لرجل واحد... نحن نرى الارملة تعيش حياتها على ذكرى رجل واحد ارتبطت به لعدم تخيلها ان تكون مع اخر من جديد... .. عدا عما في هذه الفكر (تعدد الذكور على المرأة الواحدة... أو التلويح باللذة الجنسية لها) من خدش لحيائها..

وانما سنة نبينا صلى الله عليه وسلم بينت ان المرأة من نساء الدنيا تكون أجمل من الحور العين، بل تكون سيدتهن وهن خادماتها... وبين كتاب ربنا تبارك وتعالى ان لها في الجنة من الثياب السندس والاستبرق وأساور الذهب والفضة والمجوهرات المختلفة، والأرائك والأثاث الفاخر، والأواني النفيسة من أكواب القوارير والفضة، وكل هذا مما تشتهيه النساء وتتنافس فيه في الدنيا، ولها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولها فيها ما تشتهيه نفسها وتقر به عينها
فماذا تريد اكثر من ذلك من وعود بالنعيم المقيم
وهناك الزيادة، وهي لذة النظر لوجه الله تبارك وتعالى الكريم العظيم الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير...
فكل هذه النعم والمنن للنساء والرجال...
فلتطمئن النساء... ولتجتهد للوصول للجنة... وأنا أضمن لهن أنهن سيسعدن هناك ولن يحزن أبدا... ولن يبغين عنها حِولاً

جمعنا الله وإياكم في جنات الخلود، على سرر متقابلين، دون حساب ولا سابقة عذاب
اللهم آمين
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #4 في: 2017-07-04, 12:04:18 »
الجزء الرابع

الإسلام لم ينشئ حكم التعدد، بل ضبطه:

لقد كان التعدد منتشراً بين الأمم، بلا حد ولا قيد، فجاء الإسلام فقيده وضبطه وحدده، فقيده بشرط العدل الكامل، (إلا في ميل القلب)، وبالقدرة على الإنفاق، وحدده بالعدد أربعة كحد أقصى، وندب الاقتصار على واحدة لمن خشي من نفسه الظلم وعدم العدل.
يقول الإمام ابن عاشور في (التحرير والتنوير): "لم يكن في الشرائع السالفة ولا في الجاهلية حد للزوجات، ولم يثبت أن جاء عيسى عليه السلام بتحديد للتزوج"، ويقول في (أصول النظام الاجتماعي في الإسلام): "لقد حددت الشريعة أن لا يتزوج الرجل على امرأته أكثر من ثلاث زوجات".
وفيما كتبه الشيخ مصطفى السباعي في كتابه: (المرأة بين الفقه والقانون) مزيد بيان، حيث قال: "الإسلام لم يكن أول من شرع تعدد الزوجات، بل كان موجوداً في الأمم القديمة كلها تقريبا: عند الأثينيين، والصينيين، والهنود، والبابليين والأشوريين، والمصريين، ولم يكن له عند أكثر هذه الأمم حد محدود،... والديانة اليهودية كانت تبيح التعدد بدون حد، وأنبياء التوراة جميعاً بلا استثناء كانت لهم زوجات كثيرات، وقد جاء في التوراة أن نبي الله سليمان كان له سبعمائة امرأة من الحرائر وثلاثمائة من الإماء. لم يرد في المسيحية نص صريح بمنع التعدد، وإنما ورد فيه على سبيل الموعظة أن الله خلق لكل رجل زوجته. وهذا لا يفيد -على أبعد الاحتمالات- إلا الترغيب بأن يقتصر الرجل في الأحوال العادية على زوجة واحدة، ... ولكن أين الدليل على أن زواج الرجل بزوجة ثانية مع بقاء زوجته الأولى في عصمته يعتبر زنى ويكون العقد باطلاً؟
ليس في الأناجيل نص على ذلك، بل في بعض رسائل بولس ما يفيد أن التعدد جائز، ... وقد ثبت تاريخياً أن بين المسيحيين الأقدمين من كانوا يتزوجون أكثر من واحدة، وفي آباء الكنيسة الأقدمين من كان لهم كثير من الزوجات".


((انظر للمزيد: عباس محمود العقاد، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه؛ ومحمد البلتاجي، مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.))
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #5 في: 2017-07-04, 12:06:24 »
الجزء الخامس

هل الأصل في الإسلام هو تعدد الزوجات؟

تعدد الزووجات كان هو الوضع القائم عند كافة الشعوب قبل الإسلام (كما تبين من المنشور السابق)، ثم جاء الإسلام فحدد التعدد بحد أقصى هو "الأربعة"، وقيد التعدد بشرطين: القدرة على الإنفاق، والعدل، فمن لم يستطع تحقيق أي من هذين الشرطين، فيجب عليه الاقتصار على واحدة، وليس كما يشيع كثيرون هذه الأيام من أن الاساس في الإسلام هو التعدد الا من شاء ان يقتصر على واحدة
يقول الله تعالى: ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)

فالاساس في الاسلام هو الواحدة، والدليل على هذا أن هناك كثيرا جدا من الاحاديث والايات تأمر بالنكاح، وتعتبره إحصانا، وتحث عليه، وعلى مساعدة من يريد العفاف، وليس فيها ذكر التعدد.
والاية التي ورد فيها التعدد جاءت بصيغة أنها رخصة لمن خشي من نفسه أن يظلم اليتيمة التي في كفالته أو اي حاجة اخرى، وقيد هذه الرخصة بشرط العدل.

ومن قرأ واجبات الزوج في العدل بين زوجتيه في الانفاق والمبيت وغير ذلك من حقوق: لعلم أن الأمر ليس بالهين أبدا... وان صور التعدد التي نراها في مجتمعاتنا لا تمت لشرعنا بصلة الا كصلة معاملاتنا المالية وبنوكنا ومصارفنا بشرعنا..

هذا وقد كره الحنابلة التعدد (اي حكموا عليه بالكراهة) لانه يعرض الرجل للظلم، فمن كان غير متأكد من قدرته على العدل فيكره في حقه.
وبقية المذاهب الفقهية تحكم على التعدد أنه مباح، ولم يذكر أي منها أنه سنة أو مندوب أو مستحب... ومن يعترض على هذا الكلام فليأتنا بآية أو حديث فيها حث أو تحريض على التعدد من ربنا تبارك وتعالى أو نبينا الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه.
فاتبعوا ولا تبتدعوا.. يرحمكم الله
وبشروا ولا تنفروا، يهدينا ويهديكم الله
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #6 في: 2017-07-04, 12:11:13 »
#العادات_الظالمة
#والتطبيق_المسيء_للشريعة
#وأمراضنا_الاجتماعية
#تعدد_الزوجات


الجزء السادس

إن غيرة المرأة وعدم تقبلها لوجود ضرة في حياتها أمر طبيعي فطري، فلو لم يكن هذا طبيعة أصيلة في المرأة ما كانت كرهته البضعة النبوية: سيدة النساء، فاطمة بنت محمد، الزهراء رضي الله عنها وأرضاها
وما كرهته السيدة عائشة رضي الله عنها وعبرت عن ضيقها به في أكثر من موقف، وأعلنتها صراحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا تغار مثلي على مثلك؟)
ومن عجب أن بعض (الملتزمين) ينكرون على المرأة هذا الشعور الطبيعي، ويزعمون أنه علامة على الاعتراض على أمر الله وشرعه!!

وإن سوء التطبيق الصارخ في زمننا هو ما يجعل زواج الزوج من أخرى كارثة بكل المقاييس... لا على زوجته فحسب، بل على أولاده أيضاً. فأين نجد الرجل التقي الصالح الذي يحقق العدل بشروطه، ويحرص على أن يمتص غيرة زوجته، ويتعامل معها بذكاء وحصافة، ويراعي مشاعرها، وبعدله وتقواه بين الجميع وعدم ميله وجنفه يخفف كثيرا من حدة الغيرة...
كذلك نظرة المجتمع الظالمة للمرأة، والتي تتهمها دوماً أنها لا شك بها عيب او نقص دفع زوجها للبحث عن غيرها... مع ان هذا غير صحيح، وكثير من حالات التعدد لا يكون الدافع إليها أبداً تقصير الأولى، بل مجرد رغبة الزوج في الأخرى خصوصا، (نتيجة الاختلاط الذي لا تضبطه التقوى) أو في التعدد عموماً.
وهذه النظرة المجحفة تجعل الأمر مؤلما ومهينا ومذلا، أكثر منه مجرد أمر مثير للغيرة وحسب...
وأحسب أن نظرة المجتمع هذه لو تغيرت، لخف أكثر من 70% من آلام التعدد ووطأته بالنسبة للمرأة...

ومن غرائب مجتمعاتنا الظلم الاجتماعي البين للمرأة والبعيد كل البعد عن الدين، والكيل لها بمكيال مختلف..

أذكر أنني مرة كنت أستمع لقصة مسلسل من احدى السيدات... كانت تستنكر ان بطلة المسلسل تريد ان تتزوج مع ان ابنها شاب وطولها، فقلت لها وماذا في هذا؟ الا تريد ان تتزوج على سنة الله ورسوله؟ قالت باستنكار: هل جننت... امراة مثلها بلغ ابنها مبلغ الشباب!!! خلليها تنستر وتنضب في بيتها!!!...
فقلت لها وهل الزواج الا سترة؟ مادام الله أحله فلم تحرمونه؟
قالت لأنه عيب عليها..
قلت لها ومن الذي حكم بأنه عيب وهو حلال؟ ولماذا لو أراد رجل ان يتزوج على زوجته لا تقولون له: تكفيك زوجتك وانضب، ولا ترون أن هذا عيب؟
قالت لأنه حقه، والله أباحه له...
قلت لها سبحان الله!!! الله الذي أباح للرجل ان يعدد هو الذي أباح للمراة المطلقة او الأرملة ان تتزوج من جديد بعد أن تنقضي عدتها... فلماذا تقرون بذلك الحلال وتنكرون هذا الحلال؟
قال تعالى: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْروفِ}
إنها العادات والتقاليد عندما تصبح في حسنا وشعورنا أهم وأقوى من حكم الله ومن الحلال والحرام...

إن إصلاح المجتمع لا يكون إلا بالتربية على أساسيات الاسلام وشرائعه المتكاملة، لا أن نختار من تعاليم الاسلام ما يعجبنا كالتعدد، ونترك منه ما لا يعجبنا كالحجاب والحشمة وتجنب الاختلاط والتحفظ في التعامل مع الجنس الآخر، والعدل واكرام المرأة وتحري الحلال وووو ... وغير ذلك من أحكام دينية طواها النسيان حتى في أذهان كثير من المتدينين بكل أسف...
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #7 في: 2017-07-04, 12:13:38 »
الجزء السابع

العدل بين الزوجات

قرأت لبعض الأشخاص أن الله تعالى قيد التعدد بالعدل، وقال في آية أخرى: { وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} وهذا دليل على منع التعدد...
وشخص آخر زعم أنه رغم تأكيد الآية على عدم قدرة الرجل على العدل، إلا انه أباح التعدد، وهذا دليل على أن العدل ليس قيداً مشروطاً لإباحة التعدد
وكلا الفهمين خاطئ، وإليكم البيان:
قوله تعالى (ولن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا) جاء في السياق التالي:
{وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (النساء 129)
فالعدل المذكور في هذه الآية والذي ينفي الله تعالى قدرة الرجل عليه، هو العدل القلبي، في المشاعر والعواطف، فهو يوجه الرجل انه اذا لم يستطع ان يعدل في مشاعره، فهذا لا يعفيه من مسؤولية العدل في تصرفاته الظاهرة، بتوزيع أيامه ولياليه بين نسائه بالعدل، والعدل في النفقة، وفي الرعاية والاهتمام... ثم مشاعره لا يحاسبه الله عليها إن أحب واحدة أكثر من الأخريات
فالله تعالى ليس كالبشر، يناقض بعض كلامه بعضاً، فيبيح التعدد في آية ويشترط له العدالة، ثم بعد بضع صفحات يقول "ولن تَسْتَطِيعُوا أَن تعدلوا" فيحرمه من جديد
وإنما العدل المقصود في قوله تعالى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } هو العدل المادي في السلوك والأفعال.. فهذا لا بد من توفره ليباح له التعدد
والعدل الذي لن يتحقق هو العدل في القلب والمشاعر، فيسامح فيه الله تعالى الإنسان لأنه ليس بيده، ولكن بشرط ألا يؤدي ميله القلبي لإحدى نسائه إلى أن يظلم الأخريات في النفقة والمبيت والمعاملة الظاهرية
وهذا ما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله (اللَّهمَّ هذا قَسْمي فيما أملِكُ فلا تلمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ).. أي هذا قسمي فيما أقدر عليه من نفقة ومبيت واهتمام، قسمته بالعدل بين نسائي، فسامحني يارب في مشاعري القلبية التي تميل لعائشة اكثر من غيرها، لأن قلبي أنت تملكه وأنا لا أملكه وليس في قدرتي التحكم فيه...
ويعرف الإمام ابن عاشور العدل المشترط لإباحة تعدد الزوجات، فيقول: "خوف عدم العدل معناه عدم العدل بين الزوجات، أي عدم التسوية، وذلك في النفقة والكسوة والبشاشة والمعاشرة، وترك الضر، في كل ما يدخل تحت قدرة المكلف وطوقه، دون ميل القلب".
ويبين ابن عاشور أن العدل المطلوب لا يشمل الميل القلبي الذي لا اختيار للإنسان فيه، ولكنه يشمل أسلوب التعبير عن هذا الميل، إذ يجب أن يعدل فيه قدر استطاعته، يقول أن الله تعالى: "عذر الناس في شأن النساء فقال: { وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} أي تمام العدل. وجاء بحرف{ لَن } للمبالغة في النفي؛ لأن أمر النساء يغالب النفس، لأن الله جعل حسن المرأة وخلقها مؤثراً أشد التأثير، فرب امرأة لبيبة خفيفة الروح، وأخرى ثقيلة حمقاء، فتفاوتهن في ذلك، وخلو بعضهن منه، يؤثر لا محالة تفاوتاً في محبة الزوج بعض أزواجه، ولو كان حريصاً على إظهار العدل بينهن؛ فلذلك قال {وَلَوْ حَرَصْتُمْ}. وأقام الله ميزان العدل بقوله {فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ } ، أي لا يفرط أحدكم بإظهار الميل إلى إحداهن أشد الميل حتى يسوء الأخرى، بحيث تصير الأخرى كالمعلقة. والمعلقة: هي المرأة التي يهجرها زوجها هجراً طويلاً، فلا هي مطلقة ولا هي زوجة."
ويقول: "إن من الفطرة الميل إلى ذات الجمال واللباقة ولين العريكة، كما أن من الفطرة محبة العدل، فإذا مال الزوج إلى إحدى زوجيه بحسن إقبال قلبه، لم يكن عليه حرج في ذلك الميل، لأن تكليفه بضد ذلك من التكليف بما لا يطاق، ولكنه لا يحل له التفاوت في المعاملة الظاهرة".
لكن الإمام ابن عاشور، يذهب في رأيه في العدل المطلوب بين الزوجات إلى أبعد من ذلك، فيرى أن الله تعالى الذي لم يكلف نفساً إلا وسعها، لم يكلف الرجل أن يعدل في مشاعر قلبه التي لا يملك إليها سبيلا، ولكنه أرشده إلى محاولة ترويض نفسه على إحسان معاملة زوجاته، بالمودة وحسن العشرة، والصبر على المعايب والتقصير، بما يجعل ميزان المعاملة أقرب ما يكون إلى العدل، فيقول:
"دل قوله {وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } على أن المحبة أمر قهري، وأن للتعلق بالمرأة أسبابا توجبه قد لا تتوفر في بعض النساء، فلا يكلف الزوج بما ليس في وسعه من الحب والاستحسان، ولكن من الحب حظاً هو اختياري، وهو أن يروض الزوج نفسه على الإحسان لامرأته، وتحمل ما لا يلائمه من خلقها أو أخلاقها ما استطاع، وحسن المعاشرة لها؛ حتى يحصل من الإلف بها والحنو عليها اختياراً بطول التكرر والتعود، ما يقوم مقام الميل الطبيعي. فذلك من الميل إليها الموصى به في قوله { فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ}، أي إلى إحداهن أو عن إحداهن".

--------------------------------
انظر: ابن عاشور، التحرير والتنوير، وأصول النظام الاجتماعي في الإسلام.
((اقتباسات من رسالتي))
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #8 في: 2017-07-04, 12:15:58 »
الجزء الثامن

ذب الرجل على ابنته في الغيرة والإنصاف

حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا رضي الله عنه عن الزواج على السيدة فاطمة رضي الله عنها، يحاول كثير من الناس (ومنهم بعض العلماء والدعاة الذين جعلوا همهم دعوة الرجال لتعدد الزوجات) أن يلووا عنقه، ويؤولونه بما لا يناقض طرحهم، وسأورد هنا الروايات المختلفة لهذا الحديث، مجردةً عن أي تدخل مني، ذلك أني أحب دوماً في تناول المواضيع الخلافية أن أحرر الجزء الشرعي منها، منفصلاً عن الآراء والانطباعات والتفسيرات، ... لأن اختلاط الآيات بفهمنا لها، والأحاديث بتصوراتنا حولها، يخلط الأمر في ذهن المتلقي، وأحيانا في ذهن الكاتب نفسه، فيجعله ينظر لجملة هذه الأمور على أنها حق، ومن ثم يصدمه اختلاف الآخرين معه، وقد ينعت اختلافهم بأنه مخالفة للشريعة، أو اعتراض على حكم الله، أو افتراق بين القول والعمل، غير منتبه إلى أن هذا الشخص لا يعترض على النص الشرعي، بل يخالف في فهمه أو تفسيره أو تنزيله على الوقائع. ومن تمرس في علم الفقه، يعي هذا جيداً، ويتدرب على التفريق بين الدليل ووجه الاستدلال.
إليكم إذن إخوتي نص الحديث وهو في الصحيحين:
عن الْمِسْوَرِ بنَ مَخْرَمَةَ قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِى جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، هَذَا عَلِىٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِى جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ، أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِى وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ» . فَتَرَكَ عَلِىٌّ الْخِطْبَةَ.
وفي رواية أخرى عنه: ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ، قَالَ: «حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَأَوْفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً، وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا»
وورد في بعض الروايات بدل قوله: (أكره أن يسوءها) قوله: (وَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوهَا) و(وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِى دِينِهَا)
وفي الصحيحين أيضاً: عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: « إِنَّ بَنِى هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِى أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» . )متفق عليه(
والحديث ذكره البخاري في باب "ذب الرجل على ابنته في الغيرة والإنصاف"
------------------
بعد أن أوردت روايات الحديث مجتمعة، أحب أن ألفت نظركم إلى بعض النقاط، وهي قابلة للنقاش لأنها ملاحظاتي حول الدليل، وأترك الحكم بعد ذلك لكل قارئ وفق فهمه ومدركاته.
1- الحديث واضح في أن سبب اعتراض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج هو دفاعه عن ابنته فاطمة رضي الله عنها، بعد قولها "يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ"، فغضب لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخيَّر عليًّا بين أن يطلق فاطمة لينكح الأخرى، أو أن يبقي على فاطمة دون أن يتزوج عليها بأخرى.
2- الحديث واضح في أن علة النهي ليست كون الزوجة الثانية هي ابنة أبي جهل، فهي مسلمة حسن إسلامها، ونكاحها جائز، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا أحرم حلالاً)، ولهذا تزوجها عتاب بن أسيد بن أبي العيص لما تركها علي، ولكن العلة في النهي هي منع الأذى النفسي عن السيدة فاطمة رضي الله عنها، والذي سيقع عليها بوجود ضرة لها، وهذا يتجلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا"، ولهذا لم يتزوج سيدنا علي بعد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ولا من غيرها.
3- قيل لي أن بعض الشيوخ علل النهي بأن أهل المرأة التي خطبها علي رضي الله عنه كفار، فيخشى من غشيانهم بيت علي وفاطمة أن يفتنوا فاطمة في دينها، وهذا تعليل عجيب، أولاً لأن لفظ (يفتنوها) يفسر بما يرادفه من الروايات الأخرى للحديث، وكلها عن المسور بن مخرمة نفسه، وهي كما وضحت لكم: (أكره أن يسوءها) (وَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوهَا) و (وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِى دِينِهَا)، فيتبين أن الفتنة التي يُخشى منها على السيدة فاطمة هي فتنة الغيرة والأذى التي تسوؤها وقد تحملها على التقصير نحو زوجها فتكون قد قصرت في واجبها الديني، وليس أن تفتن عن الإسلام كدين، أو تضطهد فيه، فأين زوجها فارس الفوارس علي رضي الله عنه وأين عزوتها من بني هاشم يدفعوا عنها؟ وهي في المدينة حيث سلطان المسلمين؟!! إنما الأذى المقصود هو أذى الغيرة من الضرة لا غير.
يقول الإمام ابن حجر العسقلاني: " قوله: (وأنا أتخوف أن تفتن في دينها) يعني أنها لا تصبر على الغيرة، فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين، وفي رواية شعيب (وأنا أكره أن يسوءها) أي تزويج غيرها عليها، وفي رواية مسلم من هذا الوجه (أن يفتنوها) وهي بمعنى أن تفتن".
وثانياً وهو الأهم: لأن أبا جهل قتل في غزوة بدر، وهذه الخطبة كانت بعد فتح مكة، ولأن أهل المخطوبة كانوا من الطلقاء الذين أسلموا وحسن إسلامهم، وقد أسلم عمّاها: الحارث بن هشام وسلمة بن هشام عام الفتح وحسن إسلامهما، وأسلم أخوها عكرمة رضي الله عنه بطل اليرموك، والدليل على إسلامهم وحسنه أنهم استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكحوا عليا ابنتهم، ولو كانوا كفاراً لما استأذنوه.. ويدل كذلك على أن الحادثة كانت في أواخر الإسلام وبعد فتح مكة أن الراوي هو المسور بن مخرمة وهو من صغار الصحابة الذين تحملوا الأحاديث وهم أطفال، وقد كان عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نحواً من ثماني سنين. وإني لأعجب كيف فاتتهم هذه الحقائق الواضحة وضوح الشمس.. سبحان الله!!
4- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ" ليس العلة في المنع، بدليل ما ذكرته آنفا، وبدليل ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على صهره زوج زينب ابنته رضي الله عنها وهو أبو العاص بن الربيع الذي لم يؤذِها ولم يتزوج عليها، لا في جاهلية ولا إسلام، وإنما هذا تعنيف من الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لأنه لم يراع مشاعر فاطمة رضي الله عنها، وتعنيف وتوبيخ لبني مخزوم أن قبلوا خطبته وقبلوا أن تنزل ابنتهم ضرة على بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق المؤمنين أن يبحثوا عما يسعد الرسول وآل بيته لا ما يؤذيهم.
5- موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين أنه من حق المرأة أن تغضب إذا أراد زوجها أن يتزوج عليها، ومن حق أبيها أن يمنع هذا الأذى عنها بما يستطيع، يتضح هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: " فلاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِى وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ" وتصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم كلها تشريع، فهو لا ينطق عن الهوى، ولا يحكم بالخصوصية إلا بنص أو دليل يدل على التخصيص.
6- ويتضح إنصاف النبي صلى الله عليه وسلم كمشرع للأمة، يبين الحكم الشرعي لهذا النكاح أنه حلال، ثم يبين موقفه الشخصي منه أنه يرفضه: " وَإِنِّى لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ ..." وهذا دليل على أن المرأة التي ترفض أن يتزوج زوجها عليها ليست جاحدة لحكم الله تعالى ولا معترضة على شرعه، ولها أن تكره أن يطبق ذلك عليها كما تكره الطلاق وتكره العقوبة وتكره التقتير في الرزق وكلنا يحب العافية، ولها أن تشكو لوليها ليتدخل ويحول دون زواج زوجها بأخرى إن استطاع ورأى ذلك من الحكمة أو أنفع لها. وهذا أمر قررته المذاهب الفقهية.
7- بوب الإمام البخاري لهذا الحديث بعنوان: "ذب الرجل على ابنته في الغيرة والإنصاف" أي (دفاع الرجل عن ابنته في حال غيرتها، مع الإنصاف والعدل)، والعناوين التي يختارها الإمام البخاري لتصنيف الأحاديث في صحيحه تعكس فقهه وفهمه للحديث، ويأخذها الأئمة عادة بعين الاعتبار، فتفكروا في عنوان الباب واعتبروا.


#فاطمة_بضعة_مني
#يؤذيني_ما_آذاها
#باب_ذب_الرجل_عن_ابنته_في_الغيرة
#تحويل_المباح_لواجب_أو_مستحب_بدعة_لاتجوز

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تعدد الزوجات في الإسلام
« رد #9 في: 2017-07-23, 20:09:47 »
"يستحب أيضا أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف على الصحيح من المذهب جزم به في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
قال في الهداية والمستوعب وإدراك الغاية والفائق والأولى أن لا يزيد على نكاح واحدة.
قال الناظم وواحدة اقرب إلى العدل.
قال في تجريد العناية هذا الأشهر.
قال ابن خطيب السلامية جمهور الأصحاب استحبوا أن لا يزيد على واحدة.
قال بن الجوزي إلا أن لا تعفه واحدة انتهى."
الإنصاف، المرداوي،8/14  _ في الفقه الحنبلي
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*