أنا معك يا بنت جبل النار في أن حاجة الوالدين لأبنائهما عند الكبر ليست أبدا مذلة، وأستغرب جدا رأي هادية وإن كنت أتفهمه، الحاجة لغيرهم نعم قد تكون، ولكن الحاجة لهم، هذه حالة طبيعية جدا، فالإنسان ينتقل في هذه الدنيا بمراحل من القوة إلى الضعف لا محالة لا محالة، ولا يتوقع إنسان أنه يقوى كلما كبر، بل كلما تقدم السن لاحظ بجلاء كيف أن أعضاء جسمه، وأعمالها كلها تتناقص ، وفي الحقيقة أن يخدم الأبناء الوالدين عند الكبر هذا من الأسباب التي يسببها الله تعالى لعبده حتى لا يحتاج لغيره، فحاجتهما لأبنائهما هي من سبب يجعله الله، ويكون به الله تعالى قد حفظ عبده من أن يحتاج لغريب ...
هذا من وجه، ومن وجه آخر، كيف لأبناء الأمة أن يتشربوا فكرة أن خدمتهم للوالدين عند الكبر إنما هو أقل القليييييل وأقل الواجب نحوهما، وإنما هو طاعة لله، وإنما هما بابان مفتوحان للعبد إلى الجنة، فكيف به لا ينتبه للبابين حتى يغلقا دونه بموتهما؟ كل هذا من ديننا وليس بجديد على أحد فينا، وإن نحن سعينا -برأيي- إلى نشر أن الحاجة لهم مذلة فسنبعدهم بذلك عن أمر الله فيهم حيال والدِيهم، سنبعدهم عن الفهم الحقيقي لخدمتهم والدِيهم، سنجعلهم يمتنون بهذه الخدمة ويرونها زائدة ثانوية وغير واجبة، ونعلمهم حينها التقصير والبعد والجفاء، بل علينا أن نرسخ هذه المفاهيم برؤوسهم، وكيف كانت قصص السلف مع والديهم، وكيف كانوا يخدمونهم برموش أعينهم-كما نعبر بالعامي-، وكيف كانوا لا يمنون بذلك، وإنما رغم كل ما قدموا لا يرون أنفسهم قد أرجعوا من الدَّين شيئا
أتفهم جيدا جدا أنها نفسيات، وأن من الناس من يرى حتى في خدمة أولاده له شيئا كبيرا لا يتحمله، ولكن هذا قد يكون من الوالدين وقد يستساغ، ولكن لا يستساغ أن ننشر هذا على أنه مذلة، بل هو تسخير من الله تعالى الذي يغني عبده بأبنائه عن الحاجة لغيره ، حتى لا يحتاج فعلا لغيره من الغرباء ....
لست بعيدة عن هذا وأتكلم، صحيح لست أما، ولكنني بنت لوالدين بلغا الكبر، توفي والدي رحمه الله تعالى، وبقيت أمي بارك الله بعمرها، وأنىّ ثم أنّى ثم أنّى لنا أن نرجع النزر اليسييييييييييييير مما عملته أمي لأجلنا وإن فعلنا ما فعلنا معها ؟!!
ثم سيأتي يوم نكبر فيه إن أبقانا الله من الأحيا حتى الكبر، ويجب أن نتخيل أنفسنا من الآن من قبل الكبر كيف سنصير يوما إلى ما يصير له كل مسن من ضعف وحاجة لمساعدة، وبهذا يقوى في نفس المؤمن سعيه لخدمة والدَيه حتى يستره الله عند كبره هو ....
أبدا أبدا يا هادية ويا زينب لا أرى حاجة الوالدين لخدمة أبنائهم مذلة، مطلقا، بتاتا، وأرجو أن نراجع أنفسنا ونحن نقول مثل هذا، أهو فعلا من ديننا؟؟ والله سبحانه ما وضعهم بذلك الموضع العليّ السميّ فأمر بالإحسان إليهما بعد عبادته إلا لعلمه سبحانه ولحكمته وحتى لا يرى الابن وهو يخدمهما أنه يتفضل عليهما، بل إن الله سبحانه تفضل عليه بأن جعله يخدم والديه أحدهما أو كليهما .
اثبتي يا بنت جبل النار آل مذلة آل