هل ترى نفسك يا عزيزي؟ , كلّا لاأنت لا تفعل .. لا ترى ذلك المخلوق الذي يحسب أنه سيكسرني قبل ان اكسره , هل تحسب أني قد اتركك تصنع بي صنيعة أبي بأمي ؟! ..عيش النُجوم أقرب إليك !
بعد أن تبدّلت تصرفاتك تبدّل الافاعي , بعد أن صرت تعاملني كهواء , أنني لم أعد هناك بداخلك كما اعتدت أن اكون , لم أكن فاتن في قلبك الساعة كما كنت فاتن منذ سنة و بضع السنة ..
ثق أنني أخبر ما يحيك في صدرك قبل أن يُحاك , و أنني أرى مكرك من ظهر الغيب رأي اليقظان .. وفّر عليك عناء تدابيرك , أنت لن تفعلها ..
لن تخلع خاتمي من بنصرك , و لن تتوقف عن الهيام بي .. هكذا ! .. إما أنا أو هلاكك و هلاك كل من يواليك و يضادني ..
أنت نظرت إليها , تلك الذكية بسيطة الملامح و الثياب , لا ادري ما الذي لوى عنقك عني شطرها .. ليست اكثر بسطةً مني في الطلعةِ و لا المال .. ربما هي اذكى مني بمعدل أعظم من أن يُقاس
أنا سأتركك , سأدعك تنظر إليها و تملأ عينيك و قلبك منها , و سأدعها تأسرك , لكني لن أدعها تكون حرمك .. أنا فقط من ستفعل
و الآن ما بك؟ تريد الحضور إلي منزلنا ؟ و تريد الحديث معي علي انفراد ؟ فتقول و أنت تسابق قرع قلبك الذي كاد يذوب قلقاً : أنك لست مرتاحاً و تتمني لي الافضل! , هل ستحسبني أقوم فاقبّل قدميك و اتوسّل إليك بكل غالٍ لديك ألا تفعل ! , لعلك لمحت أشباحاً من المكر و اللؤم في وجهي فامتقع وجهك و صرت شاحباً كنهار الخريف ..الطريف , أنك قضيت ليالِ طويلة تُقدّر رد فعلي , و تحتاط كيف ستأمن نفسك من شري!
كيف ستقنع عقلك أنني سأتركك تذهب دون أن أهدم عليك الجبال و الصخور , كيف ستعيش حياةً هادئة بعدي .. أو كيف تحسب أنك ستسلم من دهائي ! ..
كنت تحاول جعل الامر يبدأ من جهتي , لكني أخبرتك مسبقاً , ستموت قبل أن تصل إلي إبليسيتي ..كل هذا الصراخ و التحكم و الغضب و السُباب الذي كنت تسعى فيه و تطيل السعي , ما كان إلا بمثابة مسرحية هزلية يمارسها طفل في السادسة يتحايل على أمه كي تتركه يتغيب اليوم عن المدرسة ..
عرِفت أن ستنظر إليها قبل أن تفعل , أنك ستزحف كل البقاع لتصل إليها , و أنت عالمٌ أتم و أكمل العلم أنها قد تُعيدك من حيث أتيت زحفاً أيضاً ..ذكية و مهذبة هي إذن !
بصراحة يا ملاكي , لا أخفيك سراً ولا خاطرةً أنه من الاسباب التي تقنعني أكثر ببغضك و تحد نار الانتقام بنفسي , هي رغبتك إليها أكثر مما قد رغبتني قبل أن أجبرك علي خِطبتي ..
هذه الفتاة استنزفتك .. أعترف و تعترف , أتعبتك و أتعبتني .. لكن دعنا نحظ بكثير من المرح هنا , سيكون تحطيمكما معاً أمراً غاية في اللذة ! .. يؤسفني أنك ستضيع مشاهدته في كونك مُحطماً ..
و الغريب , أنك أيضاُ ستُجبر علي خِطبتها , لا لأنها سلكت مسلكي , في أنني وجدتك فرصة لا تُعوض من أجل حياة ترِفة تُعيد لي بعضاً من روح الإمارات .. بل لأنها ستُيئسك منها , ستقف عاجزاً أمام جلدها و تهذيبها .. لن تجدي معها الحيل و لا الورود و لا العسل الذي كنت تصبّه في أذني قبل أن تصبه في اذنيها..
و ها أنت ذا تخبرني أن أحتفظ بهداياك و خاتمك , تقولها كأنك مُشفقٌ عليّ .. فأردّ إليك الكرة أنني لم أكن لأعطيها إليك بالأساس , و ترجفك أصفر ابتسامتي و أنا اخبرك أنك ستعود لي بمثلها قريباً ..
انظر إليك و أنت جالسٌ في استحياء أمام أمها , لان أبيها قد تُوفّي ..و معها خالها الشيّب الوقور , و أخوها الاكبر ..و هي تدخل في بهاء الملكات و عنفوانهنّ , فتزيد منها في عينيك و تملأ المزيد من حسنها في قلبك ..
هل كان حُسن وجهها أم بهيّ روحها؟ .. من يهتم !!
أجل يا أعزائي , أريدكم أن ترفعوا أيديكم بالفاتحة , ثم أبدأوا بالضحك اللذيذ .. هيّا اتفقوا علي ميعاد الخِطبة , و قف يا حبيبي هناك و مازحها قبل أن تلتهم قدميك الدرج فرحاً .. تريد ألا تنتهي منه و لا تصل إلى الارض .. ألا تعيش علي الارض أبدا !
ألست متفقاً معي أننا سنمرح كثيراً ؟