أنقل لكم هنا وصية الإمام أبي الوليد الباجي، الإمام الفقيه المالكي المتكلم الأصولي اللغوي الأديب، وهو القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي، الأندلسي، القرطبي، الباجي، توفي عام 474هــ.
ولقد كتب الإمام قبل وفاته نصيحة لأولاده على غرار العلماء والصالحين يوصي فيها ولديه بالصلاح في الدين والدنيا، وسأنقل لكم الوصية فقرة فقرة ليتسنى للجميع المتابعة وعدم الملل بإذن الله.
لقد كتب الأمام وصيته لولديه وكان أول ما أوصاهما به الآتي:
"أول الْوَصَايَا الْإِيمَان بِاللَّه
وَأول مَا أوصيكما بِهِ مَا أوصى بِهِ إِبْرَاهِيم بنيه وَيَعْقُوب {يَا بني إِن الله اصْطفى لكم الدّين فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} الْبَقَرَة 132 وأنهاكما عَمَّا نهى عَنهُ لُقْمَان ابْنه وَهُوَ يعظه {يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم} لُقْمَان 13 وأؤكد عَلَيْكُمَا فِي ذَلِك وصيتي وأكررها حرصا على تعلقكما وتمسككما بِهَذَا الدّين الَّذِي تفضل الله تَعَالَى علينا بِهِ فَلَا يستزلكما عَنهُ شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا وابذلا دونه أرواحكما فَكيف بدنياكما فَإِنَّهُ لَا ينفع خير بعده الخلود فِي النَّار وَلَا يضر ضير بعده الخلود فِي الْجنَّة {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} آل عمرَان 85
رَجَاء الْجنَّة لمن آمن بِهَذَا الدّين
فَإِن متما على هَذَا الدّين الَّذِي اصطفاه الله وَاخْتَارَهُ وَحرم مَا سواهُ فأرجو أَن نَلْتَقِي حَيْثُ لَا نَخَاف فرقة وَلَا نتوقع إِزَالَة وَيعلم الله تَعَالَى شوقي إِلَى ذَلِك وحرصي عَلَيْهِ كَمَا يعلم إشفاقي من أَن تزل بأحدكما قدم أَو تعدل بِهِ فتْنَة فَيحل عَلَيْهِ من سخط الله تَعَالَى مَا يحله دَار الْبَوَار وَيُوجب لَهُ الخلود فِي النَّار فَلَا يلتقي مَعَ الْمُؤمنِينَ من سلفه وَلَا يَنْفَعهُ الصالحون من آبَائِهِ يَوْم لَا يُغني {وَالِد عَن وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازَ عَن وَالِده شَيْئا إِن وعد الله حق فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور}
ثم قسَّم الإمام الباجي وصيته إلى قسمين، أحدهما يتعلق بالنصح في أمر الدين والشريعة، وقسم في أمور الدنيا
وهذا سنعرضه في المداخلات القادمة