المحرر موضوع: الإسلاميون ، والبطالة  (زيارة 5217 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
الإسلاميون ، والبطالة
« في: 2009-12-27, 05:35:57 »


الإسلاميون ، والبطالة

كتبه/ عبد المنعم الشحات

27 ربيع الآخر 1430هـ / 22 إبريل 2009م


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد

فالإسلام عقيدة وشريعة جاء لينظم لأتباعه كل شئون حياتهم ، (((قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))) [الأنعام: 162]

هذه القضية تعتبر من المسلمات بالنسبة لأبناء الصحوة الإسلامية ، كما أنها معلومة لعوام المسلمين بصورةٍ أو بأخرى ، بينما يصر العلمانيون على التغريد خارج السرب وعلى رفض التحاكم إلى الشرع مع استمرار انتسابهم إلى الإسلام .. ولحل هذه الإشكالية فإن العلمانيين عادة ما يصورون أن تطبيق الشريعة هي مسألة خصومة بينهم وبين الإسلاميين ، أي أنها ليست خصومة مع الإسلام ذاته من وجهة نظرهم ، وطبعاً لم يكلف أحدهم نفسه عناء أن يقدم لنا تفسيراً لنصوص الأحكام من القرآن والسنة وما هو موقفه منه

وتستر القوم وراء ستار مهاجمة الإسلاميين ، هذا إذا التزموا بأعلى درجات ضبط النفس ، وإلا فهناك قاموس آخر من الألقاب من عينة : الإرهابيين والظلاميين والرجعيين ... إلخ ، والذي أقل أحواله أن يأتي من باب مفهوم المخالفة ، كتسمية أنفسهم بـ"التنويريين" في مقابلة الإسلاميين الذي يسبق إلى ذهن القارئ أنهم هم "الظلاميون" ولا شك

وللعلمانيين التنويريين في مواجهة الإسلاميين حيل غاية في العجب : منها أنهم يقبلون من أصحاب كل منهج وأتباع كل نحلة أن يعرضوا فكرتهم مُجملةً ولا يُطالبون بالتفصيل إلا إذا اقتضى الأمر ذلك ، فهم يُهللون مثلاً لعبارة : (( أنا أشك إذاً أنا موجود )) ، ويعتبرون هذه الكلمة "مدرسة" يتربى عليها أجيال من التنويريين ، مع أن الكلمة في غاية الإجمال ، وطبعاً نحن نرفض هذه الكلمة شكلاً ومضموناً ولا نعترض عليها لمجرد إجمالها ، ولكن المقصود : الموازنة بين قبولهم لهذا الإجمال الشديد هنا وبين ما يُكررونه ليل نهار من أن الحركة الإسلامية تكتفي بالإجمال ولا تُقدم حلولاً تفصيلية !!

ولو سلمنا جدلاً أن الحركة الإسلامية اكتفت ببيان أن تطبيق الشرع يحقق للناس المصلحة في الدنيا والآخرة ، (((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))) [الأعراف: 96] ، ألا يُعد هذا حلاً إجماليّاً مقبولاً ؟! ألا يكون ذلك بمثابة من يصف لك الطريق إلى الطبيب الماهر حتى وإن لم يُخبرك بما سيصف لك من دواء ؟! أم أنهم يُخفون خجلهم من الاعتراف بأنهم لا يرون في تطبيق الشرع أنه سوف يحقق ما وعد الله به من البركات في الدنيا والآخرة ؟!

الحاصل أن الإسلاميين وحدهم هم المُطالبون بالتفصيل ، وإلا اتُهم مشروعهم بعدم العملية .. وكلما انبرى بعض الإسلاميين لكي يُقدم المشروع التفصيلي المتضمن للتشريعات الإسلامية والاقتصادية والاجتماعية ، وبعض هذه المشاريع مطبق عملياً على أرض الواقع مثل البنوك الإسلامية والمدارس الإسلامية والقنوات الفضائية الإسلامية (مع التحفظ على كثير من ممارستها) : حاول العلمانيون أن يهونوا من نجاح هذه التجارب العملية ، وفي نفس الوقت يحاولون إثارة التساؤلات عن المنهج الإسلامي لحل بعض المشاكل التي يغلب على ظنهم أن الإسلاميين لا يملكون فيها حلاً ، حتى خشينا أن يتساءلوا عن الحل الإسلامي لعلاج ثقب الأوزون !! مع أن الإسلاميين لم يَدَّعوا أن الوحي ما يزال يتنزل عليهم على طريقة رجال الكنيسة في العصور الوسطى ، وإنما يدعون لتطبيق قواعد الشرع المُنزل في جميع مناحي الحياة ، ومن هذا الشرع : الأمر بالسير في الأرض ، ومن هذا الشرع : أن الأصل في المعاملات الإباحة

بيد إن معظم القضايا التي تعرضون سوف يساهم تطبيق الشرع في حلها على الأقل من باب أنها من جملة فروض الكفايات مما يوجِد دافعاً دينيّاً يُلزم المتخصصين بالقيام بحل هذه المشكلات ، وهو دافع تبحث عنه الحكومات المدنية في كثيرٍ من الأحوال

ومن هذه القضايا التي يظن العلمانيون أن الإسلاميين لا يملكون فيها حلولاً تفصيلية : مشكلة البطالة ؛ ذلك لأنها ترتبط في كثيرٍ من الأحيان بأوضاعٍ اقتصادية تفصيلية

إلا أن مشكلة البطالة من المشاكل التي يؤدي تطبيق الشريعة في المجتمع إلى حل جزءٍ كبيرٍ منها مع اختلاف الظروف ، ونضرب أمثلة لبعض التشريعات التي تؤدي إلى انخفاض معدل البطالة :

الأول: من أهمها تحريم الربا ، والذي يكون بديله أن أصحاب المدخرات المتوسطة والصغيرة عليهم أن يستثمروها عن طريق العمل وليس عن طريق إعطائها للمستثمرين الكبار بالربا إما مباشرةً وإما عن طريق البنوك ، وهذا يوفر عدداً لا بأس به من المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تعاني الدول معاناة كبيرة في محاولة توفيرها لتوفر من خلالها فرص عمل للشباب

الثاني: من مصارف الزكاة : توفير آلة الحِرف للفقير القادر على الكسب والذي لا يجد آلة حرفة ، وهي فكرة مُطبقة على بعض المستويات في بعض الجمعيات الخيرية

الثالث: التربية الإسلامية التي تُزَهِّد في متاع الحياة الدنيا (لاسيما المفقود منها) يعين الشباب على القبول بالأعمال الشاقة بدلاً من التسكع انتظاراً للوظيفة المرموقة

الرابع: التشريع الإسلامي في شأن المرأة والذي اعتبر مجال عملها الأول هو بيتها (وإن أباح لها العمل كاستثناءٍ وليس قاعدة) يوفر فرص عمل للرجال ، ويضمن توزيعاً عادلاً لفرص العمل بين الأسر ، بخلاف الوضع الحالي الذي يُمكن أن تحصل فيه بعض الأسر على فرصتي عمل في مُقابل فقدان أسرة أخرى لأية فرصة عمل .. بالإضافة إلى أن الأسرة التي فيها امرأة عاملة غالباً ما يرتفع مستوى إنفاقها كنتيجة لارتفاع دخلها ولاحتياج المرأة فيها إلى الكثير من التسهيلات وكثير من الكماليات ، ولو أضفنا إلى هذا شيوع التبرج وكم الإنفاق الذي يتم عليه : علمنا أن عمل المرأة غالباً ما يعود إلى تجارات تسحب الثروة إلى خارج البلاد بلا فائدة ، بل وبفرص عمل محدودة فضلاً عن كونها محرمة في الغالب

الخامس: تحريم الإسلام لكثير من صور اللهو وتحريمه للتكسب من اللهو حتى المباح منه يمنع وجود الصور المثبطة عن العمل ، كما يحدث الإحباط لدى الشباب عندما يشاهد الدخول الفلكية للفنانين ولاعبي الكرة ، مما يجعل بعضهم يلهث خلف هذا السراب ، وبعضهم على الأقل يصيبه الإحباط العام

السادس: التشريع الإسلامي في شأن تنظيم إحياء المَوَات وتمليك المَوَات لمن أحياه يُساعد على سرعة انتشار العمران وتناسبه مع الازدياد في حاجة الناس ، وهذا لا يمنع أن الدولة الإسلامية من الممكن أن تسبق إلى إحياء مَوَاتٍ ثم تعيد توزيعها بالضوابط التي تراها ، ولكن هذا لا يمنع من الإقرار لمن أحيا مواتاً من تلقاء نفسه بحقه الشرعي في تملكه

هذه بعض للتشريعات الإسلامية ذات الأثر في علاج قضية البطالة ، هذا بخلاف مبادئ الشريعة العامة : من العدالة ، والإخوة الإيمانية ، وحرمة المال العام ، وتحريم الرشوة ولو تحت مسمى الهدية .. كل ذلك مما قد تحرمه أيضاً القوانين الوضعية ، ولكنها لا تستطيع اكتشاف إلا القدر اليسير منه ، بينما يؤدي التطبيق الشامل للشرع وتربية الناس على هذه المعاني إلى وجود الوازع الإيماني الذي يقلل جداً من هذه المظاهر

هذا كله في حالة التطبيق الشامل للشرع .. أما وفي الحال الذي نعيشه : فما يزال أمام الإسلاميين كثير من الحلول يمكن تقديمها إلى الناس

منها: الزكاة عبر الجمعيات الخيرية وغيرها ، مع التركيز على الأسر التي يوجد أمل في نقلها من حالة الحاجة إلى حالة الاكتساب ولو بإعانتهم على الاتجار بالسلع الخفيفة في الأسواق

ومنها: حث رجال الأعمال على إدخال البُعد الاجتماعي "الأخوة الإيمانية" في مشروعاتهم التجارية ، فمثلاً يمكن لكثير من رجال الأعمال أن يتنازلوا عن مشاريع المكينة لصالح تشغيل كم أكبر من العمالة ؛ محتسبين بذلك الأجر عند الله ، طالما أن هذا لن يؤثر تأثيراً كبيراً على جودة منتجه ، وهو حل تحاول بعض الدول الاشتراكية فرضه بالقوة ، ويمكن بالموعظة أن يستجيب عدد من رجال الأعمال المسلمين

ومنها: حث ذوي الخبرة بالمشروعات الصغيرة على تقديم استشارات مجانية للشباب عبر الجمعيات الخيرية ومواقع النت

نسأل الله تعالى أن يغني المسلمين بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه

« آخر تحرير: 2009-12-27, 05:37:59 بواسطة ناصح أمين »


بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


غير متصل elnawawi

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 5374
  • الجنس: ذكر
  • يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
رد: الإسلاميون ، والبطالة
« رد #1 في: 2009-12-27, 10:59:10 »
كم هو جميل هذا المقال في وسط الكثير من المفاهيم المغلوطة التي نعيشها الآن

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
رد: الإسلاميون ، والبطالة
« رد #2 في: 2010-04-26, 10:56:39 »
أخي النووي

لن تعدم خيراً في خير أمة أخرجت للناس مهما اختلت الموازين واختلطت المفاهيم وادلهم الظلام

والله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون


بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه