المسألة ليست مشكلة كبيرة يا ريحانة
فالاختلافات في مباحث قليلة فعلا.... ولا يدركها الا من تعمق في المسائل من الطرفين، اما من ياخذها بسطحية كمعظم الناس وطلاب العلم حتى، لا يدرك الفروق
هي المشكلة بس في التدريس الملح والمستمر والضغط القوي على فكرة أنهم هم أهل السنة والجماعة، ومن سواهم مبتدع منحرف عن عقيدة السلف
هذه النقطة تسبب تشويشا كبيرا وذعرا عند طلاب العلم، وحتى الناس العاديين
فمثلا... تجدين الطالب يسأل الدكتور: كيف ندرس المستصفى للغزالي، ونعتبره من أفضل وأدق كتب الأصول، مع أننا درسنا في العقيدة أن الغزالي أشعري صوفي
فهنا تسمعين العجب من الاجابات.. مرة أجاب أحدهم: أننا في الفقه والاصول ممكن نأخذ من غير اهل السنة، لكن المهم في العقيدة...
فرد الطالب: ولكن هل نستأمنهم على امور الحلال والحرام مع انحراف عقيدتهم؟ ولماذا لا ندرس فقه الشيعة مثلا؟
فدار الاستاذ ولف ليتهرب من السؤال
ومرة أستاذ اخترع قصة موهومة ليجيب على هذا السؤال فقال الغزالي أكرمه الله بسبب هذا الكتاب العظيم فرجع آخر حياته عن علم الكلام وأعلن توبته وندمه .. وألف كتاب تهافت الفلاسفة ليرد على علم الكلام ويفضحه لانه كان من علمائه
وطبعا هذا الكلام كله تأليف.... فلا الغزالي أعلن توبته، ولا ألف تهافت الفلاسفة آخر عمره، بل هو من أوائل ما ألف...
ومرة سأل طالب كيف نعتبر النووي والعسقلاني من أعظم علماء الحديث وهما أشعريان؟
فرد الاستاذ: لعلهما لم يكونا يدركان ما هي حقيقة الأشعرية!!!!!!!!!
يعني أكبر علماء الأمة كانوا ساذجين مخدوعين .. فيم؟ في عقيدتهم!!!
كلام متناقض طبعا
وطبعا هم يظنون أن ابن كثير لأنه تلميذ ابن تيمية فهويوافقه في أمور العقيدة، لكن الدارس لتفسير ابن كثير يدرك تماما أنه كان يخالف شيخه، ويتبع سلف الأمة في تفويض صفات الله سبحانه وتعالى وعدم الخوض في معانيها
وعندما تواجهين أحد الاساتذة بهذا.. يجيب ببساطة: ابن كثير رحمه الله قال هذا من أجل أن يرد عليه ويدحضه
فتقلبين الصفحات بحثا عن هذا الرد الموهوم فلا تجدينه
ابحثي مثلا عن تفسير آية (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله) من سورة النساء... كيف يثبت ابن كثير التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم....
لكنهم عندما يدرِّسون تفسيره يقولون لك: هو أورد قصة العتبي ليرد عليها ويبين فسادها...
طيب أين رد؟؟
ابحثي وأخبريني
وهكذا
لكن لو أنهم ابتعدوا عن هذه النقطة والالحاح عليها... (يعني ادعاء انهم هم العقيدة الصحيحة وغيرهم مبتدع)... فبقية الامور ماشية ان شاء الله، والخلاف فيها هين، لا يزيد على الخلاف بين الاشاعرة والماتريدية أنفسهم في مناقشة بعض المسائل العميقة، والتي ليس لها اثر على الايمان او العمل ... بل فقط على التصور والمناقشات العلمية الدقيقة
يمكنك أن تقرئي للشيخ علي الطنطاوي (تعريف عام بدين الاسلام) فقد حاول فيه ان يتكلم بأسلوب المقرب بين الجميع، والمترفع عن المسائل التي تفرق، والتي ينبغي الا يشتغل بها الا كبار المتخصصين فقط ...