كتبتها أيام غزة العزّة ....أحب أن أضعها اليوم لنتذكّر :
أنا الخُلود وأنتَ الفنـــــــــــــاء
في ظل حزن الحزن ودمار الدمار وألم الألم ....وبشاعة البشاعة وشناعة الشناعة.....
في ظل كل ما يقال وما يسكت عنه لأنّ قاموس الكلمات يشحّ فلا نجد فيه ما يُستنجد به ليقال....في ظلّ عجز النعوت عن النعت، وعجز الأوصاف عن الوصف، في ظلّ عجز الكلمات....
في ظلّ الجود بالدمع، أوفي ظلّ جفافه والموت كمدا................في ظلّ العجز ....
في ظلّ هذا وكل هذا ....وفي ظلّ ذاك وكل ذاك .... بصياح الديك مع صوت الصواريخ الفتاكة النازلة دمارا وخرابا ....مع طلوع الفجر على ليل الضوء القاتل، على ليل الضوء المظلم، على ليل العناقيد المبثوثة في السماء خيوطا من نار تتوعد كل أرضيّ من تلك الأرض بلذة العناقيد النارية، لذة العناقيد المنساحة تبحث عن كل أرضيّ على تلك الأرض ...!!!
مع بزوغ الشمس المشرقة على الدماء والدمار والخراب.... شمس لم تَحجُب أشعتَها عناقيد النيران، ولا دخان الضربات المتصاعد موشّحا السماء حزنا على دماء الأبرياء، ولا تسلّل الأسلحة التي تجرّب في أجساد الأحرار، قبل أن تجرّب على أجساد الفئران ....!!!
في ظلّ عراك السحاب الأبيض المسخّر،مع السحاب الأسود المضلَّل يظلّ السحاب الأبيض وارفا لا يضيره سواد الظلم والطغيان
في ظلّ الموت والموت مع الموت، تتعالى كلمات التوحيد والتكبير والحمد والاسترجاع نورا يرسل شعاعَه الصادق في قلب كل حرّ، يكسر العدوّ المفترس المنقضّ على فريسته فلا يجد لحوله وقوته من حيلة وكأنه لا يعرف له من حول ولا قوة، فيهرع للجنون يقتبس منه حلا يشفي غليل الحائر التائه البليد الباحث بين أطرافه عن سبب كل ذاك الصمود فلا يجد جوابا يشفي الغليل ....
يهرع إلى الجنون يقتبس منه شفاء للغليل، يقتبس منه جوابا للحيرة.... يقتبس منه البديل عن الانكسار والاندحار في ساح الصمود وساح التكبير وساح التوحيد....
يهرع للجنون يقتبس منه..... لكأني به يشدّ شعره الأشعث بتراب الحيرة والذهول، ويمسك بتلابيب زميله المغبرّ بعاصفة الحقد التي لا تهدأ على الصامدين قاتليهم بالصمود ....يسأله عن أنفس باتت كل واحدة منها جيشا لا يكسر ،!!!!وكأني بها تشقّ جيبها في خلوتها تنقلب ابتسامتها القاتلة نفَسا ضيقا حرجا يصعّد لا يكاد يجد المخرج والمنفذ....!!!!
يهرع إلى الجنون ....يهرع إلى الجنون يقتبس مزيد الموت ومزيد الدمار ومزيد الهلاك يبحث عن سلاح فلا يجد السلاح، وكأنّ كل أسلحته لعب أطفال لا تُهدئ ثورة الجنون في نفسه وهو يرى الصمود يفتك به وبكل سلاح بين يديه ....
في ظلّ دمار الدمار وموت الموت وخراب الخراب ..... شعاع من أنوار تدكّ صرح العدوّ، تلهب نار جنونه، تجعله مجنونا أخرقا يهيم على وجهه يبحث بين أبجديات قوته عن قوة تتصدى للصمود، عن قوة تدكّ الصمود، عن قوة تقتل الصمود فلا يجد إلا السراب ................!!!!
تحت شعاع الشمس المشرقة على الدمار ومع صياح الديك المؤذن بطلوع الفجر على الأشلاء والأطلال، وبين ثنايا الشكر منطقا من صغير مودّع حبيبتيه، وفي رفرفات رسالة تحلق ولا تسقط من قلب المبتور, ساقيها تنشد يوما ترصد فيه كواليسَ القضية بقلم وكراسة صحفية أعطت للقضية!!! ....من صوت حرة أبية تحمد الله على سبق الفلذات لجنان السبق ينطلق إباؤها يدكّ قلوب المجانين ليكتشفوا حيارى حزانى أن جنونهم عقل لا بدّ له من جنون ....!!!!
في وجه الطفل الممدّد على الأرض ينزف يعضّ على الصبر بأسنانه لقّنته طفولة فلسطين أنّ الطفل رجل لا يليق به التململ والعويل...!!!!
في ابتسامات الأطفال يلقفون المنشورات المتهاطلة يضرمون بها نارا تقول للمجنون زد جنونا على جنون فلن يحرّك فينا جنونك ساكنا، فخلفَنا آباء وأمهات أشاوس أرضعونا حليب الصبر والرجولة... علمونا كيف نلقم العدوّ حجرا يسدّ نهمه للدماء والحجر عنده سلاح تعوّد مقابلته بالرشاشة والدبابة والدروع الواقية، أما الدم منا فضريبة ندفعها فرحين وضربة لقلوبهم وعقولهم يستنجدون من هولها بجنون الجنون ....!!!!
يهرع للجنون يقتبس من حكاياته الحمراء سناريوهات قانية، أين أنت يا سلاحا تقتل الصمود ؟؟؟؟؟؟! خِلنا أننا استوفينا شروط الحيوانية كلها، واستوفينا شروط الهمجية كلها، واستوفينا شروط الشراسة كلها لنأتي على الصمود، وعلى بناه التحتية كلها، أنجدينا يا أسلحتنا الحيوانية ...أنجدينا يا أسلحتنا ويا حيلنا الشيطانية فلطالما كنا لك وحدك الأوفياء ....!!!
أقبلي ...أقبلي علينا أنجدينا ... يا فسفورية الجنسية، يا كيميائية الهوية، يا شيطانية الموطن، يا أيتها التي لا اسم لك بعد بين الأسماء فقلنا نجعل لك اسما بعدما نجربك فيهم بدل الفئران ....!!!!
فجِّري الأوردة والشرايين، تسلّلي.... اختبئي عن كل عين وعن أدق عين، اختبئي حتى عن عين الأشعة لا تراك، فليذهل الأطباء والعلماء من فعلك ومن تسللك بين جدران أجسام أولئك الفئران لن يجدوا لك أثرا ولا سببا ولكنّ الموت منك برهان .......!!!!
حتى أنتِ يا من يتنادى الكل بأنك المحرمة لم تحرّمي الصمود على أولئك الفئران ؟؟؟ !!!
إلي بالجنوووووون إلي بجنون الجنوووووون .....
يهرع للجنون يقتبس منه السيناريوهات الحمراء ....
ماء وهواء وتراب كلها مقومات الحياة ....وكلها عنده مقومات الموت ومنطلقات الموت ....من الماء يضرب، من الهواء يضرب، من على التراب يضرب ....والصمود حيّ لا يموت ....والصمود حيّ لا يموت....... قبالة البحر صمود، وتحت السماء صمود وعلى التراب صمود .....!!!!!
وصياح الديك مع صوت الصواريخ المدمرة، وشعاع الشمس مع غمام الدخان الأسود، وفجر على غزة كل يوم يطلع، وفجر على غزة كل يوم يطلع، وفجر يطلع منها على الأرض كلها، وشمس تبزغ منها على الأرض كلها، وصمود يهتف أنّ هذه أرضي.... ولن أبرح أرضي يا سلاح العدوّ المجنون زد جنونا واقتبس جنونا وكل جنونا واشرب جنونا فأرضي هنا ولن أرحل، وأرضي هنا ولن أنزح....وأرضي هنا وأنا الخلود وأنت الفناء يا أيها المهزوم يا ابن الجنون....
وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
فلتكتبوا لا تصمـــــــــتوا ....