أكبر جامعة ايطالية رفضت استقباله...
بابا الفاتيكان يحارب العلم في القرن الحادي والعشرين
يبدو أن بابا الفاتيكان على موعد جديد مع الصدمات المتتالية، فها هي معاقل العلم في إيطاليا ترفض استقباله، برغم أنه زعم العام الماضي أنه قَيِّم على العلم والمعرفة.. فقد رفض أساتذة وطلبة جامعة روما الأولى استقباله وتعرضت شخصيته للاستهزاء والسخرية، ونال هذا الرفض من سمعته ومكانته لدى شعوب العالم..
وجد "جوزيف آلويس راتسينجر" البابا بنديكت السادس عشر نفسه في وضع لا يُحسد عليه، فقد بدا عاجزاًَ عن فعل شيء، وهو الذي كان واثقاً من نفسه إلى حد اليقين، خاصةً عندما حاول عبثاً سرقة الجهد العلمي الذي بُذل في الغرب بعد الانتصار على الإكليروس (رجال الدين) لتطويعه في الحرب الظالمة ضد الإسلام، أو ما يُطلق عليه "الإسلاموفوبيا".. فلم يستطع بابا الفاتيكان أن يصدر قراراً بحرمان الأساتذة والطلبة من الحياة الأبدية، ولم يستطع إقامة محاكم التفتيش من جديد لهم، ولم يستطع بيع صكوك غفران جديدة لمن أذنبوا في حق الله والناس، وهو بالتالي لم يستطع حرق الأساتذة والطلبة كما فعل أسلافه مع العلماء لسرقة جهودهم واستخدامها في الحرب ضد الإسلام، وبدا بابا الفاتيكان ضعيفاً متخلياً عن ثوب العلم المزيف أمام قلعة العلم الحقيقية في إيطاليا.
سخرية وتهكم
وكل ما استطاع البابا أن يفعله هو التراجع عن زيارة الجامعة، وسط سخرية وتهكم أهل العلم التجريبي والفيزياء والأجيال الجديدة من الطلبة، حيث قال رئيس قسم الفيزياء في جامعة روما الأولى "جانكارلو رووكو" وهو القسم الذي تزعم أساتذته وطلبته الاحتجاجات على الزيارة الملغاة لبابا الفاتيكان، في حديث مع قناة "سكاي تي جي 24" الإخبارية الإيطالية: "تاريخ الصراع بين الفيزياء والكنيسة قديم جداً ولا يزال قائماً حتى الآن"، وأضاف: "نريد أن نؤكد رغبتنا في فتح نقاش، إذا ما ارتأت الكنيسة ذلك ضرورياً، ندعو له شخصيات دينية من أي دين كانوا، وهو نقاش يبدو آنياً أكثر من أي وقت مضى"..
واتهم "رووكو" بابا الفاتيكان بالهروب من المواجهة الفكرية والتاريخية، فقال: "إلغاء الزيارة ليس المخرج الذي كنا نرغبه، لقد شرعنا في هذه المناقشة الداخلية مع رئيس الجامعة عندما طرح فكرة دعوة البابا بنديكت السادس عشر لافتتاح السنة الأكاديمية، فحاولنا إقناعه بأن الأمر غير مناسب..
أما عن الرسالة التي وجهت إلى رئيس الجامعة ونشرت في الصحافة فكان ينبغي أن تبقى في نطاقها الخاص، ولكن جرى توزيعها واستعملت بطريقة مغرضة"، وأضاف: "لا نريد العودة إلى تاريخ وجغرافية الكنيسة.. لقد تجاوزنا القرون الوسطى حيث كانت الكنيسة تفرض تاريخاً وجغرافية مغلوطين عن تاريخ الكون وشكل الكرة الأرضية".
ومن ناحيتها أعربت "ليديا ميناباتشي" عضو مجلس الشيوخ عن تضامنها مع طلبة وأساتذة كلية الفيزياء والعلوم الذين أعربوا عن اعتراضهم على زيارة بابا الفاتيكان ودعوتهم إلى "أسبوع مناهضة الإكليروس"، وتساءلت: "إن كان بالإمكان مثلاً دعوة رئيس الجمهورية "جيورجيو نابوليتانو" إلى افتتاح السنة الأكاديمية في الجامعة الجريجورية"، وهي إحدى أكبر الجامعات البابوية، وثمنت "ميناباتشي" صدور الاحتجاج من الكليات العلمية، بالتذكير برسالة الاحتجاج المرسلة إلى رئيس الجامعة ب "دفاع راتسينجر عام 1990م عن موقف الكنيسة من جاليليو العالم الذي قُتل وببشاعة بسبب نظرياته العلمية في القرون الوسطى من قبل محاكم التفتيش".
ردود افعال اخرى
كما أعربت جماعة "سانت إيجيديو" الكاثوليكية عن حزنها وغضبها من إلغاء زيارة "راتسينجر" إلى جامعة روما الأولى، وقالت في بيان لها من مقرها في العاصمة الإيطالية: "إن مسؤولية فادحة تقع على عاتق واضعي تلك الرسالة التي أشعلت فتيل المناهضة للإكليروس والزوبعة الإعلامية والانقسامات في الرأي العام التي تزامنت معها".. وأضاف البيان: إن "البابا بوصفه أسقف روما بوسعه، بل وعليه أن يتوجه أينما شاء وعلى الأخص إلى الجامعة التي تمثل روما في العالم"..
ووصفت "سانت إيجيديو" واقعة تأجيل زيارة البابا إلى أكبر جامعة في إيطاليا ب"المحزن واللامسؤول"، وقالت: "والأنكى أن كل ذلك جرى على أساس قراءة مغلوطة لفكر الكاردينال "راتسينجر"، حيث نسبت إليه عبارات تجانب الحق مفعمة بالفواصل فيما يختص بمداخلته بشأن موقف الكنيسة من العالم جاليليو"..
وكان الرد سريعاً وحاسماً من أساتذة وطلبة الجامعة على حملة الفاتيكان ضدهم: "لم نحرق أحداً" و"نسبة الغلط إلى المخالفين وإلى حد الهرطقة وما يترتب عليها أمر معروف ومعهود في تاريخ الكنيسة".
المجتمع 9/2/2008م