فوجئت وأنا أقلّب قنوات اللاقط الفضائي بإعلان عن مسلسل يتناول الإخوان المسلمين بالتحديد، تحت اسم "الجماعة".
وتوقعت أن يكون هناك تزوير للحقائق .. حيث إن الكاتب هو "وحيد حامد"، الرفيق الفني في درب "السفالة" لذلك العاهر المدعو "عادل إمام"، وكاتبُ أغلب أفلامه الداعرة في أساليبها ومشاهدها.
ومن المعروف المُجْمَع عليه عند القاصي والداني كراهية ذَيْنِكَ الخَلِيعَيْنِ للمتدينين عموما والإخوان خصوصا .. وأرى ذلك من جراء تأثر الممثل - الذي لا يستحي "على سنه" - بطفولته التي قضاها في مدارس الراهبات وماضيه الشيوعي أثناء فترة شبابه الفاسدة.
والذي حدث أني بمجرد رؤيتي لذلك الإعلان دخلت إلى شبكة الإنترنت لأتعرف على أي معلومات عن هذا المسلسل.
فإذا بصانعيه يزعمون أنه مسلسل محايد، لا يهاجم الإخوان ولا يدافع عنهم، بل هو مجرد رصد لواقعٍ ومرحلة زمنية مر فيها الإخوان بعدد من التطورات.
وانتظرت وقت عرض المسلسل ..
فإذا بالحلقة الأولى يظهر فيها رجال يتكلمون بالفصحى على طريقة أبي لهب في الأفلام المصرية القديمة، على عكس حالة الكثيرين من الإخوان – إن لم يكونوا جميعا – عندما يخاطبون بعضهم البعض بلغة المواطن المصري ولهجة المصريين العادية كما هي.
فقلت هذه الأولى .. وهي كالعادة تدل على سطحية وحقد وكذب وحيد حامد عندما يتناول قضيةً تخص التيار الإسلامي عموما والإخوان خصوصا.
ثم بعد ذلك، يظهر بعضُ المساعدين للمرشد يتلقون الأمر كالخراف منه في جلسةٍ لم يراقبها الأمن، ويبدأون "مراسم" استقبال المرشد بتقبيل يده وهم ينحنون له.!!
ويتحدثون عن قوتهم وينتشون في جلستهم كأنهم بعض المساطيل الذين لا يدركون عواقب ما يتبجحون به ..
وتناولوا في حديثهم عن قوتهم أن الوقت قد حان لتحرير الجامعات من سيطرة الأمن عليها .. وتكلموا كذلك عن وسيلة سلميّة قبل أن يضطروا للعنف (بزعم الكاتب)، ألا وهو ابتكار فكرة الاتحاد المستقل الحر للطلاب، حيث يصبح هذا الاتحاد موازيا للاتحاد الذي نجح بالتزوير (باعتراف الكاتب بنفسه)! وحاز رضا عناصر الأمن الجامعي.
ويبدأ تحرك الطلاب في جامعات الأزهر وحلوان والقاهرة وعين شمس وأسيوط والمنيا، في مخطط مدروس، يظهر فيه بعض الطلاب من قياديي الجماعة وهم يتمنون دخول عناصر الأمن وسط المظاهرة للقبض على بعضهم حتى يكيلوا له الضرب والإيذاء، وربما (القتل) !!
ثم تبدأ المعمعة بين الطلاب الذين نظموا مظاهرةً بإيعازٍ ودعمٍ من الأمن وبين طلاب جماعة الإخوان والمتعاطفين مع مطالبهم الإصلاحية .. !!
ويتطور الأمر من هتافات إلى اشتباكات وتراشق بزجاجات "البيرة" – إي والله البيرة –، ولا أظنها انطلقت من ناحية الإخوان أبدا .. ثم التضارب والتطاحن بالهراوات والمطاوي في قلب الجامعة.
ثم داهية الدواهي .. وهو مشهد لطلاب ملثمين على طريقة طلاب الإخوان في مظاهراتهم عندما يتشبهون بمجاهدي فلسطين، حيث صعد أولئك الملثمون إلى سطح إحدى كليات جامعة الأزهر وقاموا بإلقاء "قنابل المولوتوف" على المشتبكين جميعا في ساحة الجامعة لينفجر الوضع تماما.
وما بين هذا الهذيان الذي "ثَغَا"(*) به وحيد حامد نجد أمورا عجيبة جدا.؟
أولها: أن المنطلق الذي حرك القيادات والطلاب هو التغيير ومحاولة الإصلاح لسياسات الجامعة تجاه الطلاب .. ولم يكن الإصلاح في يوم من الأيام عيبا، إلا عن كان عيبا في نظر وحيد حامد وأشباهه، وهذا واضح لا يحتاج إلى بيان.
ثانيا: بعد المنطلق يأتي الكلام عن الأساليب التي استخدما طلاب الإخوان، حيث قاموا بقذف المظاهرة المضادة بزجاجات البيرة، وضربهم بالمطاوي والهراوات .. مع أن الواقع عكس ذلك تماما.
فطلاب الإخوان دائما هم هدف الأمن المحبب للتفتيش والإذلال، ولا يمكن لأحدهم أن يدخل الجامعة بمطواة أو هراوة يصل طولها إلى مترين كاملين كما ظهر بالمشهد .. كما أن مشهد زجاجات البيرة المقذوفة في ساحة جامعة الأزهر مما يثير الاشمئزاز من ضحالة أسلوب الكاتب في سبك كذبه.
والبلطجة عند الانتخابات طريقة معروفة للحزب الوطني والحكومة والمحسوبين عليهم، ولم يستح المؤلف الساقط أن يقلب الأوضاع ويجعلها وسيلة الإخوان فقط.
في حين جاء المشهد مبينا لطلاب الاتحاد الموالي للأمن كأنهم حملان وديعة طيبة تتلقى صفعات الإخوان الأشرار بمنتهى الطيبة، وأنهم لم يشتبكوا معهم إلا على طريقة رد الفعل!
يا أهل العقل .. في أي منطق يتحول الناجح بالتزوير والمدعوم من عناصر الأمن المتوحشة إلى مظلوم برئ وديع؟ فكأن الكاتب يريد للمشاهد أن يتعاطف من تلك الطغمة من الطلاب الفاسدين أخلاقيا.
هذا ما جال في نفسي تلك اللحظة .. أردت أن أشهد بها شهادة حق عايشت أحداثا مماثلة لها أيام الجامعة، ولم يكن الإخوان بتلك الصورة أبدا ولا يفكر أحدهم في رفع يد على زميل أو عامل في الجامعة .. بل كان التواد والتراحم هم الوصية الأولى عند انطلاق المظاهرات إلى الساحات.
ولعلي أعاود الكتابة في هذا الموضوع عندما يجد عندي جديد، أثناء متابعة حلقات تلك الأكذوبة.
-------------------------------------------
(*) ثَغَا .. من الثُّغَاء وهو صوت الغنم.