كان طارق لا يزال يتابع برنامج الساحر... وفجأة تغيرت ملامح الساحر، و بدا كأنه يوجه نظراته إلى طارق بالذات. عقد طارق حاجبيه في شك ظنا منه أنه يتخيل، لكن الساحر هتف به :
ـ أنت... يا ولد!
تلفت طارق حوله في ارتياب، لكن الساحر لم يمهله، و بحركة بهلوانية رشيقة قفز خارج الشاشة ليقف أمامه مباشرة! ذعر طارق وهب واقفا وهو لا يكاد يصدق ما يرى... لكن الساحر تابع :
ـ ألا تخجل من نفسك؟ كيف تخاطب والدك بهذا الإهمال؟ ثم هل عملت بما أوصاك؟ انظر إلى النافذة... لقد تأخر الوقت وحل الظلام و أنت لم تقم لأداء صلاتك بعد!
في تلك اللحظة تناهى إليهما صوت آخر يأتي من ناحية الجهاز... صوت مألوف بالنسبة إلى طارق :
ـ معك حق أيها الساحر... أنا أيضا لم تعجبني تصرفات طارق!
التفت طارق ليجد قائد فريقه المفضل في كرة القدم يظهر على الشاشة وهو لا يزال يرتدي بدلته الرياضية المميزة. وفي لمح البصر، كان هو الآخر قد قفز في خفة ولياقة ووقف قبالة طارق بعد أن اخترق الواجهة البلورية دون أن يكسرها! اقترب منه طارق في انبهار ومد يده إليه ليلمسه و هو يهتف :
ـ هل أنت حقيقي؟
(http://www.freewebs.com/fileshere/photos/First-story/Capture2.jpg)
كان الخوف قد ذهب عنه وحل محله الفضول والانجذاب القديم نحو شخصياته المفضلة التي زارته في منزله دون سابق موعد... تجاهله اللاعب الشاب و هو يقول في حزم :
ـ أنا أيضا شاهد على سوء معاملتك لوالديك وعدم طاعتك لهما... كيف تترك والدتك تخرج إلى البقال لشراء الحاجيات، في حين تجلس أنت أمام التلفاز في لامبالاة؟ و ماذا لو فاتتك الحلقة... يمكنك مشاهدة الإعادة... في حين أن رضا والدتك عنك لا يتحمل الإعادة! انظر إلي و إلى مهارتي وشهرتي... هل كنت لأحقق شيئا لولا رضا والدي عني؟ طبعا لا!
ـ و لا تنسوا أمرا هاما!
التفت الجميع إلى مصدر الصوت ليكتشفوا القادم الجديد الذي أخذ مكانه بينهم بدون أن يشعروا بوجوده... إنه البطل الهمام الذي ينقذ الضعفاء و يقف في وجه الأشرار دائما! بطل الشريط المصور الذي يدمنه طارق أكثر من أي برنامج آخر!
ـ دراستك يا صديقي! رأيتك وأنت ترمي حقيبتك المدرسية منذ وصولك... و ها أن النهار قد انقضى وأنت لم تتحرك من مكانك، ولم تراجع دروسك!
طأطأ طارق رأسه خجلا أمام الشخصيات التي يحبها ويتابعها كل يوم بكل لهفة... لكنه كان خجلا من نفسه، لم يرد أن يكون لقاؤه الأول بهم بهذا الشكل... هل بقي لديه أمل لكسب صداقتهم؟
ـ اسمع...
(http://www.freewebs.com/fileshere/photos/First-story/done-all-+-gif.jpg)
رفع رأسه حين تكلم الساحر:
ـ نحن يسعدنا أنك تحب برامجنا وتتابعها... ولكننا نريد مصلحتك... ولا نود أن نكون السبب في ضياعك...
هز طارق رأسه متفهما فبادره اللاعب الرياضي :
ـ إذن، هل أنت مستعد لتغيير تصرفاتك؟
هز رأسه من جديد في حركة سريعة معبرا عن موافقته. نظر إليه بطل الشريط المصور و قال :
ـ وما الذي ستفعله الآن؟
ـ سأقوم بدروسي... و أطيع والدي وأسمع كلامهما...
عقد الساحر حاجبيه وهو يقول :
ـ ألم تنس شيئا؟
حك طارق رأسه متفكرا ثم هتف :
ـ الصلاة... نعم!
ـ نعم أحسنت... لا تنسى أننا نراقبك... وأن الله يراقبك!
ـ طارق، طارق، استيقظ... هل أديت صلاتك؟
فتح طارق عينيه بصعوبة، كانت أمه تهزه في رفق. تطلع إلى النافذة : الحمد لله لم تغب الشمس بعد! لكن شخصياته المفضلة كانت قد اختفت... التلفاز لا يزال مفتوحا ويعرض نشرة الأخبار.
ـ طارق، هل صليت العصر؟
وقف طارق في سرعة و فرك عينيه ليطرد آثار النوم
ـ سأذهب حالا يا أمي... ولن أتخلف عن صلاتي مستقبلا... وأعدك بطاعتك وطاعة والدي... وسأهتم بدراستي أيضا...
نظرت إليه أمه في حيرة في حين قبّلها طارق بسرعة قبل أن ينهض للوضوء وعلى شفتيه ابتسامة عريضة... لقد كان حلما جميلا!
(http://www.freewebs.com/fileshere/photos/First-story/done-gif.jpg)
كتابة: خولة
رسم وتلوين: رانية وسفينة وزينب