تقدم الجد نحو المنحدر وانحنى ليراقب سطح الماء، فرأى مجموعات من السمك تقترب رويدا رويدا وتطفو دون حراك وقد فارقتها الحياة! وما لبث أن لاحظ بقعا زيتية كئيبة اللون...
طاردته سمر في إصرار :
ـ جدي... كيف تموت السمكة في الماء؟
تنهد الجد وهو يستعد للشرح :
ـ السمكة تعيش في الماء لأنها تجد في محتوياته الطبيعية ما يتلاءم وحاجيات جسدها من الهواء والغذاء الضروري... مثلما يجد الإنسان والحيوانات البرية ما يناسبهم على اليابسة... فإذا فقد الماء خصائصه الطبيعية الهامة التي تحتاجها السمكة، مثل تلوث الغذاء أو نقص الهواء، فإنها تموت...
(http://www.freewebs.com/fileshere/photos/Third-story/SelmaB5.jpg)
عقدت سمر حاجبيها وأخذت تفكر :
ـ مثلما يموت الإنسان إذا كان الطعام فاسدا... أو يختنق في غياب الهواء...؟
أومأ الجد برأسه موافقا ثم تطلع إلى السيل المتدفق وهو يتساءل : من أين أتت بقع الزيت تلك؟
ـ تعالي...
تبعت سمر جدها بخطى حثيثة وهو يصعد التلة الصغيرة من حيث يصب الجدول. فجأة توقف وهو يتأمل قناة صرف تصب مباشرة في الجدول
هتفت سمر في استنكار و هي تشير إلى حيث ينظر جدها :
ـ أرأيت يا جدي؟ ماء ملوث يختلط بماء الجدول النظيف!
راحا يراقبان السوائل الكيميائية وهي تتحلل بسرعة في الماء الذي تغير لونه مائلا إلى الصفرة، في حين تتكون بقع الزيت تدريجيا وتطفو على السطح وتنتشر مع السوائل السامة في سرعة رهيبة
تنهد الجد في مرارة وألم وهو يتمتم :
ـ انتهت رحلة الصيد...
لكن سمر هتفت في انفعال :
ـ من الذي وضع هذه القناة هنا؟ إنها تلوث ماء الجدول وتقتل الأسماك!
رفع الجد نظره إلى البناء الشاهق الذي يظهر من وراء الغابة : المصنع الجديد! إنه المسؤول عن هذه المأساة.
رفعت سمر رأسها بدورها، فتحول انفعالها إلى غضب وعداء تجاه ذلك البناء و كل من فيه :
ـ جدي... يجب أن نفعل شيئا! إنهم يحرموننا من رحلة الصيد... ويحرمون الأسماك من الحياة!
هز الجد رأسه موافقا و قال في حزم :
ـ أنت على حق يا سمر... لا يجب أن نسكت عن حقنا في بيئة نقية!
جمعا حاجياتهما في حزن وأسى. ثم سارا في طريق العودة وسمر لا تتوقف عن التهديد والوعيد...
أما الجد فكان يفكر في زيارته القريبة لرئيس بلدية المنطقة...
كتابة: خولة
رسم: سُفينة
تلوين: زينب