في بقعة أرضية , ظهر مخلوق غريب , ريشه ريش نعام , عنقة عنق أسد بلغده المشعر , أقدامه حوافر حصان , أذناه كبيرتان كأرنب بري , و انفه أنف قرد يحيا فوق شجر الأنهار , ذلك المخلوق العجيب لا يرى و لكن يراقب , لا يسمع و لكنه يمد اذنه الأرنبية و يهزها كما القطة حين تنصت إلى صوت خشخشة فأر , كم أنعش جدل العلماء , فهل هو من الثديات ؟ , أم أن تلك الخياشيم النامية على جنبيه تثبت إنتماءه إلى عالم البرمائيات , أثار ذو الشكل المحير تساؤلات العلماء , فأسروه ذات ليلة على حين غفلة من شمس الصباح , و تم إحضاره إلى غرفة حوائطها ناصعة البياض , مليئة بالمعدات الحديثة و الأجهزة المعقدة الباهظة الثمن , قام احد العلماء بأخذ عينة من نخاعه الشوكي , و قام الآخر بنتف بعض من شعر اللغد , أما الثالث فقد وقف يراقب و يكتب عن ردود أفعاله باهتمام بالغ, و لكن الرابع لم يكتف بالمشاهدة فقد غرز إبرة رفيعة في فخذه ليسحب كمية لا بأس بها من دمائه الغالية , و بعد ساعات تم وضع كل هذه المخلفات تحت عين مجهرية , فما زادتهم عينهم المكبره إلا حيرة على حيرتهم , فالدم لا يظهر عليه انه من أي فصيلة معروفة , و الشعر يبدو أنه مختلف عن شعر أي من كائنات الأرض ... توافدت الأنباء عن المخلوق الغريب , و تابع الجميع باهتمام أخباره على محطات التلفاز المختلفة , حتى جاء اليوم الذي اكتشف فيه العلماء سر هذا المسخ , و قد أظهروا فخرهم و سعادتهم عن طريق بث خبر إعلان كشفهم لنتيجة تحليلاتهم الحديثة الرائعه , و في برنامج أغرب الكائنات في محطة علمية ظهر مكتشف المسخ و على وجهه ابتسامة نصر , تكلم في مقدمة البرنامج عن الحياة البرية و أهمية الحفاظ على البيئة , كان البرنامج يتم متابعته في كل البيوت حتى في ذلك الحي الراقي , حيث جلس بعض أفراد أسرة ثرية متسمرين أمام تلفازهم الكبير ذو الشاشة المسطحة , لكن في الحديقة الخلفية كان يحدث أمر مختلف , هناك صوت حفيف شجر , لاحظه بواب الفيلا , توجس خيفة , أحضر مصباحا كهربائيا , و أطلقه نحو زرع الحديقة الغناء , لكن رد عليه سكون طويل , بألا شيئ هناك , فتابع البواب نومه تحت دثار السماء , و بينما يداعب النوم مقلتيه , إذا بصوت الحفيف ينفض عنه النعاس , فيهب فزعا , و يتصنع الشجاعه لينادي : من هناك , يتمسك بمصباحه , و يظهر عصاه , يتجول في الحديقة يبحث عن متطفل أو سارق , لكنه فوجئ تحت نخلة الحديقة الغناء , بوجود مخلوق عجيب الشكل , شعره شعر قنفذ , ساقه رفيعة كساق غزال , عينه ذابلة كعين جرو حزين , و جسده هزيل كجسد هر لم يأكل منذ ايام , كان مخلوق غريب لكنه أيضا طفل إنسان ... بيئته الطبيعيه شارع , يبني بيته تحت أعمده الإنارة , ينام و الضوء يحميه من غدر الأيام , لكن من يحمي معدته من جوع الأبدان و بينما يقوم البواب بطرد طفل الشوارع من الفيلا الفاخرة كان في التلفاز العالم قد أعلن عن سر اكتشافه الرائع , و قد احضر معه المسخ و الجميع يحملونه بحرص شديد ودلال , اختلط تصفيق الجميع لعبقرية العلماء بصوت يد البواب التي صفعت الفتى قبل أن تدفعه خارج سور الفيلا .
العنوان: رد: المسخ
أرسل بواسطة: زمرد في 2012-05-29, 17:59:31
:emoti_133:
ماشاء الله .. رائعة هي قصتك ، مرة هي الحقيقة ولا حول ولا قوة الا بالله .
::ok:: ::ok:: ::ok::
بالتوفيق
[/font]
العنوان: رد: المسخ
أرسل بواسطة: بسمة ذياب في 2012-05-29, 21:44:36
مفارَقة بليغة ...
أبدعت يا أسيرة الصفحات.
العنوان: رد: المسخ
أرسل بواسطة: زينب الباحثة في 2012-05-30, 23:59:58
::ok:: :good: ::ok:: :good:
جميلة أبدعتِ
العنوان: رد: المسخ
أرسل بواسطة: أسيرة الصفحات في 2013-04-11, 14:24:36