جارية ... فملكة ... فقاتلة مقتولة
حسناء جميلة , لها من الذكاء الحاد الفطنة , الفتنة , العلم و المعرفة بالقراءة و الكتابة و الخط مع موهبة الغناء ما نال اعجاب الكثيرين بها عندما تعرض في سوق النخاسة , لم يكن بيد الملك نجم الدين من خيار امامه عندما رآها الا ان يشتريها و يجلعها في موضع المنزلة الرفيعة , فامتلكت قلبع و عقله بحسنها و علمها و رزانتها , و لم يمر الوقت الكثير الى ان اصبحت رفيقة الدرب و أم الإبن خليل ...
في يوم من الأيام وردت الى الملك نجم الدين انباء من القاهرة تحكي بأن اباه الملك كامل عين اخاه الصغير ابو بكر و يسمى بـ(الملك العادل) وليا للعهد بدلا منه , فقرب ام (الملك عادل) الى قلب الأب كان اقوى من قرب أم الملك نجم الدين الى ابيه , فاستطاعت بتأثيرها و قوة اقناعها ان يعدل عن قراره و يعين ابو بكر , و قد عُرف عن ابو بكر بالأخ الطائش الذي لا ينفعه تولي مقاليد الأمور لصغر سنه و عدم نضوجه ...
لم يستطع الملك نجم الدين تمالك نفسه , حيث كانت الدولة معرضة للخطر و الضعف من كل الجوانب , ينظر اليها الأعداء كأنها كنز من ذهب يتلهفون الى سرقته , فأقسم الملك نجم الدين بتوليه الخلافة من بعد ابيه و انها لن تكون لغيره , فرأى في نفسه الرجل العادل المناسب لحماية الدولة و تولي مقاليد الحكم فيها , فبدأ بالمقاومة ...
و خلال كل تلك الظروف المعتمة , كانت الحسناء التي تزوجها الملك نجم الدين الشمعة المضيئة له في مواجهة مشاكله , فقامت بتشجيعه و تأييده و مثلت في نفسها نعم الزوجة و مؤنسة الدرب في مساعدتها له لإسترجاع حقه , و فوق كل هذا انارت حياته بشمعة صغيرة اخرى , انجبت له الإبن خليل ...
جعل الملك نجم الدين القاهرة نصب عينيه و توجه اليها مع زوجته و ابنه و جنوده العشرة , و لكن للأسف لم يكن الطريق خاليا من الإعاقات و المشاكل جيث انقض عليهم جيش الملك الناصر داوود ابن عم الملك نجم الدين فكان العام 63 هـ الذي تم اسر الملك نجم الدين و من معه فيه سبعة اشهر من قِبل ابن عمه عاما يمثل الحزن و الهموم للملك فترك اثرا في قلبه مهاجمة ابن عمه له و هو من لحمه و دمه ...
كان الملك الناصر ابن عم الملك نجم الدين خلال هذه الفترة يساوم الملك العادل في القاهرة على الأمير نجم الدين , و لكن من جهة أخرى كانت زوجة الملك نجم الدين هي جابرة الكسر و مصدر التفاؤل و موفرة لكل اسباب الراحة , حتى لا تشعر زوجها بالضعف و الهون و الخيبة , فكانت له الزوجة الحنون و العطوف خلال مدة الأسر ...
لم يكن بمقدور الزوجة الجلوس مكتوفة الأيدي , فقررت وضع خطة تساعد فيها زوجها ... و ذلك بأنها ذهبت الى آسرهم الملك الناصر و اتفقت معه على اطلاق سراح زوجها مقابل استيلائه على عرش مصر و من ثم يقدم له عرش الشام و نصف الخراج , و بالفعل تمت هذه الاتفاقية و اطلق سراح العائلة و سار بهم الملك نجم الدين الى القاهرة حيث هزم هناك اخاه العادل و اسره في قلعة صلاح الدين ...
و هكذا بلغت الزوجة مرادها حيث قاسمت زوجها و مظاهر المجد و السلطة ...
اكتسبت هذه الزوجة مهارات عديدة في تسيير جيوش الحرب من خلال تجربتها مع زوجها , و برز ذلك الأمر عندما تعرضت مصر للحملة الصليبية السابعة الذي كان على رأسها الملك لويس التاسع و الذي كان من اسباب شنه لهذه الحملة هو نذره عندما كان مريضا , فقد نذر انه سيتعرض لمصر اذا كان الشفاء آخرة مرضه , فجهز جيشه و استعد لشن تلك الحملة ...
و في هذه الأثناء كان الملك نجم الدين مريضا طريح الفراش , إلا انه كان على اهب الإستعداد و ولّى الأمير فخر الدين المنصورة نزولا عن رغبة زوجته و جعل المنصورة مركزا للقيادة العامة ...
تجلى لنا في هذا الموقف حسن تدبير الزوجة لشؤون الحرب و لائها الشديد لزوجها , و أقسمت له بموت الصليبيين في هذه الحملة , و عند وصول الغزاة الى مصر , ذكر لنا التاريخ موقفا رائعا تتجلى فيه انعدام الأنانية و التضحية بالمشاعر , حيث أخفت الزوجة وفاة زوجها الذي فتك به مرضه , فتعالت على أحزانها و قدمت مصلحة البلاد امام مصلحتها بإدراكها لخطورة هذا الموقف العصيب , فأمرت بحمل جثته سرا في سفينة الى قلعة الروضة بالقاهرة , و لكي لا يشعر احدا بالأمر , امرت الأطباء ان يدخلوا كل يوم الى حجرة السلطان كعادتهم و كانت تأمر بإدخال الأدوية و الطعام و الشراب الى الغرفة كما لو كان حيا يرزق , كما امرت بإستمرار الأوراق الرسمية التي تخرج كل يوم و عليها علامة السلطان ...
أصبحت الزوجة هنا في الساحة وحيدة بدون زوجها الملك نجم الدين , و كانت خير مثال يحتذى به في ترتيب امور الدولة و ادراة شؤون الجيش الذي عهدت للأمير فخر الدين بتوليه (الامير فخر الدين كما ذكرنا سابقا هو الذي ولاه الملك نجم الدين الراحل على المنصورة) في القتال , فتمكنت من مساعدة الجيش المصري على النجاح و رد العدوان الصليبي و الحاق خسائر فادحة بالصليبيين و حفظت الزوجة السلكنة الى ان أدركت ضرورة تواجد بديل لزوجها على كرسي السلطنة فأرسلت الى (توران شاه) ابن زوجها تحثه على القدوم ليتولى السلطنة بعد ابيه الراحل ...
بعد النصر و الفوز و الفلاح , حدث ما لم تكن تتوقعه الزوجة , حيث تنكر لها توران شاه و بدلا من ان يرد لها الجميل غدا يهددها و شرع بالطالبة بمال ابيه نجم الدين فلم تكن له بمجيبة الا انها انفقته في تدبير شؤون الحرب , و لكن توران شاه لم يكتف بما فعله انما امتد جشعه و حقده على الأمراء اصحاب الفضل الأول في تحقيق النصر و الفوز و التحرير من يد العدو الصليبي في حملته السابعة , و بدأ توران شاه يفكر في التخلص منهم , و لكن الأمراء كانوا اقوى منه فقتلوه و ذلك لعدة اسباب منها ما تظهر فيه مظاهر المروءة و الشهامة و ذلك بغيرتهم على الزوجة حيث كانت من شعبهم فلم يرضوا لها الذل و الهوان ...
جاء الوقت بعد التخلص من كل تلك المشاكل لتعيين سلطان جديد في المنطقة , فبدل انا يختاروا واحدا منهم لتولي هذه المهمة سارعوا بإختيار زوجة الملك نجم الدين لتولي هذا المنصب الرفيع , فنقش اسمها على السكة و هي النقود بالعبارة (المستعصية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل امير المؤمنين) ...
تولت الزوجة مقاليد الحكم الذي ابدت فيه البراعة في القبض على زمام الأمور و ادراة و احكام ادراة شؤون البلاد , فكان اول عمل ابدت له الإهتمام الكبير هو تصفية وجود الصليبيين في البلاد , و كعادتها انهت الأمر بذكائها و اتفقت مع ملك فرنسا لويس التاسع الذي كان اسيرا في دمياط على اخلاء سبيله و سبيل من معه مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة الف دينار , فيدفع نصفها قبل رحيله عن البلاد و النصف الاخر بعد وصلوه الى عكا , و لم تكتفي الزوجة بذلك بل ارغمته على التعهد بعدم العودة الى سواحل الإسلام مرة اخرى ...
يا ترى ان تولت امراة في زماننا هذا مقاليد حكم دولة اسلامية , هل ستسطيع النجاح و اظهار البراعة و الحكمة و الذكاء :emoti_17: ؟!! (اترك السؤال للمناقشة ::)smile:)
مع الأسف الشديد كان سبب قصر فترة حكم زوجة الملك نجم الدين سببا نتطلع اليه الان بمنظر التراجع و الخلو من الحضارة , مما ادى الى انتهاء حكم الزوجة بعد فترة قصير من تعيينها و ذلك على الرغم مما ابدته من براعة و ذكاء و حكمة في تدبر الأمور , و لكن سد طريقها ذلك السبب , و هو المعارضة الشديدة داخل البلاد و خارجها و خرج المصريون في مظاهرات غاضبة من جلوس امرأة على كرسي السلطنة حيث زاد ذلك معارضة العلماء ولاية المرأة لمقاليد الحكم و الإدارة ...
ما بالي , نسيت اهم معارضة و هي معارضة الخلافة العباسية لتولي امراة مقاليد الحكم , حيث كتب الخليفة لهم رساله بصراحة الأمر اضحكتني :emoti_282: و اغضبتني في نفس الوقت :emoti_25: ... (ان كانت الرجال قد عدمت عندكم فاعلمونا حتى نسير لكم رجلا)
ذلك بالإضافة الى غضب الأيوبيين في الشام لمقتل توران شاه ...
تكاتفت كل تلك الأسباب على زوجة الملك نجم الدين , فلم يكن بمقدورها الا التنازل و اعطاء الكرسي للأمير عز الدين ايبك , و لكن الزوجة كما عهدناها بفطنتها و ذكائها وضعت خطة لإعادة منصبها اليها و لكن لنقل بشكل غير مباشر , فتزوجت عز الدين ايبك و شاركته كرسي العرش و مقاليد الإدراة و الحكم على البلاد فأخضعته لسيطرتها و غصبته على ترك زوجته الأولى و ابنه , حيث بلغت سيطرتها القوية عليه على امور السلطان و يقال عنها انها كانت مستولية على ايبك في جميع احواله , ليس له معها كلام , و ايضا في صراحة الامر اضحكتني هذه المقولة , ردت على الشعب بذكائها و استلمت مقاليد الحكم من جديد بطريقة او بأخرى , شاطرة .
و لكن بعد فترة لا تذكر احكم ايبك قبضته على البلاد و تمرس بغدراة شؤون الدولة , كما قرر اتخاذ خطوة جديدة ادت الى اغضاب زوجة الملك نجم الدين الراحل كثيرا و هو البدء في خطوات الزواج من ابنة بدر الدين لؤلؤ , و مثل النساء اللواتي فطرهن الله على فطرة الغيرة (ان كيدهن عظيم) استدرجته تسترضيه و تتلطف معه و تطلب مسامحته , :emoti_389: و طبعا كأي رجل عقله صغير مثل الأطفال صدق ايبك خدعتها و استجاب لها ::nooh: , حيث لقي نهاية المطافي في رحلة حياته على يدها ...
نشرت زوجة الملك نجم الدين ان ايبك قد مات فجأة في الليل و لكنهم لم يصدقوا كلمة مما قالت و قبضوا عليها و أرسلوها الى امرأة ايبك التي امرت جواريها بقتلها بعد ايام قليلة , بعد ذلك القوا بها من فوق سور القلعة و دفنت بعد عدة ايام ...
و قال بعضهم انها ماتت بعض الضرب المتواصل بالقباقيب , طريقة اعدام جميلة من المتوقع اقتراحها في الدول المتقدمة اليس كذلك ::ok:: ؟!!
هكذا عاشت زوجة الملك نجم الدين , مكرمة و ذات نفوذ قوية , عاشت حياة ما زالت تروى بين الناس و يتمنى اكثر النساء لو كانوا بشخصيتها مما تميزت به من ذكاء و فطنة و دهاء و حيلة , غير ان الكبرياء و الغيرة التي دفنته في قلبها جعلها تستخدم كل ما لديها من مميزات ساعدت البلاد في التحرر على الإنتقام الذي قتلها في نهاية المطاف و جعل خاتمتها ذليلة و مهينة بعد ان عاشت حياة القوة و الكرامة , فسقطتت من قمة الشهرة و القوة الى اسفل الذل و الهوان ...
و ستظل المرأة عقلها ناقص مهما امتلكت من قوة , و لا تفسروا اخر جملة كذم للمرأة :emoti_138: , في التفسير لم ياتي هذا الكلام لذمها :emoti_317:
تمت
اعتقد ان القصة في غااااااااااااااااية السهولة :emoti_389: , و انا متأكدة انكم عرفتم البطلة من بداية القصة :emoti_282:
من هي يا ترى :emoti_17: ::)smile: ؟!!
اسمها شجرة الدر
أنا بحب الأمانة والصدق :emoti_282:
السلام عليكم
انا اسفة بس بجد اول مرة اشاهد الموضوع وبصراحة كان سهل لكن اهوه راحت علينا واخذتها ارزة. ::cong:
بالتوفيق